شؤون عربية

انشقاق خالد المشري عن “إخوان ليبيا”: وضوح الأسباب وغموض البيان!

مراقبون يصفون الانشقاق بأنه شكلي وشبيه بانشقاق عبد المنعم أبو الفتوح!

كيو بوست – 

أعلن خالد المشري، القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، العضو المؤسس في حزب “العدالة والبناء” الذراع السياسية للإخوان، رئيس “المجلس الأعلى للدولة الليبية”، استقالته من جماعة الإخوان، وذلك في بيان مصّور نشره على صفحته في “فيسبوك”.

أعلن استقالتي وانسحابي من جماعة الإخوان المسلمين، وذلك انطلاقا من المقتضيات الوطنية الفكرية والسياسية، ومن باب الصدع بالقناعة، والوضوح مع المواطن الليبي، مع استمراري في العمل السياسي والحزبي، والاحتفاظ بكل الود والاحترام لكل أعضاء الجماعة.

Posted by Khaled Elmeshri on Saturday, 26 January 2019

ووجه المشري حديثه إلى الشعب الليبي وجماعة الإخوان الليبية، وبدأ خطابه بالحديث عن “وسطية الإسلام”، بعيدًا عما وصفه بـ”الغلو والتطرف والعنف والكراهية”، مقدمًا عادات المجتمع التي تتسم بـ”العفو والصفح والتسامح”، التي وصفها بأنها “كانت المنشأ لأدبيات” الإخوان المسلمين.

التناقضات التي تلاها المشري في المقدمة، قد تكون مدخلًا لفهم ما يريد قوله في آخر البيان الذي ختمه بالاستقالة من الجماعة، خصوصًا عندما وصف عادات المجتمع وتقاليده المتسامحة بأنها “كانت” -أي فعل ماض- المنشأ لأدبيات الإخوان، مما يعني أن تلك الأدبيات لم تعد موجودة ضمن مبادىء الجماعة.

اقرأ أيضًا: إخوان ليبيا يطالبون بالتدخل العسكري التركي في بلدهم

ومن خلال عقد المقارنات بين ما كانت عليه الجماعة في الماضي، وما أصبحت عليه اليوم من تشدد وانعدام الوسطية والتسامح، أراد المشري إيصال رسالة واضحة للشعب الليبي أن استقالته من الجماعة جاءت بناءً على اعتقادات فكرية وليس خلافات سياسية.

وقال المشري: “أعلن استقالتي وانسحابي من جماعة الإخوان المسلمين؛ وذلك انطلاقًا من المقتضيات الوطنية الفكرية والسياسية، ومن باب الصدع بالقناعة والوضوح مع المواطن الليبي، مع استمراري في العمل السياسي والحزبي”.

 

نبذ الفكر الإخواني

في قراءة معمقة للبيان الذي تلاه المشري، نرى فيه استذكارًا للأسباب والمبادىء القديمة التي جعلته ينتمي للجماعة، وهو ما يمثل رسالة لعناصرها بأنها تغيّررت، خصوصًا مع تشديده على أن استقالته جاءت لأسباب فكرية ووطنية، مدفوعة بـ”الوضوح مع المواطن الليبي”؛ كأنه يريد القول بأنه لا يريد خداع المواطن. وفي الوقت ذاته، قام بتذكير الشعب الليبي “بالعمل بعيدًا عن أي شعارات أو أسماء قد تُستخدم لضرب وحدة المجتمع”.

اقرأ أيضًا: ما وراء تحالف إخوان ليبيا مع ميلشيات “الجضران”

 

مراجعات الجماعة

بحسب ما كان يُتداول داخل دهاليز الإخوان في ليبيا، كانت الجماعة منقسمة انقسامًا واضحًا بين تيارين رئيسين: الأول هو المتشدد بقيادة علي الصلابي، والثاني هو الإصلاحي بقيادة خالد المشري، وهو الخلاف الذي عبّر عنه المشري في لقاء مع قناة “فرانس24” عندما أوضح أنهما ليسا على توافق وهناك اختلافات كبيرة بينهما، وبأنه لا يدعم المتشددين بأي شكل ولا بأي نوع، مباشر ولا غير مباشر، على حد تعبيره.

ولكن المشري، بحسب بيان الاستقالة، وضع فشل المراجعات التي تجريها الجماعة منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2011، وما تمخض عن تلك المراجعات من قرارات بـ”حصر نشاط الجماعة في المجال الدعوي والخيري” و”إنهاء العمل السري” و”تسجيل الجماعة كجمعية خيرية مرخصة”، وعدم تنفيذها، كأسباب للخروج من التنظيم.

كما تحدث عن مخرجات مراجعات 2015، أي تلك التي تخص العمل العلني للجماعة بما يتجنب ما يثير الخلافات، وإنهاء وجود جماعة الإخوان، والتحوّل إلى العمل المؤسساتي، واصفًا إياها بأنها “لم ترَ النور” لأسباب لم يذكرها.

اقرأ أيضًا: هذا ما تخفيه سفينة الأسلحة التركية المتجهة إلى ليبيا!

وقد فسّر مراقبون ما قاله مشري عن تمسك الجماعة بالعمل السري وابتعادهم عن العمل المؤسساتي، بأنه اعتراف منه بفشل الجماعة من الخروج من نطاق العمل الميليشياوي المسلّح السرّي، وعدم مقدرتهم على التحول إلى حزب سياسي مدني، وهو ما ظهر في المناطق التي سيطرت عليها جماعة الإخوان؛ إذ أصبحت تلك المناطق بيئة حاضنة للإرهاب، وتنتشر فيها ثقافة الاغتيالات والإقصاء، وهو ما ألمح إليه المشري عندما ركز في دوافع استقالته على تمسك الجماعة بالعمل السري بما يتنافى مع “تماسك نسيج الوطن”.

 

غموض في الخطاب

جاءت استقالة خالد المشري من تنظيم الإخوان، وسط أنباء تتحدث عن استقالة أخرى قد يقدمها مصطفى صنع الله، من الجماعة.

وقد فسّر نشطاء ليبيون استقالة المشري بأنها جاءت بعد الإنجازات التي أحرزها الجيش الوطني الليبي على الأرض، واكتساحه لمناطق الجنوب، بعدما كانت جماعة الإخوان تُراهن على خلق قيادة عسكرية موالية لهم، تقوم بدور مواز ومنافس للجيش الوطني الليبي، الأمر الذي قد يدفع إلى استقالات أخرى.

واعتبر مراقبون أن غموض المشري في انسحابه من الجماعة، وفي الوقت ذاته تمسكه بالعمل السياسي، جاء من أجل خوض الانتخابات. ولأن القاعدة الشعبية المؤيدة للمشري في معظمها من الإخوان، لم يرد أن يخسر رهاناته السياسية بعيدًا عن الجماعة ومؤيديها، ولهذا لم ينسحب بشكل كامل، بحسب التحليلات.

ولكن حديث المشري عن إكماله للعمل السياسي بثقة، بعيدًا عن الإخوان وعناصرهم، وصفه مراقبون بأنه شبيه بتقاسم الأدوار الذي عمل به الإخوان في مصر قبل الانتخابات الرئاسية، عندما دفعوا بعبد المنعم أبو الفتوح للانشقاق عن الجماعة وتأسيس حزب “مصر القوية”، معتمدًا على عناصر إخوانية، أخذهم من التنظيم؛ ليستلم الإخوان الحكم والمعارضة في الوقت ذاته، بتوافق ضمني.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة