الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
بسبب “حماس” والحصار.. الأمراض النفسية تفتك بأهالي غزة

كيوبوست- غزة
“في قطاع غزة أصبح كل شيء مظلمًا؛ معاناة ألم وقسوة الحياة، وحتى الأمل بات بعيدًا، وسبب العيش لا أراه مقنعًا”، كانت هذه أولى الكلمات التي بدأ فيها المواطن أبو ياسر نصرة، حديثه عن معاناته مع المرض النفسي الذي أصابه منذ عامَين ولا يزال يلزمه كظل صديقه.
نصرة، ذو الـ32 ربيعًا، هو من بين عشرات الآلاف من سكان غزة الذين أُصيبوا بأمراض نفسية؛ نتيجة الواقع المرير الذي يعيشونه داخل القطاع، وما يتعرضون إليه من ضغوط اجتماعية واقتصادية وإنسانية.
اقرأ أيضًا: الكفاءات تهرب من غزة.. مرارة واقع ونتائج كارثية
نصرة، هو خريج حقوق منذ عام 2013، ولم يجد حتى هذه اللحظة أية فرصة عمل، ولا يزال اسمه مزينًا قائمة البطالة الطويلة. يروي لـ”كيوبوست” تفاصيل معاناته مع المرض، قائلًا: “بعد تخرجي كنت مفعمًا بالأمل والطاقة الإيجابية؛ ولكن بشكل تدريجي وجدت أمامي واقعًا مريرًا لا يشجعك لتصبح كما تتمنى؛ فكل ما يحيط بك مظلم وكئيب ويدفعك نحو اليأس”.

ويوضح نصرة أنه وجد نفسه مصابًا بحالة اكتئاب شديدة دفعته إلى التفكير في الهجرة والانتحار، متابعًا: “ضغوط اجتماعية ونفسية وأُسرية كلها تراكمت على رأسي، وأصابتني بحالة كآبة، وقررت أن أنعزل عن العالم والناس، وأعيش وحيدًا قبل أن أذهب إلى المشفى للعلاج”، لافتًا إلى أنه رغم مرحلة علاجه؛ فإن نظرته إلى واقع غزة المظلم لم تتغيَّر، مُحملًا “حماس” المسؤولية عن معاناة أكثر من مليونَي فلسطيني فقرًا وبطالة وجوعًا وأزمات.
اقرأ أيضًا: معدلات الطلاق داخل غزة تصل إلى أرقام تاريخية
أرقام صادمة
معاناة المواطن نصرة مع مرضه النفسي، كان مجرد حالة ضمن 210 آلاف حالة مصابة بأمراض نفسية داخل غزة؛ بسبب الأوضاع الاقتصادية وظروف الاحتلال، وذلك حسب آخر تقرير صدر عن منظمة الصحة العالمية الذي أوضح أن 54% من الفتيان و47% من الفتيات بين 6 و12 سنة من الفلسطينيين، يعانون اضطرابات صحية نفسية وخيمة أو متوسطة.
وحسب معلومات رسمية حصل عليها “كيوبوست”، من الصحة النفسية بغزة، فإن أعداد متلقي الخدمات النفسية خلال عام 2018 وصلت إلى 90346 حالة موزعة بين ذكور وإناث، وسجل عام 2017 ارتفاعًا في عدد المرضى الذين يزورون عيادات الصحة النفسية بنسبة 69%، مقارنة بالسنوات السابقة، ومعظم الأمراض كانت “طيف الفصام العقلي” واضطرابات ذهنية ونفسية؛ كالقلق والاكتئاب والانتحار.
اقرأ أيضًا: 5 حقائق عن العيش في قطاع غزة
يقول حسن زيادة، مدير برنامج غزة للصحة النفسية: “إن ما يقارب مليونَي مواطن في غزة يعيشون في سجن كبير ويشعرون باليأس والعجز والضعف جراء الظروف القاسية التي يعيشها القطاع، وهم غير قادرين على فعل شيء لتغيير واقعه؛ وهذا يدفع إلى ارتفاع مستويات الصدمات النفسية والقلق”.
ولفت زيادة، خلال حديثه إلى “كيوبوست”، إلى أن الأزمات والخلافات السياسية والحصار والمنع من السفر والتنقل بحرية والارتفاع الجنوني لمستويات البطالة والفقر تؤدي إلى اضطرابات نفسية، والأرقام في تصاعد مقلق.
وخلال السنوات الماضية، حاز قطاع غزة على أعلى نسبة بطالة في العالم بين الشباب والخريجين، تجاوزت 55%، وارتفعت حالات الفقر في غزة إلى 85%؛ الأمر الذي ألقى بظلاله على وجود اضطرابات نفسية وحالة من الاكتئاب لدى هؤلاء الشباب.

ولا يحصل السكان على الكهرباء إلا لساعات قليلة فقط يوميًّا، ومعظم مياه الشرب التي يتناولونها ملوثة، كما يعيشون شبح تجدُّد الصراع وشن إسرائيل الحروب ضدهم، إضافة إلى ويلات حكم “حماس” الذي زاد من معاناتهم الضعف.
ما زاد الطين بلة بالنسبة إلى سكان القطاع هو تلك المعلومات التي بدأت تتسرَّب من مصادر موثوقة عن الفساد الكبير بين صفوف حركة حماس وقياداتها؛ كان أبرزها تلك التي كشف عنها صهيب، الابن الثاني المنشق عن والده القيادي في حركة حماس، حسن يوسف؛ حيث تحدَّث صهيب في ظهور إعلامي، بإسهاب، عن مواكبته فساد الحركة والمبالغ المالية التي تصرفها تلك القيادات داخل القطاع وخارجه؛ لا سيما في تركيا، بينما يرزح المواطن الفلسطيني في غزة تحت وطأة الواقع الاجتماعي والاقتصادي المتردي.