الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون خليجيةشؤون دوليةشؤون عربية

بايدن يتوجه إلى السعودية بآمال كبيرة وتأثير متضائل

تميزت السياسة الأمريكية تجاه السعودية مؤخراً بالتقلب والخطاب الحاد.. ومع ذلك فإن الولايات المتحدة تبقى بحاجة إلى المملكة

كيوبوست– ترجمات

كارولين كيسان♦

لم تجد المديرة الأكاديمية لبرامج الدراسات العليا في شؤون الأمن العالمي في مركز الشؤون العالمية والأستاذة في جامعة نيويورك كارولين كيسان، أفضل من أغنية فرقة رولينغ ستون “لا يمكنك دائماً الحصول على ما تريد”، لتفتتح بمطلعها مقالها الذي نشره موقع “بارونز”، والذي تتحدث فيه عن الآمال الكبيرة التي يعلقها جو بايدن على زيارته إلى المملكة العربية السعودية على الرغم من تراجع تأثيره في المنطقة.

ترى كيسان أن المملكة سوف تحصل على ما تريده وتحتاج إليه من زيارة الرئيس الأمريكي، وفي المقابل لن يحصل بايدن إلا على القليل المتمثل في زيادة إنتاج النفط الذي لن يكون كافياً. وتشير إلى أن ما يرغب فيه بايدن هو المزيد من إنتاج النفط السعودي متوسط الكبريت؛ الذي تستطيع المصافي الأمريكية تكريره، بالإضافة إلى خروج المملكة من اليمن أو على الأقل تمديد وقف إطلاق النار إلى ما بعد موعده النهائي المقرر في أغسطس المقبل.

هذا ما يريده الرئيس، ولكن ما الذي سيحصل عليه؟ يبدو أن طاقة إنتاج النفط في المملكة قريبة من حدها الأقصى، ومن غير المحتم أن تؤدي الزيارة إلى زيادة كبيرة يكون لها تأثير واضح على الأسعار العالمية؛ ولكنها ستعود بمكاسب كبيرة على قيادة المملكة وستعزز مكانة ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان. كما تعتبر الزيارة إحياء لاتفاقية الأمن مقابل النفط طويلة الأمد التي صاغها الرئيس روزفلت مع الملك عبدالعزيز عام 1945 على متن السفينة الأمريكية يو إس إس كوينسي، في قناة السويس.

اقرأ أيضاً: جو بايدن والشرق الأوسط الجديد

كان الرئيس بايدن قد شن هجوماً قوياً على المملكة أثناء حملته الانتخابية؛ ولكنه خفف من لهجته بعد توليه منصبه، وهو الآن يتحدث عن القيادة الشجاعة للمملكة. يبدو أن بايدن قد بدأ يمارس شكلاً من أشكال الحكمة القائلة “أبق أصدقاءك قريبين وأعداءك أقرب”. ومهما كان الأمر، فإن الزيارة تمثل فوزاً كبيراً في العلاقات العامة لولي العهد السعودي.

الرئيس بايدن في أول زيارة رسمية له للشرق الأوسط- “سي بي إس نيوز”

ولا ترى كيسان في رحلة بايدن استسلاماً، بل تحكيماً لعقل. فربما يرغب الرئيس بايدن في أن تكون المملكة دولة منبوذة؛ لكن هذا ليس في مصلحة الولايات المتحدة التي سوف تستمر في الاعتماد على المملكة كجزء من رؤيتها الإقليمية للشرق الأوسط. وسياسات بايدن الحالية التي يتبعها لمعالجة أزمة النفط تشكل تحولاً كبيراً عن خطابه السابق بشأن الوقود الأحفوري؛ فهو الآن يدعو السعودية إلى زيادة إنتاجها، وأمر بالإفراج عن الاحتياطات النفطية الاستراتيجية الأمريكية، وطالب بإعفاء ضريبي على الغاز، ودعا المنتجين ومصافي النفط إلى زيادة إنتاجهم. وكل ذلك لا يبدو قيادة مناخية عظيمة للولايات المتحدة؛ ولكن مع ارتفاع أسعار الوقود وجد بايدن نفسه مضطراً إلى الاعتراف بأهمية أوبك والمملكة العربية السعودية. والآن نرى الرئيس الأمريكي يسافر إلى المملكة وليس العكس. وإذا كان محمد بن سلمان يرغب في تعزيز شرعيته وترسيخ حكمه، فإن الولايات المتحدة تساعده في ذلك.

اقرأ أيضاً: لماذا سأزور المملكة العربية السعودية؟

تميزت السياسة الأمريكية تجاه السعودية مؤخراً بالتقلب والخطاب الحاد، ومع ذلك فإن الولايات المتحدة تبقى بحاجة إلى المملكة في مواجهة إيران، وكمصدر للنفط في عالم ما زال بحاجة ماسة إلى الكثير منه. ومن الأفضل للولايات المتحدة أن تكون على علاقة جيدة مع ملكها المستقبلي؛ ولكن الأمر الجديد في هذه الزيارة هو أن النفوذ الذي كانت تمارسه الولايات المتحدة ذات يوم قد تضاءل كثيراً. فالصين أصبحت لاعباً أساسياً على المسرح العالمي، وهي الآن أكبر مستورد للنفط في العالم، وتعمل على تقوية علاقاتها مع المملكة. ومن ناحية أخرى، فقد جلب ارتفاع أسعار النفط مكاسب غير متوقعة للميزانية السعودية.

واليوم المملكة العربية السعودية أقل ميلاً إلى الانحياز إلى الولايات المتحدة الأمريكية فقط؛ بل أصبحت تفضل الالتزام بعدم الانحياز وبمصالحها الوطنية الخاصة. وأصبحت تتمتع بقوة ونفوذ يتجاوزان كونها دولة غنية بالنفط وتجاوزت ثروتها ما يخرج من باطن الأرض؛ فهل سيلتزم محمد بن سلمان باتفاق جديد بين الولايات المتحدة والسعودية للقرن الحادي والعشرين؟ من الصعب الإجابة عن هذا السؤال؛ ولكن من المرجح أنه سوف يحصل على ما يريده من خلال استراتيجية عدم الانحياز، وسيستمر في تلقي الغزل من الولايات المتحدة والصين.    

♦المديرة الأكاديمية لبرنامج الدراسات العليا في الشؤون العالمية والأمن الدولي في مركز الشؤون العالمية، وأستاذة في جامعة نيويورك.

المصدر: بارونز

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة