الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

انفجار منشأة نطنز النووية الإيرانية.. الجدول الزمني والسيناريوهات المحتملة

كيوبوست – ترجمات

سيث جي فرانتزمان♦

أثار حادث وقع في منشأة نطنز للتخصيب النووي في إيران، في الثاني من يوليو الجاري، تكهناتٍ حول ما إذا كان الحادث بمثابة انتكاسة خطيرة للبرنامج النووي الإيراني، وكذلك حجم التأثير الناجم عنه. كما تسبب في إثارة تساؤلات حول ما إذا كان، كما تؤكد إيران، حادثاً أم تخريباً متعمداً.

كان الحادث هو الأخير من ثلاثة حوادث مخيفة خلال أسبوع. ففي 25 يونيو، أدى انفجار هائل، شوهد من على بُعد عدة أميال في طهران، إلى حرق سفح تلة بالقرب من مجمع الصواريخ في منطقة خوجير. وفي 30 يونيو، اشتعل حريق بمركز طبي في طهران؛ ما أسفر عن مقتل أكثر من 10 أشخاص. وفي 2 يوليو، أشارت وسائل الإعلام الإيرانية في البداية إلى حادثة في منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم في إيران، دون ذكر مزيد من التفاصيل.

اقرأ أيضاً: إسرائيل تخترق أنظمة العمل في ميناء إيراني

ويأتي ذلك في أعقاب هجوم إلكتروني؛ حيث زعمت إيران أن هجوماً إلكترونياً أضر بميناء شاهد رجائي في مايو الماضي. ومن الناحية التاريخية، فإن نطنز منشأة نووية مهمة قد تعرضت إلى التخريب من قبل. وتأثرت نطنز آخر مرة بالفيروس الإلكتروني الخبيث “ستاكسنت”، الذي أصابها عام 2010. وطورت إسرائيل والولايات المتحدة “ستاكسنت”، وفقاً لصحيفة “نيويورك تايمز“، وربما تكون قد دمرت ما يصل إلى 1000 جهاز طرد مركزي في منشأة نطنز.

وأشارت وكالة “أسوشييتد برس” إلى أن الإدارة الوطنية الأمريكية لعلوم المحيطات والغلاف الجوي، لديها بيانات من قمر اصطناعي يتتبع الحرائق، وتُظهر البيانات اندلاع حريق في نحو الساعة 2 صباحاً. ويتسق ذلك مع ما قاله شخص على الأرض بأنه سمع انفجاراً.

ما منشأة نطنز؟

صورة القمر الصناعي لمنشأة نطنز للتخصيب النووي والورشة الملحقة بها.. إيران يوليو 2020- “أسوشييتد برس”

تتكون نطنز من منشأة لتخصيب الوقود؛ وهي أكبر منشأة لتخصيب اليورانيوم بالطرد المركزي في إيران، حسب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي). حيث بدأ العمل في المنشأة عام 2007، وكانت جزءاً من خطة العمل الشاملة المشتركة، أو الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015. وتقول “بي بي سي”: “قبل عام 2015، كانت البلاد تمتلك منشأتين للتخصيب؛ هما نطنز وفوردو، حيث تم إدخال غاز سادس فلوريد اليورانيوم في أجهزة الطرد المركزي؛ لفصل النظائر الأكثر انشطاراً (يو- 235)”.

وأضافت “بي بي سي”: “شهد الاتفاق موافقة إيران على إنتاج يورانيوم منخفض التخصيب فقط، والذي يحتوي على تركيز 3- 4% من (يو- 235)، ويمكن استخدامه لإنتاج الوقود لمحطات الطاقة النووية. ويتم تخصيب اليورانيوم المستخدم في الأسلحة بنسبة 90% أو أكثر، ووافقت إيران أيضاً على عدم تركيب أكثر من 5060 جهازاً من أقدم أجهزة الطرد المركزي وأقلها كفاءة في نطنز حتى عام 2026، وكذلك عدم تنفيذ أي تخصيب حتى عام 2031. ومن المفترض أن تعمل أجهزة الطرد المركزي البالغ عددها 1044 دون حقن غاز سادس فلوريد اليورانيوم”.

اقرأ أيضاً: خيارات المواجهة الإسرائيلية للنشاط النووي الإيراني

وفي نوفمبر 2019، قالت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية إنها ضاعفت عدد أجهزة الطرد المركزي المتقدمة في الموقع. وكان هذا جزءاً من قرار إيران بزيادة التخصيب والابتعاد عن اتفاق 2015. وتم رفض دخول أحد مفتشي الموقع في عام 2019. وكانت إيران تتقدم في التخصيب في منشأة نطنز. ووفقاً لتقارير صدرت نهاية عام 2019، كشفت إيران عن 30 جهاز طرد مركزي من طراز (آي آر- 6) لمنشأة نطنز، وكان هناك 60 من هذه الأجهزة تعمل في نطنز خلال ذلك الوقت.

