الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
بسبب اتفاقية أمنية مع الدوحة.. تركيا وراء استقالة رئيس الوزراء القطري

كيوبوست
كشف تقرير بالمستندات والوثائق، نشره موقع “نورديك مونيتور”، عن توقيع اتفاقية أمنية بين قطر وتركيا يتم بمقتضاها تكليف قوات من الشرطة التركية بالعمل في قطر خلال الأحداث المهمة؛ وعلى رأسها بطولة كأس العالم لكرة القدم المقرر إقامتها عام 2022.
ووَفقًا لـ”نورديك مونيتور”، فإن الاتفاق يمتد إلى خمس سنوات قابلة للتمديد إذا ما رغب الطرفان في ذلك؛ ما يشير إلى تغلغل تركي جديد في قطر لسنوات طويلة مقبلة، فضلًا عن فشل قطري في تأمين الأحداث الكبرى التي ستُقام على أرض الدوحة.
اقرأ أيضًا: استقالة مثيرة للجدل لرئيس الوزراء القطري
ويحمل الاتفاق اسم “خطاب نوايا بشأن التعاون في تنفيذ الفعاليات الكبرى”، وقعه نائب وزير الداخلية التركي ورئيس اللجنة الأمنية باللجنة العليا للمشروعات والإرث إبراهيم المهندي، في شهر أكتوبر من العام الماضي في أنقرة.
محاولات سابقة
ولا تعد هذه هي المرة الأولى التي تشهد مناقشات بشأن التدخل التركي في قطر وانتشار القوات التركية لتأمين الفعاليات المقامة في الدوحة؛ إذ كشفت تقارير صحفية عام 2018 عن أن القوات التركية ستلعب دورًا مهمًا وفاعلًا خلال الأحداث والفعاليات الكبرى التي ستستضيفها قطر؛ إذ جرى الحديث، وقتذاك، عن أن البلدَين وقَّعا اتفاقًا خلال قمة حضرها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني؛ بغرض دمج أجهزة أمنية بين البلدَين ووضع قيادة مشتركة لتأمين كأس العالم 2022.

استقالة عبدالله بن ناصر
كامل الخطي، المستشار في مركز الملك فيصل للبحوث و”عين أوروبية على التطرف”، قال خلال تعليقه لـ”كيوبوست”: “إن العلاقات المتوترة بين قطر ودول الخليج كانت سببًا في توجهها إلى طلب الحماية من تركيا، فضلًا عن عدم قدرة الدوحة على توفير التأمين الكافي والمطلوب لبطولة كبيرة بحجم كأس العالم لكرة القدم 2022”.
اقرأ أيضًا: التحقيقات الفرنسية حول كأس العالم 2022 تتسارع.. وأسرار التصويت تتكشَّف
وتابع الخطي: “استقالة رئيس الوزراء ووزير الداخلية القطري الشيخ عبدالله بن ناصر، قبل أيام قليلة من إعلان الاتفاق، تحمل دلالات كبيرة؛ حيث أشارت تقارير كثيرة إلى أن الرجل كان يريد أن تتصالح قطر مع دول الخليج، وأن توقيع مثل هذا الاتفاق مع الجانب التركي يعبر عن تخلٍّ طوعي من قطر عن سيادتها، ويؤكد إصرارها على استفزاز الجوار الخليجي؛ ما يوسع مساحة الخلاف.. ولذلك أنا أميل إلى أن استقالة الشيخ عبدالله بن ناصر مرتبطة بهذا الاتفاق الأمني”.
التخلي عن السيادة
وأضاف المستشار في مركز الملك فيصل للبحوث و”عين أوروبية على التطرف”: “إذا ما صحت الوثائق التي أوردها (نورديك مونيتور)، فإن قطر هكذا تتنازل جزئيًّا عن سيادتها لصالح تركيا، وهي بذلك تلحق ضررًا بالغًا بمنظومة الأمن الخليجي، كما أن هذا التعاون الأمني مصدر استفزاز للجوار الخليجي، ومنه تنكشف نية قطر عن عدم جديتها في العمل على خفض منسوب التوتر الإقليمي، وليس من الطبيعي على الإطلاق أن تستمر الدوحة في استفزاز الجميع ثم تخبر العالم أنها طرف مظلوم ومفترى عليه”.

اللواء دكتور محمد مجاهد الزيات، المستشار الأكاديمي للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، قال خلال حديثه إلى “كيوبوست”: “إن قوات الشرطة القطرية عددها قليل جدًّا، كما أن جزءًا منها من المجنسين وليس من القطريين أنفسهم؛ ولذلك هم لا يقدرون على حماية أية فعالية تُقام هناك سواء أكانت كبيرة بحجم كأس العالم لكرة القدم، أم حتى فعالية صغيرة من حيث الحجم أو الأهمية”.
اقرأ أيضًا: قطر قد تضطر إلى المصالحة الخليجية بسبب كأس العالم 2022
تعزيز الحضور التركي
وأضاف الزيات: “هذا الاتفاق الأمني القطري- التركي يعزز وجود أنقرة في الخليج، ويزيد من تأثيرها على توجيه السياسة القطرية تمامًا كما تشاء، وهو يعزز بدوره الحضور العسكري والأمني التركي في المنطقة، ويعظِّم الإحساس القطري بأن الملجأ الأساسي لديهم سيكون دائمًا تركيا، ولعل هذا كان سببًا أساسيًّا في استقالة رئيس الوزراء القطري؛ لأن مثل هذا الاتفاق يعتبر إهانة بالغة وانتقاصًا من سيادة الدولة، وذلك عند المحترفين الأمنيين الذين لا يقبلون المساس بذلك وهم في مناصبهم؛ لأن في ذلك اتهامًا واضحًا وصريحًا للأمن القطري بأنه لا يقوى على حماية نفسه أو دولته”.
استمرار المقاطعة

الباحث في الشأن التركي كرم سعيد، أكد لـ”كيوبوست” أن الاتفاق الأمني القطري مع تركيا يؤكد أن الدوحة ماضية في التغريد خارج السرب العربي؛ وهو ما يعني ضمنيًّا أن المقاطعة العربية لقطر ستستمر لوقت أطول، ولن يكون هناك حديث عن مصالحة محتملة على الإطلاق خلال الفترة المقبلة.
وتابع سعيد: “هذه الاتفاقية تعني أن تركيا مستمرة في تعظيم نفوذها العسكري في منطقة الخليج العربي؛ خصوصًا بعد تراجع دورها في سوريا ومحاولات التأثير المستمرة من القوى الدولية لإرجاع أردوغان عن مخططاته في ليبيا، وتبقى قطر بالنسبة إلى أنقرة نافذة مهمة ووحيدة أيضًا لتعظيم نفوذها السياسي والعسكري في الخليج العربي الذي يعتبر منطقة شديدة الأهمية وشديدة الحساسية أيضًا، وهو ما يعني إلى تركيا كثيرًا بطبيعة الحال”.