الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

بريطانيا العالمية في عصر تنافسي

المراجعة الشاملة لشؤون الأمن والدفاع والتنمية والسياسة الخارجية

كيوبوست

في عالم متعدد الأقطاب، ستتزايد المنافسة بين الدول ومجموعات الدول؛ سعياً لصياغة البيئة الدولية والقواعد التي تحكمها. وسيكون هناك اتجاهان رئيسيان يتصارعان في هذا الإطار؛ وهما إما الانفتاح والتبادل الحر للأفكار والتجارة وتسهيل التعاون بشأن التحديات العابرة للحدود، وإما تشرذمه وانقسامه بشكل عام إلى تجمعات جيوسياسية ونظم بيئية تكنولوجية تقوّض التعاون بين الدول وتسهل انتشار الديكتاتورية

2

ستزداد المنافسة الأيديولوجية بين مختلف أنواع الأنظمة السياسية. ويشير التقرير إلى أنه، وفقاً للاتجاهات الحالية، سيستمر تراجع الديمقراطية والتعددية حتى عام 2030، ويعد أحد العوامل التي سرَّعت من هذا التطور هو “كوفيد-19″، كما أنه من المرجح أن تزيد حدة التوترات بين الدول الديمقراطية والديكتاتورية؛ خصوصاً مع سعي الأخيرة إلى تصدير نموذجها المحلي وإضعاف المجتمعات والاقتصادات المفتوحة وصياغة الحوكمة العالمية تماشياً مع قيمها.

قدم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، في مارس 2021، إلى البرلمان، “المراجعة الشاملة لشؤون الأمن والدفاع والتنمية والسياسة الخارجية”، والتي جاءت تحت عنوان “بريطانيا العالمية في عصر تنافسي”. وجاءت مراجعة لندن لشؤون الأمن والدفاع والسياسة الخارجية في ظل نظام دولي يتسم بالتغير. فلم تعد تهديدات الإرهاب هي الهاجس الرئيسي الذي يؤرق الأمن القومي البريطاني؛ بل شهدت بيئة الأمن الدولي تغيرات واسعة؛ فعاد التنافس الاستراتيجي بين القوى الكبرى ليكون هو الهاجس الأساسي، خصوصاً مع اعتبار لندن أن موسكو هي أبرز التهديدات لأمنها القومي. كما بات من الواضح أن تهديدات الأمن غير التقليدي، ممثلاً في تهديدات الأمراض والأوبئة، فرضت تحديات غير هينة، وبات من الواجب على الدول المختلفة، بما فيها بريطانيا، أن تأخذها في الاعتبار.

رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون – وكالات

وتبدأ “المراجعة الشاملة” بتأكيد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، عجز بلاده توقع ظهور فيروس كورونا، وتسببه في أزمة عالمية، “هي الأعظم منذ الحرب العالمية الثانية، وتداعيات مأساوية ستتواصل لسنوات”.

وتقوم استراتيجية المملكة المتحدة الأمنية على أنه في عام 2030 سوف تستمر المملكة المتحدة في قيادة اقتصادات العالم المتقدم في مجال التكنولوجيا الخضراء كجزء من دورها القيادي الدولي الأوسع في التصدي لتغير المناخ وخسارة التنوع البيولوجي، بالإضافة إلى سعيها لقيادة الجهود الدولية في مجال سن التشريعات الدولية حول التكنولوجيا والفضاء السيبراني وأمن البيانات.

اقرأ أيضًا: بريطانيا تحتاج لوقف الجماعات الإسلاموية التي تقوِّض سياسة مكافحة الإرهاب

أولاً: عناصر القوة البريطانية:

تقيّم “المراجعة الشاملة” عناصر قوة بريطانيا، وذلك على النحو التالي:  

  • القوة الأمنية والعسكرية: تمتلك لندن أجهزة أمنية واستخباراتية تتسم بالكفاءة، مدعومة بميزانية تتخطي 3 مليارات جنيه إسترليني سنوياً، كما تعد ثاني دولة من حيث حجم الإنفاق على الدفاع في الناتو والأولى في أوروبا. ونجحت أجهزتها الأمنية في إحباط 28 اعتداء إرهابياً منذ عام 2017.
  • القوة الاقتصادية: تعد المملكة خامس أكبر اقتصاد في العالم، كما أن 11.5٪ من كل الشركات العالمية المدرجة في البورصات الأجنبية مدرجة في سوق لندن للأوراق المالية.
  • القوة التكنولوجية: تعد المملكة قوة عظمى في مجالَي العلوم والتكنولوجيا؛ فهي تحتل المرتبة الرابعة دولياً في مؤشر الابتكار العالمي. كما أنها موطن الريادة في الأبحاث الطبية؛ مثل نجاحها في تطوير لقاح أكسفورد- أسترازينيكا المضاد لـ”كورونا”. كما حازت المملكة المتحدة على ثاني أعلى عدد من جوائز نوبل؛ إذ حاز 99 شخصاً من مواطنيها على الجائزة.
  • القوة الدبلوماسية: تمتلك بريطانيا رابع أكبر شبكة دبلوماسية، وذلك بواقع 281 منصباً دبلوماسياً في 178 بلداً وإقليماً. كما أنها تعد من أكبر الجهات الممولة للمنظمات الدولية على غرار منظمة الصحة العالمية، مع زيادة هذا التمويل بنسبة 30٪ على امتداد أربع سنوات.
  • القوة الناعمة: تحتل بريطانيا المرتبة الثالثة في القوة الناعمة عالمياً. ومن أبرز أدوات القوة الناعمة قناة “بي بي سي” الإخبارية، وهي أكثر إذاعة موثوقة في العالم، وتصل إلى 468 مليون شخص كل أسبوع بـ42 لغة. كما يعمل المركز الثقافي البريطاني في أكثر من 100 دولة. وتحتضن المملكة المتحدة صناعات إبداعية وثقافية نابضة بالحياة؛ حيث يشاهد أكثر من 500 مليون شخص في الداخل والخارج العروض في المتاحف وصالات العرض البريطانية. واختار نحو 500 ألف طالب أجنبي الدراسة في المملكة المتحدة عام 2019.
  • القوة السيبرانية: تعد لندن ثالث أقوى دولة سيبرانية على مستوى العالم؛ إذ تحتل المراكز الأولى في القدرات الدفاعية والاستخباراتية وقدرات الهجوم.
تعتبر بريطانيا موطن الريادة في الأبحاث الطبية

ثانياً: تغير بيئة الأمن القومي:

تؤكد بريطانيا في “المراجعة المتكاملة” تغير وجه العالم إلى حد كبير منذ إجراء المراجعة الاستراتيجية للأمن والدفاع في عام 2015، كما أنها سوف تواصل التغير بحلول عام 2030. ويتمثل أبرز هذه التغيرات في أن النظام العالمي يتجه إلى عالم أكثر تنافسية ومتعدد الأقطاب. وترى لندن أنه خلال العقد المقبل (2021- 2030)، سيكون هناك أربعة اتجاهات عامة ذات أهمية خاصة بالنسبة إلى المملكة المتحدة والنظام العالمي المتغير، وتتمثل في:

  • التغييرات الجيوسياسية والجيو اقتصادية: الاتجاه نحو عالم متعدد الأقطاب: يشير التقرير إلى أن الولايات المتحدة ستستمر كقوة عظمى اقتصادياً وعسكرياً ودبلوماسياً، وأهم حلفاء بريطانيا الاستراتيجيين، وستبقى أوروبا والأطلسي ذات أهمية حيوية بالنسبة إلى أمنها وازدهارها، كما ستظل الشراكات التي تتخطى الجوار الأوروبي مهمة كذلك، كما تتوقع المراجعة أن تستمر الولايات المتحدة بمطالبة حلفائها بفعل المزيد من حيث تشارك أعباء الأمن الجماعي، في حين أن روسيا ستبقى أكبر تهديد مباشر للمملكة المتحدة.

وعلى الرغم من بقاء واشنطن كقوة عظمى، فإنه من المرجح أن يتحول العالم إلى التعددية القطبية، مع اتجاه مركز ثقل التفاعلات الجيوسياسية والاقتصادية شرقاً نحو منطقة المحيطَين الهادئ والهندي؛ إذ إن الصين، بحجم اقتصادها الضخم، وتوسع نفوذها، سوف يجعلانها إحدى القوى العالمية. وسوف يتوجب على بريطانيا، وفقاً “للمراجعة الشاملة”، أن تعزز علاقاتها مع بكين، وأن تحمي نفسها من ممارساتها السلبية، الاقتصادية والأمنية. ومع ذلك يبقى التعاون مع الصين حيوياً في التصدي للتحديات العابرة للحدود؛ مثل تغير المناخ وخسارة التنوع البيولوجي.

اقرأ أيضًا: أوهام بريطانيا العالمية

كما أنه من المتوقع أن تزيد سرعة نمو الأسواق الناشئة حجم الطبقة الوسطى من 3.8 مليار شخص في 2018 إلى 5.3 مليار شخص في 2030؛ ما يضاعف الفرص بالنسبة إلى التجارة في السلع والخدمات ذات القيمة المضافة الأعلى، وهذا ما سيوفر فرصاً كبيرة للمملكة المتحدة، والتي تتمتع بالفعل بنقاط قوة في هذه المجالات.

  • المنافسة الشاملة: يقصد بذلك تصاعد التنافس، سواء بين الدول نفسها، أو بينها وبين الجهات غير الحكومية؛ وهو ما يتضح في التنافس على صياغة القوانين والأعراف الدولية، وتشكيل تكتلات متنافسة تؤثر على أمن واقتصاد المملكة المتحدة.

وفي عالم متعدد الأقطاب، ستتزايد المنافسة بين الدول ومجموعات الدول؛ سعياً لصياغة البيئة الدولية والقواعد التي تحكمها. وسيكون هناك اتجاهان رئيسيان يتصارعان في هذا الإطار؛ وهما إما الانفتاح والتبادل الحر للأفكار والتجارة وتسهيل التعاون بشأن التحديات العابرة للحدود، وإما تشرذمه وانقسامه بشكل عام إلى تجمعات جيوسياسية ونظم بيئية تكنولوجية تقوّض التعاون بين الدول وتسهل انتشار الديكتاتورية، ولذا يرجح أن تكون المنافسة شاملة من عدة نواحٍ:

اقرأ أيضاً: هل يفيد وهم تشرشل في تغيير الحقيقة القاتمة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؟

  • المنافسة بين الأنظمة السياسية: ستزداد المنافسة الأيديولوجية بين مختلف أنواع الأنظمة السياسية. ويشير التقرير إلى أنه، وفقاً للاتجاهات الحالية، سيستمر تراجع الديمقراطية والتعددية حتى عام 2030، ويعد أحد العوامل التي سرعت من هذا التطور هو “كوفيد-19″، كما أنه من المرجح أن تزيد حدة التوترات بين الدول الديمقراطية والديكتاتورية؛ خصوصاً مع سعي الأخيرة إلى تصدير نموذجها المحلي وإضعاف المجتمعات والاقتصادات المفتوحة وصياغة الحوكمة العالمية تماشياً مع قيمها.
  • المنافسة على صياغة قواعد النظام الدولي: سيؤدي التنافس بين القوى الكبرى إلى إضعاف القوانين والأعراف التي تحكم السلوك الدولي، وذلك لصالح صياغة قواعد أخرى جديدة.
  • التنافس في مجالات متعددة: ستستمر المنافسة في إطار المجالات العسكرية التقليدية براً وجواً وبحراً، كما ستمتد إلى مجالات أخرى؛ بما فيها التكنولوجيا والفضاء السيبراني والفضاء الخارجي.
  • التنافس الذي تفرضه البيئة الأمنية المتدهورة: تزداد مخاطر النزاعات وشدتها بسبب انتشار الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والإشعاعية والنووية والأسلحة التقليدية المتطورة والتقنيات العسكرية الجديدة، والتي ستمثل تحديات كبيرة للاستقرار الاستراتيجي على مستوى النظام الدولي.
  • التنافس الذي يفرضه تصاعد النزاعات والاضطرابات: شهد العقد الأخير تنامي النزاعات العنيفة عالمياً. وقد دار بين عامَي 2016 و2019 أكبر عدد من النزاعات المسلحة منذ عام 1946. وغلب عليها الحروب الأهلية التي تورطت فيها جهات خارجية. وترجح المراجعة الشاملة أنه حتى عام 2030 ستزداد وتبقى تلك الصراعات سائدة. ومن المرجح أن تدفع المنافسة الشاملة القوى الخارجية إلى الاستمرار والتورط في النزاعات الإقليمية والدولية، وهو ما سيزيد من مخاطر تنامي النزاعات.
  • إدارة الاقتصاد كعامل في زيادة المنافسة: ستلجأ المزيد من الدول إلى استخدام فن إدارة الاقتصاد كعامل من عوامل المنافسة الشاملة، وقد يتضمن ذلك السياسة الاقتصادية التقليدية والتمويل غير المشروع من أجل إضعاف مصالح المنافسين الاقتصادية والأمنية، كما ستحتدم المنافسة على الموارد الطبيعية الشحيحة؛ بما فيها المعادن النادرة.
  • تسارع التغيير التكنولوجي: تشير “المراجعة الشاملة” إلى أنه خلال العقد المقبل ستزداد أهمية العلوم والتكنولوجيا باعتبارها مقياساً للقوة العالمية، وستضيف ميزات اقتصادية وسياسية وعسكرية للقوى الدولية العظمى.
ستزداد أهمية العلوم والتكنولوجيا باعتبارها مقياساً للقوة العالمية خلال العقد المقبل

ومن جهة أخرى، سيعتمد الحفاظ على القدرة التنافسية على التفوق في التكنولوجيا وقدرة الوصول إليها وقدرة حماية الملكية الفكرية. ومع تنامي حجم البيانات بشكل مطرد، ستشكل القدرة على إنتاجها واستخدامها لتحفيز الابتكار عاملاً أساسياً لتحقيق الأفضلية الاستراتيجية من خلال العلوم والتكنولوجيا.

وفي المقابل، ستخلق التكنولوجيا نقاط ضعف جديدة يستغلها الخصوم على نحو ما يتضح في شن هجمات في مجالات مثل الفضاء السيبراني والفضاء الخارجي، كما سيكون ضمن صورها نشر المعلومات الكاذبة على شبكة الإنترنت. 

  • التحديات العابرة للحدود: تشير “المراجعة الشاملة” إلى أن “كوفيد-19” لن يكون الأزمة العالمية الوحيدة؛ فالعالم يواجه تحديات عابرة للحدود تتطلب استجابة عالمية، وستشمل هذه التحديات: تغير المناخ وخسارة التنوع البيولوجي اللذين يعززان الفقر والاضطرابات والهجرة، واستمرار الدول في استخدام جماعات الجريمة المنظمة كوكلاء لها في المنافسة الشاملة، بالإضافة إلى استخدام التكنولوجيا التي تسهل الإرهاب والجريمة الخطيرة والمنظمة والتمويل غير المشروع، كما تساعد في الكشف عنها في آن واحد.

اقرأ أيضاً: جائحة فيروس كورونا ستغيِّر النظام العالمي إلى الأبد

ثالثاً: خريطة التحرك البريطانية:

في ضوء إدراك لندن خريطة التهديدات الجديدة، وكذلك تقدير أوجه قوتها وضعفها، وضعت استراتيجية المراجعة عدداً من التوصيات، والتي يمكن توضيحها على النحو التالي:

  • تعزيز التفوق التكنولوجي: تؤكد “المراجعة الشاملة” أن المملكة المتحدة هي بالفعل قوة في مجال العلوم والتكنولوجيا، بالإضافة إلى أن لديها قاعدة أبحاث تحتل المرتبة الرابعة في مؤشر الابتكار العالمي 2020، وتستقطب نسبة لا يستهان بها من الاستثمارات الأجنبية بمعدل يفوق ألمانيا وفرنسا والسويد مجتمعة. وعلى الرغم مما سبق، تدرك لندن أن لديها أوجه قصور تتوجب علاجها.

ولذلك تؤكد “المراجعة” ضرورة قيام المملكة المتحدة بزيادة إمكاناتها في مجال الابتكار إلى الحد الأقصى، ومعالجة المشكلات الشائعة التي تواجهها في مجال الابتكار، والتي يأتي في مقدمتها أنه على الرغم من توافر الدعم في المراحل الأولى من الأبحاث والتطوير، فإنه غالباً يتوقف قبل الانتهاء من تحويل الأفكار إلى منتج تجاري يُطرح في السوق. ونتيجة لذلك تخرج حقوق الابتكار والملكية الفكرية من يد المملكة المتحدة أحياناً قبل أن تتمكن الشركات من بلوغ مرحلة النجاح التجاري.

اقرأ أيضًا: لقاح أكسفورد يبصر النور.. وبريطانيا تبدأ اليوم حملة التلقيح الوطني

ولمواجهة ذلك، تعهدت الحكومة بزيادة الاستثمار في الأبحاث والتطوير على نطاق الاقتصاد ككل إلى 2.4٪ من إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2027؛ بما في ذلك من خلال الاستثمار الأجنبي، بالإضافة إلى استثمار 800 مليون جنيه إسترليني، على الأقل؛ من أجل تأسيس هيئة مستقلة معنية بالأبحاث، وهي: “وكالة الأبحاث والابتكار المتقدمة”، التي ستقدم الدعم للتكنولوجيا الرائدة والأبحاث الأساسية.

وتتطلع المملكة المتحدة إلى أن تصبح الوجهة الأولى للمواهب الدولية؛ حيث قامت المملكة بتأسيس مكتب للمواهب، كما سيسهم ذلك في دعم نظام الهجرة الجديد في المملكة المتحدة، والذي سيضمن أن تكون عملية الهجرة بسيطة وسهلة وسريعة؛ مما يساند هدف تأسيس اقتصاد يقوم على رواتب مرتفعة ومهارات عالية وإنتاجية عالية وتوفير تأشيرة دخول المهارات العالمية التي تحتاج إليها المملكة المتحدة.

ومن جهة أخرى، ستطور الحكومة كذلك شراكتها مع الأوساط الأكاديمية والصناعية دعماً للابتكار التكنولوجي الذي يشكل عنصراً أساسياً بالنسبة إلى الأمن القومي البريطاني؛ حيث تمول الحكومة 85٪ من أعمال الأبحاث والتطوير العسكرية، فتوفر بذلك القدرات الضرورية، كما تعزز بيئة العلوم والتكنولوجيا الأوسع.

تمول الحكومة 85٪ من أعمال الأبحاث والتطوير العسكرية

ومن خلال استراتيجية العلوم والتكنولوجيا 2020 التابعة لوزارة الدفاع سيتم إعطاء أولوية للأبحاث ذات المخاطر العالية من أجل دعم تحديث القوات المسلحة؛ حيث سيتم استثمار نحو 6.6 مليار جنيه إسترليني على الأقل لتمويل الدفاع وأبحاث التطوير من أجل التوصل إلى ريادة عسكرية مستدامة في مجالات؛ منها الفضاء الخارجي وأسلحة الطاقة الموجهة والصواريخ المتقدمة فائقة السرعة.

  • تشكيل النظام الدولي التعددي الحر: ترى “المراجعة” أن دور المملكة المتحدة سيكون أكبر في تشكيل النظام الدولي التعددي الحر في المستقبل، وذلك من خلال التعاون مع الآخرين على ضمان أن يتناسب هذا النظام ومتطلبات القرن الواحد والعشرين، وأن يكون أكثر قدرة على الصمود أمام الصدمات قصيرة الأجل والتحديات طويلة الأمد.

كما ستواصل المملكة المتحدة التمسك بالتزامها بالتعددية ومشاركتها في عدد من الهيئات الدولية؛ ومنها منظمة الأمم المتحدة التي تعد الأكثر أهمية، وتعزيز تلك المؤسسات الحيوية لدوران عجلة النظام الدولي؛ مثل منظمة التجارة العالمية ومنظمة الصحة العالمية وتعميق المشاركة في المؤسسات الأخرى التي تزداد أهميتها.

اقرأ أيضًا: مناقشة مستفيضة لقانون مكافحةِ الدعاية الإرهابية في بريطانيا

كما أوردت “المراجعة” أنه من ضمن أهداف المملكة المتحدة دعم المجتمعات الحرة، والدفاع عن حقوق الإنسان انطلاقاً من قوة المملكة المتحدة ومكانتها في النظام الدولي الذي يستمد قوته ومرونته ومشروعيته من الدول التي يتألف منها.

كما يأتي من ضمن أهداف المملكة المتحدة تشكيل اقتصاد عالمي حر ومرن واستعادة الثقة في التجارة الحرة والعادلة؛ خصوصاً بعد التعافي من “كوفيد-19″، وكذلك تشكيل النظام الدولي من خلال مواكبته التطورات المستقبلية؛ ولا سيما في مجالات الفضاء السيبراني والخارجي، حيث تشهد المملكة المتحدة نشاطاً متسارعاً بالنسبة إلى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية وتتوسع فيها.

  • تعزيز الدبلوماسية والتنمية: ترى “المراجعة” أن الدبلوماسية الفعالة أداة مهمة تمكن المملكة المتحدة من خدمة البريطانيين حول العالم، كما أنه من خلال الدبلوماسية، تستطيع لندن بناء العلاقات والتفاهم المتبادل مع الحلفاء والشركاء والدول الأخرى، وتؤكد وضع بريطانيا في خضم توازنات القوى المتغيرة.

ومن ضمن البرامج التي تعمل المملكة المتحدة على تعزيز العمل بها؛ برنامج المساعدة الإنمائية الرسمية، إذ تعد المملكة المتحدة إحدى أبرز الجهات الفاعلة في مجال التنمية في العالم، بدءاً من مكافحة الفقر على الصعيد العالمي، وصولاً إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030.

اقرأ أيضًا: تصميم برامج لمنع التطرف العنيف ومكافحته

وتقوم استراتيجية المملكة المتحدة على توجيه المساعدات الإنمائية إلى المناطق المهمة بالنسبة إلى المصالح البريطانية، وفي الدول التي يمكن للمملكة المتحدة أن تترك تأثيراً إيجابياً فيها على المدى الطويل.

كما تسعى بريطانيا إلى وضع استراتيجية إنمائية دولية جديدة من شأنها أن تحقق المواءمة بين برنامج المساعدات البريطاني المرتقب عام 2022، وما بعده، والأهداف الحكومية الواردة داخل هذا الإطار الاستراتيجي، وتشمل قضايا المناخ والتنوع البيولوجي والأمن الصحي العالمي والمجتمعات الحرة وحل النزاعات وتعليم الفتيات والتأهب والإغاثة الإنسانية والأمن الغذائي ومحاولة منع المجاعة، بالإضافة إلي العلوم والتكنولوجيا والتنمية التجارية والاقتصادية.

كما ستراعي جميع المساعدات الإنمائية البريطانية الحفاظ على نهج ليبرالي في التنمية الاقتصادية وإيجاد فرص أكبر للجميع؛ بحيث تكون قائمة على أساس المجتمعات الحرة، كما ستقوم المملكة المتحدة بالجمع ما بين مبادرتها الدبلوماسية والمساعدات التي تقدمها على الصعيد التجاري.

اقرأ أيضًا: الصين تحذر: بريطانيا ستعاني إذا حظرتنا

وستعمل المملكة على حماية القيم الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان العالمية؛ بما فيها العمل مع المجتمع المدني المحلي والمدافعين عن حقوق الإنسان وتعزيز المساواة بين الجنسَين، والعمل مع منظمات الدفاع عن حقوق المرأة للتصدي للتمييز والعنف وعدم المساواة وتشجيع الحكم الفعال والشفاف وتعزيز المؤسسات الديمقراطية القوية وسيادة القانون والعمل على تعزيز حرية الدين والمعتقد والدفاع عن حرية الإعلام والصحافة.

  • تعزيز الأمن والدفاع في الداخل والخارج: تؤمن “المراجعة الشاملة” بأنه لا يمكن للمملكة المتحدة الاستفادة القصوى من انفتاحها، إلا إذا كانت قوية وآمنة في الداخل؛ بما يضمن عيش مواطنيها في مأمن من الأذى مع حماية الديمقراطية والاقتصاد والبنية التحتية التي تعتمد عليها الحياة اليومية. ولذلك تتخذ المملكة المتحدة نهجاً أكثر قوة استجابةً لتدهور البيئة الأمنية العالمية ومواجهة التهديدات في العالم الواقعي وفي الفضاء السيبراني وصدها وردعها.

اقرأ أيضًا: التحدي الإسلاموي في بريطانيا

وتتمثل المسؤولية الأولى للحكومة البريطانية في الدفاع عن المملكة المتحدة ومواطنيها؛ وهو ما يشمل ضمان أمن 14 إقليماً في ما وراء البحار وملحقات التاج البريطاني، وكذلك أمن خمسة ملايين بريطاني خارج المملكة المتحدة وتجاه المواطنين البريطانيين أثناء زياراتهم إلى الخارج. وفي إطار الوفاء بهذه المسؤوليات تتمثل أولويات المملكة في اتخاذ الإجراءات التالية:

  • تأمين الأراضي البريطانية ضد الاعتداءات الأجنبية: ستوفر القوات المسلحة البريطانية قوة رصد لإطلاق رد فعل سريع على مدار 24 ساعة؛ للدفاع عن المجال الجوي والبحري لبريطانيا، بالإضافة إلى دعم أقاليم ما وراء البحار والدفاع عنها ضد التهديدات الصادرة عن الدول والجهات غير التابعة للدول.
  • مراجعة القوانين والسياسات الأمنية: تسعى المملكة المتحدة إلى إصلاح القوانين والممارسات والسياسات لإزالة عوائق حماية الأمن القومي مع ضمان تمتع أجهزة الأمن والاستخبارات والشرطة بالصلاحيات المناسبة لمكافحة جميع التهديدات.

كما تسعى المملكة إلى تقديم تشريع للتصدي لتهديدات الدول وتعزيز قدرات الأمن السيبراني والتعاون مع الشركاء الذين تجمع بينهم المبادئ والمصالح وتعزيز جهود مكافحة التضليل المعلوماتي في الداخل والخارج وتقوية مناعة المجتمع في المملكة المتحدة ضد جميع أشكال التضليل المعلوماتي من خلال إطار تنظيمي جديد بموجب قانون السلامة على الإنترنت واستراتيجية التثقيف الإعلامي، وكذلك إدراج الدبلوماسية في صلب الجهود الدولية لمواجهة تهديدات الدول وبناء تحالفات دولية وتحديد مصادر التهديد والرد عليها.

  • الردع النووي: تتمتع المملكة المتحدة بردع نووي مستقل منذ أكثر من 60 عاماً. ويهدف إلى ردع التهديدات الأكثر خطورة على الأمن القومي، فالغاية الأساسية من الأسلحة النووية، وفقاً للمملكة المتحدة، حسب “المراجعة الشاملة” هي الحفاظ على السلم ووقف أي تهديدات وردع العدوان.
  • مواجهة التحدي الإرهابي: تشير “المراجعة” إلى أن الإرهاب لا يزال يشكل تهديداً رئيسياً لمواطني المملكة المتحدة ومصالحها في الداخل والخارج، وأن الإرهاب الإسلامي يشكل تهديداً للمملكة، وأن هناك تهديداً من نوع آخر هو تهديد اليمين المتطرف؛ ولكنه على درجة أقل من اليسار المتطرف والإرهاب الفوضوي.
عناصر متشددة في بريطانيا – أرشيف

وستقوم المملكة المتحدة من خلال جهاز عمليات مكافحة الإرهاب الجديد بإنشاء مركز واحد متكامل لمكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى تحسين تنفيذ برنامج “المنع” (Prevent)؛ لحماية الأشخاص المعرضين إلى التطرف، بالإضافة إلى الحد من القدرات العملياتية للمتورطين في الإرهاب من أيرلندا الشمالية، وتعطيل الجماعات الإرهابية ذات الأولوية القصوى في الخارج، ومنع النشاط الإرهابي على الإنترنت.

  • بناء المرونة الصحية: من المرجح وفقاً للمراجعة أن تصبح حالات تفشي الأمراض المعدية أكثر تواتراً خلال السنوات المقبلة، وأن “مقاومة مضادات الميكروبات” ستشكل تحدياً طويل الأمد لصحة الإنسان؛ حيث أوضح وباء كوفيد أنه يمكن لأزمات صحية أن تترك أثراً مدمراً على الاقتصاد والإنسان والحياة الاجتماعية.

اقرأ أيضًا: تقييم تهديد جماعة “المهاجرون” في بريطانيا

ويشير التقرير إلى أن الدروس المستفادة من ظاهرة “كوفيد-19″، هي تعزيز الجهود الوطنية والدولية لمواجهة الأخطار الصحية العالمية كجزء من نهج أوسع نطاقاً إزاء الأمن البيولوجي؛ فهناك مفهوم “الصحة الواحدة” الذي يقر بالرابط الوثيق بين صحة الإنسان والحيوان والبيئة، ومراعاة لطبيعة نظامنا الصحي العالمي المترابطة. كما تؤكد “المراجعة” أهمية التعجيل بتوفير أدوات تشخيص “كوفيد-19” ولقاحاته وعلاجاته حول العالم.

وترى لندن أن تعزيز استعدادها لمواجهة الجوائح في المستقبل يتم من خلال اتباع نهج “الصحة الواحدة” وإصلاح النظام الصحي العالمي وتفعيل الاستفادة القصوى من البيانات لزيادة الرقابة العالمية على الصحة، وإصلاح منظمة الصحة العالمية، والعمل على إنشاء مركز عالمي للاستخبارات الصحية الواحدة، والذي يمنح الدول والمنظمات مصدراً استخباراتياً وحيداً عن الأخطار البشرية والحيوانية والبيئية.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة