الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفةشؤون دولية

بعد إحياء ذكرى رحيله.. نابليون ديكتاتور فرنسا أم بطلها؟

كيوبوست

في خطوةٍ مثيرة للجدل، أحيا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذكرى الـ200 لرحيل الإمبراطور الفرنسي والقائد العسكري نابليون بونابرت، قائلاً إن الإمبراطور السابق “جزء منَّا”، كما وضع ماكرون إكليلاً من الزهور على قبر نابليون في مجمع “”Les Invalides في باريس، بعد إلقاء كلمة في معهد فرنسا.

واعتُبرت خطوة الرئيس الفرنسي جريئة، بعد إحجام أسلافه من الرؤساء عنها؛ لأن نابليون يُعتبر شخصية جدلية في فرنسا، والآراء منقسمة حوله؛ فهناك مَن يراه بطلاً وقائداً عسكرياً فذاً، وآخرون يقللون من مكانته؛ لأنه أعاد العبودية التي أنهتها الثورة.

ونابليون بونابرت إمبراطور فرنسي وقائد عسكري، من أصول إيطالية، تمكن من غزو معظم أوروبا في القرن التاسع عشر، ولد بتاريخ 15 أغسطس 1769 بجزيرة كورسيكا بالبحر المتوسط.

اقرأ أيضًا: العبودية اليوم.. مئات المعاهدات وعشرات ملايين المستعبدين

نابليون بطلاً؟

يرى جزء من الشعب الفرنسي نابليون بونابرت، الذي بدأ حياته العسكرية بعمر الـ16، بطلاً قومياً، لأسبابٍ عديدة؛ منها ما هو سياسي- عسكري، ومنها ما هو داخلي متعلق بالتعليم والثقافة والقانون، وأبرز إنجازات نابليون بالنسبة إلى الفريق المعجب به أنه وسَّع مساحة الإمبراطورية الفرنسية، جاء ذلك كله بعد أن دخلت فرنسا منذ عام 1792، في صراعاتٍ عسكرية مع دولٍ أوروبية مختلفة، وصف على أثرها بأنه “قاهر أوروبا”.

 ولأن نابليون كان عسكرياً متحمساً وطموحاً، قاد عام 1796 الجيش الفرنسي، وتمكن من هزيمة النمسا، غريمة فرنسا، في سلسلةِ معارك في إيطاليا؛ ما اضطر الأولى إلى توقيع معاهدة “كامبو فورميو” عام 1797 مع فرنسا.

نابليون بونابرت- نقلاً عن history

ولم تكن تلك الهزيمة الأخيرة للنمسا على يد فرنسا بقيادة نابليون؛ فقد هزمها مرة أخرى في يونيو 1800، في معركة “مارينغو” في إيطاليا، ثم غلبها، إضافة إلى الروس، في معركة “أوسترليتز”، والتي أدت إلى سيطرة فرنسا على معظم أوروبا القارية، ومرة أخرى في معركة “فغرام”، وفي عام 1807، انتصر على الروس في “فريدلاند” في بروسيا؛ مما أجبر القيصر الإسكندر الأول للتوقيع على معاهدة تيلسيت.

كانت فرنسا مع كل انتصار يليه توقيع اتفاقية، تحقق مكاسب إقليمية جديدة، وتزيد من مساحة الأراضي التي تسيطر عليها ضمن حروبها التي عُرفت بـ”الحروب النابليونية” (1803- 1815)، وفي عام 1806 سعى نابليون إلى شنّ حرب اقتصادية ضد بريطانيا؛ فقام بإنشاء ما يسمى بالنظام القاري لحصار الموانئ الأوروبية ضد التجارة البريطانية.

اقرأ أيضاً: سبارتاكوس.. العبد الذي انقلب على عبوديته

وإلى جانب طموحاته التوسعية، أجرى نابليون إصلاحاتٍ في فرنسا، كإدخال تغييرات على التدريب العسكري، وأعاد هيكلة الأنظمة المصرفية والتعليمية، ودعم الفنون والثقافة، وحسَّن العلاقات بين فرنسا والبابا، واستحدث قانون نابليون، وهو قانون مدني أقر بعد الثورة، ويضم مجموعة قوانين متعلقة بالملكية، والشؤون الاستعمارية، والأسرة وحقوق الفرد.

ديكتاتور فرنسا

على الجانب الآخر، يرى جزء من الفرنسيين أن نابليون رحل مخلفاً وراءه وصمة عار، بعدما أعاد العبودية عام 1802؛ لكونه وقَّع قانوناً يلغي قانون إلغاء العبودية، أحد إنجازات الثورة الفرنسية، وهو بذلك تناقض مع روح الثورة التي طالبت بالمساواة والعدالة الاجتماعية، جاعلاً من فرنسا الدولة الوحيدة التي أعادت العبودية بعد حظرها، وهي الخطوة التي وصفها ماكرون، خلال إحياء ذكراه، بأنها كانت “خطأ، وخيانة لروح التنوير”.

إيمانويل ماكرون وزوجته بريجيت خلال احتفال الذكرى المئوية الثانية لوفاة نابليون- كريستوف بيتي تيسون- “أسوشييتد برس”

ومع أن نابليون شارك في عام 1795 في قمع تمرد ملكي ضد الحكومة الثورية في باريس، وبناء عليه اكتسب شعبية جماهيرية، وتمت ترقيته إلى رتبة لواء، وكان مؤيداً للمؤتمر الوطني، والهيئة الحكومية الجديدة في فرنسا في أعقاب الثورة الفرنسية، إلا أنه ناقض توجهاته الثورية، عندما شارك في نوفمبر 1799 بانقلاب 18 برومير، وهو انقلاب أسقط حكومة المديرين الفرنسية (1795- 1799)؛ وهي الحكومة التي عُيِّنت من قِبل الجمهورية الفرنسية الأولى خلال الثورة، وقام بالاستعاضة عنها بحكومة القناصل (1799- 1804) التي كانت مكونة من ثلاثة أعضاء، وكان نابليون القنصل الأول فيها.

أصبح نابليون القنصل الوحيد في الحكومة، بينما نصَّب نفسه بعدها إمبراطوراً على فرنسا عام 1804، ليتحول من داعم للثورة إلى ديكتاتور وطاغية، حسب منتقديه؛ فقد أعاد تأسيس أرستقراطية فرنسية، وأعطى ألقاب النبلاء للمقربين منه، مساهماً بطمس فرصة تشكل ديمقراطية فرنسية، مع العلم أنه انضم خلال شبابه المبكر إلى مجموعة اليعاقبة السياسية التي كانت تؤيد الديمقراطية.

اقرأ أيضًا: أوبئة الحروب.. هزمت أثينا وقضت على جيش نابليون

أما ما يجده الفريق الأول إنجازاتٍ؛ مثل قيام نابليون، ومن خلال سلسلة من الحروب، بتوسيع إمبراطوريته بطول أوروبا الغربية والوسطى، فيصفها الفريق الثاني بأنها أطماع استعمارية قائمة على أساس عنصري، ارتدَّت في النهاية على فرنسا.

وقد مثَّلت معركة “واترلو”، التي وقعت في بلجيكا يوم 18 يونيو عام 1815، الهزيمة الأخيرة لنابليون بونابرت على يد الجيشَين الإنجليزي والبروسي، ونهاية الهيمنة الفرنسية على أوروبا، بعدما نفاه المنتصرون إلى “سانت هيلانة” النائية في جنوب المحيط الأطلسي، وتوفي فيها بتاريخ 5 مايو 1821م عن عمر ناهز 51 عاماً.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة