الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

باريس يقظة في وجه التدخل التركي

سواء في الدين أو الثقافة أو السياسة يقع المجتمع الفرنسي- التركي النشط والمنظم للغاية في قلب الصراع على النفوذ بين باريس وأنقرة

كيوبوست- ترجمات

هي قصة تعود إلى القرن الماضي، تحديداً في 27 مارس 1994، وفي أحد مقاهي إسطنبول، تشارك مثقفون أتراك قلقهم مع صديق فرنسي من انتخاب إسلامي، هو رجب طيب أردوغان؛ رئيساً لبلدية إسطنبول وصعود الإسلام السياسي. في ذلك الوقت، كانت تلك الكوادر المجهولة تنادي بالفعل لتحويل كاتدرائية آيا صوفيا إلى مسجد، بعد ستة وعشرين عاماً حدث ذلك بفضل سياسة أردوغان، الذي بدأ كرئيس وزراء لتركيا من 2003 إلى 2014 ثم رئيساً، واليوم حزبه حزب العدالة والتنمية، يعطل العالم وأوروبا.

الذئاب الرمادية أحد التنظيمات التركية المتطرفة في فرنسا- وكالات

باريس تواجه رجلاً بخطاب مناهض للغرب، يزعم أن “الاندماج جريمة ضد الإنسانية”، تستفز تلك اللهجة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، “لا يمكن أن تطبق قوانين تركيا على الأراضي الفرنسية” يقول ماكرون، يستحضر وزير الخارجية جان إيف لوريان، ما يصفها “فتنة إسلامية قومية” ، ويرصد جيرالد دارمانان وزير الداخلية، ما يقول إنها “التأثيرات الخارجية التي ترغب بعض الدول في ممارستها على أراضينا عبر قواها الناعمة، نحن نراقب عن كثب ما يفعله السيد أردوغان”.

اقرأ أيضاً: السياسة الخارجية لأردوغان تعجل بانهيار تركيا

كبار المسؤولين يتحدثون عن “تدخل” تركيا في فرض رقابة مشددة على الإسلام في فرنسا، يلاحظ جان ماركو، الأستاذ في Science Po Grenoble والمتخصص في الشؤون التركية، ذلك؛ حيث تم على مدى أعوام “إرسال الأئمة الذين يسيطر عليهم حليفنا (داخل الناتو) ويتلقون خطبهم من وزارة الشؤون الدينية في أنقرة، المشكلة خارجة عن السيطرة”، كما يقول.

لكن الوضع تغير في عشرين عاماً، والأزمة باتت أكثر حدة من أي وقت مضى؛ حيث بدأت فرنسا تتناول القضايا الحساسة للأئمة المعارين والتعاليم “الثقافية واللغوية”. في قلب هذه المواجهة هناك مجتمع فرنسي- تركي مؤلف من 600.000 إلى 800.000 شخص حسب الأرقام الرسمية، مع استبعاد الأكراد من أصل تركي والعلويين وأنصار غولن (المعارضين الإسلاميين لحزب العدالة والتنمية).

أتراك فرنسا في قلب صراع ماكرون وأردوغان- “أ ف ب”

 

اقرأ أيضاً: كعب أردوغان الأخيل!

مجتمع نشط ومنظم

هم مجتمع منظم وفعال للغاية، يتميز أعضاؤه في أربعة مجالات: الدين والثقافة والسياسة وأخيراً العمل المباشر؛ لكن هذا المجتمع يقع اليوم في صلب الصراع على النفوذ بين باريس وأنقرة.

على الصعيد الديني، يضم الإسلام “التركي” رسمياً 358 مكاناً للعبادة (400 وفقاً لمصدر آخر) من إجمالي 2623 مسجداً وغرفة للصلاة في فرنسا؛ أي بنسبة 14 إلى 15%. وممثلو هذا المجتمع هم أعضاء في مؤسستين معروفتين؛ بعضهم منتخبون في المجلس التنفيذي للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، وأحدهم هو الأمين العام للمجلس، والذي ترأسه فرنسي- تركي من 2017 إلى 2019، وسيترأسه ثانية من 2024 إلى 2026.

المؤسسة الأكثر أهمية وهي أيضاً الأكثر رسمية، مرتبطة باتحاد الشؤون الدينية التركية الإسلامية، وتضم لجنة التنسيق للمسلمين الأتراك في فرنسا، وتشرف على 270 إلى 280 مسجداً، كما تستضيف 151 إماماً معاراً. اتحاد الشؤون الدينية “ديتيب” هو مؤسسة تابعة لـ”رئاسة الشؤون الدينية التركية”، والتي أنشأها مصطفى كمال أتاتورك عام 1924 لتعكس إسلاماً متحضراً؛ لكنها وقعت في براثن البيروقراطية الدينية المرتبطة بأردوغان منذ عام 2018.

يقول أحد الخبراء: “هم المسؤولون عن تنظيم الحج، وذبح خراف العيد، والتأمين الاجتماعي، والإشراف على حالات الوفاة لإعادة الجثث إلى تركيا، فضلاً عن متابعة الأئمة الانفصاليين، والذين تريد باريس إبعادهم في عام 2024”.

ويضيف مصدر رسمي: “نعلم أن بعض هؤلاء المتدينين قد تدخلوا أو قد يتدخلون في تنظيم هجمات ضد فرنسا عبر تأجيج الإسلاموفوبيا، أو بتشويه كلام رئيس الجمهورية”. في عام 2019، تحدث مسؤول استخباراتي عن رجال دين شرحوا للأطفال “أن رئيسهم ليس السيد ماكرون بل السيد أردوغان”.

وتخوف مسؤول كبير من أنه حتى بعد عام 2024، سيعمل الأتراك على إرسال هؤلاء الأئمة وسيضمنون وصولهم إلى فرنسا، “سواء أكانوا دون تأشيرات أم حاصلين على تأشيرات لأسباب أخرى”.

المصدر: لوفيغارو 

اتبعنا على تويتر من هنا

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة