الواجهة الرئيسيةشؤون خليجيةشؤون دوليةشؤون عربية
بشار الأسد في أبوظبي للمرة الثانية خلال عام
الجانب الاقتصادي والاستثماري كان حاضراً بقوة في المباحثات بين الرئيسَين.. وهو أمر سيكون له انعكاس على الوضع الاقتصادي في سوريا

كيوبوست
أكد الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بذل جميع الجهود المتاحة لتسهيل عودة اللاجئين السوريين بعزة وكرامة إلى بلدهم، معلناً دعم الإمارات للحوار بين سوريا وتركيا؛ من أجل إحراز تقدم في هذا الملف.
وأكد الشيخ محمد بن زايد، بعد استقباله الرئيس السوري بشار الأسد في أبوظبي، ثقته بقدرة سوريا وهمة أهلها على تجاوز الظروف والانتقال إلى مرحلة جديدة من الاستقرار والازدهار. وقال الرئيس السوري: إن مساعدات دولة الإمارات كانت نوعية، وقدمتها بمحبة وود وأخوة، وتركت أثراً كبيراً في نفوس الشعب السوري.
وهي الزيارة الثانية للأسد إلى الإمارات؛ حيث زارها في مارس 2022، وهي الدولة العربية الوحيدة التي يزورها الرئيس السوري مرتَين منذ عام 2011.

مواقف ثابتة
وعلى حسابه على “تويتر”، ذكر المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي أنور قرقاش، أن موقف الإمارات واضح بشأن ضرورة عودة سوريا إلى محيطها عبر تفعيل الدور العربي، وقال: “هذا ما أكده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، خلال استقباله اليوم الرئيسَ بشار الأسد. يكفي عقد ونيف من الحرب والعنف والدمار، وحان الوقت لتعزيز تعاون وتعاضد دولنا العربية؛ لضمان استقرار وازدهار المنطقة”. وأضاف “نهج الإمارات وجهودها نحو سوريا الشقيقة جزء من رؤية أعمق ومقاربة أوسع؛ هدفها تعزيز الاستقرار العربي والإقليمي وتجاوز سنوات صعبة من المواجهة؛ فقد أثبتت الأحداث المرتبطة بعقد الفوضى وتداعياتها، أن عالمنا العربي أولى بالتصدي لقضاياه وأزماته، بعيداً عن التدخلات الإقليمية والدولية”.
موقف الإمارات واضح بشأن ضرورة عودة سوريا إلى محيطها عبر تفعيل الدور العربي، وهذا ما أكده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد خلال استقباله اليوم الرئيس بشار الأسد. يكفي عقد ونيف من الحرب والعنف والدمار وحان الوقت لتعزيز تعاون وتعاضد دولنا العربية لضمان استقرار وازدهار المنطقة. ١/٢
— د. أنور قرقاش (@AnwarGargash) March 19, 2023
نهج الإمارات وجهودها نحو سوريا الشقيقة جزء من رؤية أعمق ومقاربة أوسع هدفها تعزيز الاستقرار العربي والاقليمي و تجاوز سنوات صعبة من المواجهة، فقد اثبتت الأحداث المرتبطة بعقد الفوضى وتداعياتها أن عالمنا العربي أولى بالتصدي لقضاياه وأزماته بعيداً عن التدخلات الإقليمية والدولية. ٢/٢
— د. أنور قرقاش (@AnwarGargash) March 19, 2023
وتأتي زيارة الأسد؛ وهي أول رحلة رسمية ترافقه فيها زوجته إلى الخارج، منذ أكثر من عقد، بعد أيام قليلة من تصريحاته لتليفزيون “RT”، بأن دمشق لم تعد ساحة للمواجهة السعودية- الإيرانية، كما كانت في مراحل معينة، مرحباً بالانفراجة التي حدثت بين الرياض وطهران.
واعتبر المحلل الإسرائيلي سيث فرانتزمان، في مقاله بصحيفة “جيروزاليم بوست”، أن زيارة بشار الأسد مرتَين إلى الإمارات خلال عام، بمثابة إظهار للتقدم الذي يتم إحرازه؛ خصوصاً بعد زيارته إلى سلطنة عمان الشهر الماضي، ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بموسكو، قبل أيام، مشيراً إلى أن النظام السوري يعتقد في الوقت الراهن أن لديه القدرة على العودة إلى دوره السابق في المنطقة.
وأضاف أن الإمارات عملت على استعادة علاقتها مع سوريا بشكل تدريجي منذ عام 2018، مؤكداً أن استعادة العلاقات باتت تشكل أولوية في الوقت الحالي للقيادة السياسية بالبلدَين.
وكانت الإمارات من أولى الدول العربية التي أعادت افتتاح سفارتها في سوريا عام 2018، وتبعتها البحرين، بينما تعتبر تونس أحدث الدول العربية التي أعادت علاقتها مع دمشق في الأسابيع الماضية.

أهمية كبيرة

ويقول الكاتب والمحلل السياسي السوري غسان يوسف، إن الإمارات من أكثر الدول في العالم التي أرسلت مساعدات سريعة وعاجلة إلى الضحايا؛ وهو أمر محل تقدير واحترام، قيادةً وشعباً.
تحرص الإمارات على تهيئة كل الظروف لعودة سوريا إلى وضعها الطبيعي، حسب الكاتب والمحلل الإماراتي عبدالعزيز المعمري، الذي يقول لـ”كيوبوست”: إن زيارة بشار الأسد تأتي ضمن التحركات التي تباشرها الإمارات؛ من أجل عودة سوريا إلى دورها المهم والمؤثر والفاعل في القضايا العربية والإقليمية، الأمر الذي يتسق مع مبادئ السياسة الخارجية الإماراتية الساعية لتقريب وجهات النظر، والعمل على إيجاد حل للأزمات والخلافات وتجاوز العقبات والصعاب.

ويؤكد المعمري أن الجانب الاقتصادي والاستثماري كان حاضراً بقوة في المباحثات بين الرئيسَين؛ وهو أمر سيكون له انعكاس على الوضع الاقتصادي في سوريا، بما يسهم في تحسين الظروف المعيشية للمواطنين خلال الفترة المقبلة.
وذكر موقع “المونتيور” أن زيارة الأسد إلى أبوظبي تهدف إلى تسهيل طرق المساعدات وعودة سوريا إلى الجامعة العربية. ونقل عن الدبلوماسي السوري السابق بسام بربندي، حديثه عن الجوانب الاقتصادية للزيارة، وخطط الاستفادة من الاتفاقات بين البلدَين؛ خصوصاً مع وجود وزير الاقتصاد السوري سامر الخليل، ضمن الوفد المرافق للرئيس السوري.
وتوقع البنك الدولي انكماش الناتج المحلي السوري بنسبة 5.5% هذا العام، على خلفية تداعيات الزلزال المدمر؛ بسبب تدمير رأس المال المادي وتعطل النشاط التجاري، بجانب محدودية الموارد العامة وضعف الاستثمارات الخاصة. بينما قدرت الأضرار المادية الناجمة عن الزلزال بـ3.7 مليار دولار، والخسائر بـ1.5 مليار دولار، مع احتياج سوريا إلى نحو 7.9 مليار دولار خلال ثلاث سنوات من أجل التعافي وإعادة الإعمار.
وكان الاقتصاد السوري قد بدأ في التعافي من عام 2019 بشكل نسبي؛ بعدما خفض حجم النشاط الاقتصادي للنصف خلال الفترة من 2010 حتى 2019، حسب مرصد الاقتصاد السوري.

عودة وشيكة
يتوقع المعمري أن تُسهم الزيارة في تسريع وتيرة عودة سوريا إلى محيطها العربي؛ بعدما أسهمت الزيارة الأولى التي قام بها الرئيس السوري إلى الإمارات، العام الماضي، في إحداث تقارب بين سوريا وعدة دول عربية، بجانب التطورات الإقليمية الإيجابية التي سيكون لها أثر بتسريع وتيرة التقارب.
“الإمارات من أولى الدول العربية الساعية لإعادة سوريا إلى محيطها العربي، وتبذل جهداً كبيراً في هذا الإطار، وكانت من أولى الدول التي أعادت سفاراتها للعمل في دمشق عام 2018″، مشيراً إلى أن “أبوظبي تسعى بعلاقاتها العربية إلى عودة سوريا إلى الجامعة العربية؛ وهو الأمر الذي لا يزال محل نقاش لأسباب عدة، في مقدمتها أن القرارات العربية بحاجة إلى الإجماع في الوقت الذي لا تزال فيه لدى بعض الدول تحفظات أو اعتراضات صريحة”، كما يقول غسان يوسف.
اقرأ أيضًا: سوريا.. بين مطرقة الزلزال وسندان العقوبات
وأعيد انتخاب الرئيس السوري بشار الأسد لولاية رابعة مدتها 7 سنوات عام 2021 بأغلبية 95.1% من الأصوات، وبنسبة إقبال بلغت 75.64%؛ وهي الانتخابات الثانية التي جرت في ظل الأزمة الداخلية الممتدة من 2011 بعد انتخابات 2014 التي فاز فيها الأسد بأكثرية 88% من الأصوات.
يقول المعمري: التحدي الأكبر الآن هو وجود انقسام عربي حول عودة سوريا؛ وهو الأمر الذي يتوقع زواله قريباً، لكون المصلحة العربية والتطورات العالمية والإقليمية تتطلب ذلك، بالإضافة إلى أن المواطنين السوريين عانوا كثيراً خلال الفترة الماضية؛ وعلى الأخص بعد الزلزال المدمر الذي وقع الشهر الماضي، مما يتطلب تغليب الحكمة والعقلانية؛ لتحقيق المصلحة العربية ومصلحة الشعب السوري.