حادث وتصريحات رسمية

منشأة نطنز للتخصيب النووي من الداخل.. إيران- “أسوشييتد برس”

وقال بهروز کمالوندي، المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، إنه لم تقع إصابات في نطنز، وإنه تم بدء تحقيق في الحادث في الثاني من يوليو. ولم ترد أنباء على نطاق واسع في وسائل الإعلام الإيرانية إلا بعد نحو ثماني ساعات من وقوع الانفجار الأول واندلاع النيران. وغطت أخبار قناة “آي آر آي بي” جولة في المنطقة التي احترقت بعد الظهر.

اقرأ أيضاً: من تاريخي إلى “كارثي”: قصة الاتفاق النووي مع إيران

وفي 3 يوليو، سلطت إيران الضوء على بيان الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي بدا أنه قلل أيضاً من تأثير الانفجار. وجاء في البيان: “وفقاً للمجموعة الدولية، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوم الخميس، رداً على أنباء الحادث: إنه وقع في إحدى الحظائر تحت الإنشاء في المنطقة المفتوحة من موقع نطنز النووي، وإنه من المحتمل أن يؤثر هذا الحادث على إشراف الوكالة والأنشطة في الموقع”.

وأكدت وسائل الإعلام الإيرانية أن “الحادث وقع في إحدى الحظائر تحت الإنشاء في المنطقة المفتوحة لموقع نطنز”، وقال بهروز کمالوندي، المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية: “في الواقع، لا يوجد تلوث”. وأشار کمالوندي إلى أنه: “لسوء الحظ، انتشرت بعض الشائعات من قِبل وسائل الإعلام المعارضة بشأن مسألة التلوث، وهذا غير صحيح على الإطلاق”، قائلاً: “فِرق الخبراء في مكان الحادث، وتحقق في سبب الحادث”. وكان هذا أحد ثلاثة تقارير قدمتها وسائل إعلام مثل “تسنيم”. بينما جاءت تصريحات کمالوندي كمحاولة من قِبل طهران للسيطرة على تلك الرواية.

تبني المسؤولية وبيانات أخرى

المتحدث باسم وكالة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي يرافق الصحفيين في جولة بمنشأة نطنز.. مايو 2019- وكالة “تسنيم” الإيرانية

على مدى يوم 2 يوليو، ظهرت تفاصيل حول الحادث. وأفاد تحليل أوردته وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إيرنا)، أن “النظام الصهيوني والولايات المتحدة” يتجاوزان الخطوط الحمراء. وقال العميد غلام رضا جلالي، رئيس منظمة الدفاع السلبي الإيرانية، يوم الجمعة 3 يوليو، إن هناك هجمات إلكترونية محدودة للغاية يتم شنها ضد منشآت البلاد منذ بداية العام الإيراني الحالي.

اقرأ أيضاً: هل يكشف المستقبل القريب عن قنبلة نووية إيرانية؟

وأعلنت مجموعة تسمى “فهود الوطن” مسؤوليتها، وفقاً لرسائل بريد إلكتروني تردد أنها أرسلت إلى الخدمة الفارسية لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي). ووصلت رسائل البريد الإلكتروني “قبل ساعات من ظهور أي أخبار عن الحادث”، حسب إذاعة “فاردا”. ومع ذلك، ادَّعت رسائل البريد الإلكتروني شيئاً أكثر تعقيداً. وأكدت وقوع هجوم، ثم تم التستر عليه. ويبدو أنهم يريدون نزع الغطاء عن التستر المفترض.

ونقل تقرير “أسوشييتد برس” عن فابيان هينز، من مركز جيمس مارتن لدراسات عدم الانتشار النووي، أن الحريق وقع في منشأة جديدة لإنتاج أجهزة الطرد المركزي. كما وافق ديفيد أولبرايت، من معهد العلوم والأمن الدولي، على أن الحريق كان في منشأة إنتاج جديدة. وسيكون هذا انتكاسة لإنتاج إيران من اليورانيوم المخصب. وقال هينز إن ذلك قد يؤخر تقدم تقنية أجهزة الطرد المركزي. وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن مسؤول استخبارات شرق أوسطي قال إن “الانفجار ناجم عن عبوة ناسفة زرعت داخل المنشأة”. وأضاف أن “الانفجار دمر الكثير من الأجزاء فوق الأرض بالمنشأة، وأن هذه المنطقة تحتوي على أجهزة الطرد المركزي الجديدة”.

3 يوليو.. تزايد الادعاءات

الخبر كما ورد في الصحيفة الكويتية- أرشيفية

في 3 يوليو، أفادت صحيفة “الجريدة” في الكويت، أن مقاتلات إسرائيلية من طراز (إف- 35) قصفت موقع بارشين دون الحاجة إلى إعادة التزود بالوقود، ثم أشارت إلى أن “هجوماً إلكترونياً إسرائيلياً على (نطنز) استهدف أجهزة كمبيوتر تتحكم في أجهزة ضغط التخزين؛ حيث فقدت طهران 80% من مخزون غاز سداسي فلوريد اليورانيوم الضروري لتخصيب اليورانيوم”.

وأشارت “الجريدة” إلى تقارير سابقة عن قدرة إسرائيل على تسيير طائرات (إف- 35) إلى إيران، كدليل على أن مصدرها كان صحيحاً هذه المرة. ونفى المصدر أيضاً أن إسرائيل قصفت موقع نطنز بغارة جوية، مؤكداً أنها شنت هجوماً إلكترونياً على المنشأة الإيرانية.

ونجحت طهران في اختراق موقع هيئة المياه الإسرائيلية، قبل أسابيع قليلة؛ للرد على تل أبيب التي نفذت هجوماً إلكترونياً استهدف ميناءً إيرانياً. ويشار إلى أن موقع نطنز النووي، وهو الموقع الرئيس لتخصيب اليورانيوم والموجود في محافظة أصفهان، قد تم اختراقه من قبل من خلال فيروس “ستاكسنت”؛ ما تسبب في تأخير البرنامج النووي الإيراني.

اقرأ أيضاً: تغيُّر شكل المواجهة بين إسرائيل وإيران في 2020

ويمكن قراءة تقارير “الجريدة” في مارس 2019 عن حوادث الـ(إف- 35) السابقة ضمن هذا السياق. وقد تمت مناقشة التقارير السابقة واعتبرت ذات أهمية. وعادة ما تعيد وسائل الإعلام الإسرائيلية إعداد تقارير عن هذه النتائج أو غسلها (تحويل البيانات المسروقة بحيث يمكن بيعها أو استخدامها بواسطة قواعد بيانات مشروعة ظاهرياً).

قوات الدفاع المدني تتفقد موقع الحريق الذي شبّ في مركز طبي شمال طهران.. 30 يونيو- “رويترز”

ويتضمن تقرير 3 يوليو المنشور في “الجريدة” بعض التفاصيل؛ حيث تقول الصحيفة إن التخريب استهدف تخزين غاز سادس فلوريد اليورانيوم المستخدم في تخصيب اليورانيوم. ويرتبط هذا بتقارير نوفمبر 2019، التي تقول إن إيران بدأت إنتاج وحقن الغاز في أجهزة الطرد المركزي (آي آر- 6). وتلك هي أجهزة الطرد المركزي المتقدمة التي زادت إيران من عددها في منشأة نطنز. وتحدث علي أكبر صالحي، من منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، علانيةً عن الغاز وأجهزة الطرد المركزي الجديدة.

اقرأ أيضاً: طائرات “F-35” الإسرائيلية جاهزة للتصدي لصواريخ كروز الإيرانية

وتؤكد الصحيفة الكويتية أن إيران فقدت الآن 80% من مخزونها من هذا الغاز. وتقول: “من المحتمل أن يكون هذا هجوماً إلكترونياً على شبكة الكمبيوتر التي تتحكم في خزانات ضغط التخزين. وستحتاج إيران إلى نحو شهرين لتعويض الغاز الذي فقد”. وأدى انفجار نطنز إلى “تصدع في بناء المفاعل. وذهبت مجموعات متخصصة إلى المفاعل؛ لاكتشاف ما إذا كان هناك تسرب في المواد المشعة”.

وساعدت التقارير الصادرة في 3 يوليو في تحديد موقع المبنى في منشأة نطنز الذي وقع فيه الحادث على إحداثيات تقريبية 33°ـ 43 شمالاً، 51 -°43 شرقاً. وتشير المعلومات الآن إلى أن هذا المبنى الذي يضم “معدات داخل الورشة تم استخدامها لأخذ قياسات دقيقة أثناء تجميع أجهزة الطرد المركزي الحساسة التي يصعب بناؤها”.

اقرأ أيضاً: ماذا ينتظر الشرق الأوسط بعد تصفية سليماني؟.. تحليلات غربية تُجيب

وقالت سارة بوركهارد، باحثة في معهد العلوم والأمن الدولي، ومقره واشنطن، في مقابلة مع الخدمة الفارسية لإذاعة صوت أمريكا: “لقد استغرق الإيرانيون وقتاً طويلاً لبناء ورشة العمل هذه”. وأضافت: “بدأ بناؤها عام 2012، ووصلوا فقط إلى نقطة يمكنهم فيها بدء العمليات هناك في عام 2018”. وأشارت تقارير 3 يوليو بشكل متزايد إلى التخريب كعامل أساسي وراء الانفجار، وذلك على عكس ما يتردد عن أنه مجرد حادث.

المصدر: ميد إيست سنتر

 اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة