الواجهة الرئيسيةحواراتشؤون خليجيةشؤون دوليةشؤون عربية
بشار جرار لـ”كيوبوست”: الدبلوماسية الإماراتية تستخدم لغة هادئة بعيدة عن التهويلات الإعلامية

كيوبوست

أكد المحلل السياسي الأمريكي والمحاضر غير المتفرغ في برنامج الدبلوماسية العامة بالخارجية الأمريكية، بشار جرار، أن الدبلوماسية الإماراتية تستخدم لغة هادئة بعيدة عن التهويلات الإعلامية، مشيراً إلى أن الزيارة الأخيرة التي قام بها مستشار الأمن الوطني الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد، جاءت كإحدى نتائج هذه الدبلوماسية.
وتوقع جرار، في مقابلة خاصة مع “كيوبوست”، أُجريت قبل أعياد الميلاد، أن تنتهي المفاوضات مع إيران إلى اتفاق، مؤكداً أن احتمالية مهاجمة إسرائيل منفردةً لإيران تبقي قائمة؛ لكن وَفق شروط محددة، وإلى نص الحوار.
* كيف تقرأ الزيارة الأخيرة التي قام بها مستشار الأمن الوطني الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد إلى إيران الشهر الماضي؟
– تتسم الدبلوماسية الإماراتية بالهدوء في التعامل مع كل ما يمس مصالحها، وعندما نتحدث عن إيران بالنسبة إلى الإمارات، فنحن نتحدث عن دولة جوار في المنطقة لها أهمية استراتيجية. وهناك اهتمام إماراتي يتسق باستراتيجية التعامل مع قضايا التنمية، وهو أمر تضعه الإمارات بدائرة اهتماماتها منذ تأسيسها بشكل واضح، ويتسق مع ترسيخ سياسة التعايش والتصالح مع الذات التي توليها اهتماماً كبيراً في الوقت الحالي، وإيران دولة بالنسبة إلى الإمارات لا يمكن تجاهل وجودها جغرافياً رغم الخلافات الأيديولوجية والسياسية؛ لكن في النهاية الموقع الجغرافي يفرض ضرورة وجود علاقات ثنائية وإقليمية جيدة، ودائماً ما كانت بوصلة الإمارات نحو جيرانها هي لغة الحوار التي أسفرت في السابق عن اتفاقيات إبراهام مع إسرائيل.
اقرأ أيضًا: الإمارات.. رابع أفضل مكان في العالم للعيش والعمل
* البعض وجد في الزيارة بداية لمرحلة جديدة في العلاقات الإماراتية- الإيرانية؛ خصوصاً مع التصريحات الإيجابية التي صدرت من المسؤولين في طهران؟
– تتعامل الدبلوماسية الإماراتية بلغة العقل والحوار الدبلوماسي الهادئ بعيداً عن التهويلات الإعلامية التي تعمل بعض الدول في المنطقة على استخدامها دائماً، وعندما وصلت الأمور إلى مرحلة من النضج واحتاج الأمر إلى تحرك دبلوماسي، جاءت الزيارة التي تُفهم في إطار تحركات سابقة ولاحقة لها؛ ليس فقط من الجانب الإماراتي، ولكن أيضاً من الجانب الإيراني في ظل وجود قضايا ذات اهتمام مشترك؛ من بينها الملف السوري، وأعتقد أن الأسابيع والشهور المقبلة ستُظهر مزيداً من نتائج هذه الزيارة؛ سواء على مستوى العلاقات الثنائية أو حتى في الانعكاسات على القضايا الإقليمية، الأمر الذي سيعزز من تحقيق السلام.

* لكن ثمة خلافات في وجهات النظر تصل إلى درجة التعارض بملفات عديدة؟
– لا شك أن هناك نوعاً من الترابط في الأزمات؛ سواء في سوريا أو لبنان أو حتى العراق واليمن، فكلها ملفات مترابطة بعضها ببعض، ومواقف إيران فيها معروفة؛ فالأزمة بين الخليج ولبنان على سبيل المثال أكبر من تصريحات وزير الإعلام المُقال جورج قرداحي، والدور الإيراني وصفه الرئيس جو بايدن بـ”الخبيث” في المنطقة، وهناك دور لإيران في اليمن وتأثير على مسار السلام؛ وهذا الأمر من القضايا المحورية، ومن ثم فإن السياسي المحنك هو الذي يبقي أمامه جميع الخيارات مفتوحة، والإمارات نجحت في إحداث “زلزال جيو سياسي” بتوقيع اتفاقيات إبراهيم، والزيارة الأخيرة للشيخ طحنون كانت بمنزلة “نداء سلام” من أبوظبي لطهران، وهذا النداء فُهِم وتم إدراكه بشكل جيد؛ فثمة توافقات في قضايا إقليمية مهمة بين البلدَين، سواء في سوريا أو غيرها، مع تأكيد ضرورة التصدي للإرهاب وإعادة تأهيل الدور السوري عربياً ودولياً.

* قام ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد بزيارة إلى تركيا خلال نوفمبر الماضي، وتبعتها زيارة وزير الخارجية التركي إلى الإمارات، وهناك زيارة أخرى للرئيس التركي إلى أبوظبي الشهر المقبل، كيف ترى هذه الزيارات؟
– زيارة الشيخ محمد بن زايد تنبئ بالكثير؛ فالسياسة عالم متحرك بشكل دائم لا توجد فيه ثوابت، وكما حاولت الإمارات احتواء إيران وسلوكها العدائي، فإن تركيا أيضاً من الدول التي تحركت في المنطقة بكثافة خلال الفترة الماضية؛ تحركات تتعلق بالأمن القومي العربي، وهناك تغيُّر في اللغة التركية تجاه الخليج، وحديث من الرئيس التركي عن الاعتزاز بالعلاقات الخليجية- التركية؛ صحيح أن هناك بعض التحركات التي ستأخذ وقتها لتحقيق الأهداف المرجوة منها، لكنْ في النهاية هناك أفق جديد ولغة سائدة تحمل أحاديث متفائلة.
اقرأ أيضًا: تواصل الإمارات العربية المتحدة مع إسرائيل
* تحدثت عن آثر اتفاقية إبراهيم على السلام في المنطقة، هل ترى أن الزخم لا يزال مستمراً حتى الآن؟
– بالتأكيد؛ هناك تعميق أفقي وعمودي للاتفاقية، فالاتفاقية الدفاعية التي عقدت بين إسرائيل والمغرب نوع من التعميق العمودي للاتفاقية. أما أفقياً، فهناك دول أخرى قاب قوسين أو أدنى من توقيع اتفاقيات سلام مماثلة، وهناك تحركات ونوع من محاولة إحياء عملية السلام بانخراط دول عربية وإسلامية في الاتفاقية، وهناك مجالات تعاون مشتركة يجري توقيع اتفاقيات أخرى فيها.

* ماذا تتوقع بالنسبة إلى المفاوضات الجارية في فيينا بشأن البرنامج النووي الإيراني؟
– لم أشك يوماً في أن إيران ظاهرة صوتية، ولن تجرؤ على الدخول في مواجهة عسكرية؛ لإدراكها أن هذه المواجهة ستكون بمثابة انتحار، وذلك على الرغم من اللغة التي تستخدمها في الإعلام، وفي النهاية سيكون القرار في صالح الجميع.. المسؤولون الإيرانيون سيتخذون القرار الذي لا يضمن التصعيد أكثر مما يمكنهم تحمله، وستخرج المفاوضات بنتائج تضمن حفظ ماء الوجه للطرفين الأمريكي والإيراني.
اقرأ أيضًا: لماذا ترحب الهند باتفاق “إبراهيم”؟
* هل تعتقد أن إسرائيل يمكن أن تتخذ قراراً بمهاجمة إيران عسكرياً من دون موافقة أمريكية؟
– بالتأكيد، لكن إذا ضمنت أنها ستكون ضربة واحدة مؤثرة بناءً على معلومات دقيقة، مع ضمان عدم وجود رد فعل أمريكي أو أوروبي مؤثر على مصالحها نتيجة هذه الضربة، وهذا القرار لن يُتخذ إلا إذ امتلك المسؤولون الإسرائيليون تأكيدات بأن هذه الضربة ستكون كفيلة بإنهاء التهديدات التي يشكلها البرنامج النووي الإيراني على غرار ما حدث في العراق إبان حكم صدام حسين.