الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

انحسار الإرهاب في تونس لا يلغي خطورته.. جند الخلافة أنموذجاً!

يعتبر تنظيم "جند الخلافة" واحداً من التنظيمات الإرهابية الخطيرة في تونس وأدرجته الولايات المتحدة ضمن قائمة الإرهاب

كيوبوست

إعلان الجيش التونسي، مؤخراً، القضاء على ثلاثة إرهابيين تابعين لتنظيم جند الخلافة الموالي لتنظيم الدولة الإسلامية، خلال عملية في جبال منطقة القصرين غرب البلاد قرب الحدود مع الجزائر، يعيد إلى الواجهة الحديثَ عن استمرار الخطر الإرهابي في تونس رغم الجهود الرامية لمكافحته.

ورغم أهمية العملية التي تؤكد مساعي القوات المسلحة التونسية للقضاء على التنظيمات الإرهابية المتحصنة بالجبال؛ فإنها أوضحت أن تونس ما زالت تواجه جدياً خطر التنظيمات الإرهابية، خصوصاً بعد أحداث الـ25 من يوليو 2021 التي أزاحت حركة النهضة، المحرك والداعم للعناصر المتطرفة في تونس، من الحكم، وتصاعد المخاوف من أن تستثمر الإرهاب لزعزعة الاستقرار في البلاد عسى أن يُعيدها ذلك إلى السلطة.

اقرأ أيضاً: هل تفتح تونس جدياً ملف تسفير الشباب لبؤر الإرهابيين؟

وقالت وزارة الدفاع التونسية، في بيان، إنها “تمكنت خلال عملية ميدانية مشتركة مع قوات الأمن والحرس، صباح الجمعة، في مرتفعات جبل السلوم، من (القضاء على ثلاثة إرهابيين تابعين لتنظيم جند الخلافة)”.

وكانت السلطات التونسية قد صنفت سنة 2014 جبل السلوم وعدداً من المرتفعات الأخرى في محافظة القصرين “منطقة عمليات عسكرية مغلقة” لمكافحة التنظيمات المتطرفة.

وأعادت العملية المخاوف من خطر التنظيمات الإرهابية المتحصنة في الجبال منذ سنوات؛ لا سيما “جند الخلافة” الذي أصبح أكثر قوة من كتيبة عقبة بن نافع التابعة لتنظيم القاعدة، والذي قام بالعديد من العمليات الإرهابية التي أودت بحياة العشرات؛ خصوصاً في صفوف الأمن والجيش.

“داعش” أخذ بزمام الأمور من “القاعدة” في جبال تونس- (صورة وكالات)

عمليات متواصلة

كانت كتيبة عقبة بن نافع التنظيم الوحيد الموجود في تونس، مستفيداً من حالة الفوضى التي تلت ثورة الـ14 من يناير 2011؛ خصوصاً من تفرد حركة النهضة بالسلطة في السنوات الأولى للثورة. ولهذه الأسباب كان نشاطها على صعيد العمليات أكبر وأوسع في أوائل عام 2013، وفي عامَي 2013 و2014 شنت الكتيبة هجوماً على مراكز عسكرية وأمنية وثكنات في تونس، ونفذت عمليات في بلدات ومدن عدة. وبين 2013 و2017، تم الإبلاغ عن 39 هجوماً بالعبوات الناسفة على الأقل في القصرين والكاف وجندوبة؛ ما أسفر عن مقتل أو إصابة أكثر من 100 جندي وحارس.

وفي سنة 2014، أُصيبت كتيبة عقبة بن نافع بالتصدع وانشقت عنها إحدى الوحدات، وأعلنت الولاء لتنظيم الدولة الإسلامية، وأطلقت على نفسها اسم “جند الخلافة”، وتدريجياً اتسعت الانشقاقات؛ ما أدى إلى توسع هذا التنظيم سريعاً وحلَّ مكان كتيبة عقبة بن نافع في ثلاثة جبال. وفي 2015، ظهر تنظيم جند الخلافة في تونس بقوة، ورغم التقائه مع كتيبة عقبة بن نافع في مسألة استهداف قوات الأمن والجيش بشكل خاص؛ فإنه حاد عنها في مسألة استخدام العنف ضد المدنيين.

اقرأ أيضاً: لماذا تستهدف الجماعات الإرهابية الرعاة في جبال تونس؟

إذ سعت كتيبة عقبة بن نافع لتجنب استهداف المدنيين، حتى يتسنى لها الحصول على الدعم؛ خصوصاً أنها تعي العلاقة المتوترة بين المدنيين في تونس وقوات الأمن، في حين تعمد “جند الخلافة” في تونس استهداف المدنيين وقتلهم بأساليب مرعبة بهدف ترهيب السكان المحليين وإجبارهم على الخضوع. ومن بين جرائمه اختطاف راعٍ وذبحه وتصوير العملية على شريط فيديو بعد أن اتهمه بالتجسس سنة 2015، وبعد سنتين قامت ذات الجماعة بخطف شقيق الراعي الأكبر وقطع رأسه هو الآخر. وقد أدت هذه الحوادث المرعبة وغيرها إلى بث الذعر لدى الأهالي الذين باتوا يتجنبون تقديم معلومات عنهم للسلطات؛ خوفاً من القتل.

كما تبنى هذا التنظيم عدداً من العمليات الإرهابية الكبرى والخطيرة في تونس، على غرار الهجوم الإرهابي الذي استهدف متحف باردو بتونس العاصمة في شهر مارس 2015، والذي أسفر عن مقتل 21 سائحاً، وجرح 47 آخرين، كما نفذ أفراده هجوماً آخر ضد أحد الفنادق السياحية في محافظة سوسة الساحلية، الذي أودى بحياة 38 سائحاً. وفي ذات السنة أعلن التنظيم مسؤوليته عن الهجوم الانتحاري الذي استهدف حافلة لنقل أفراد الأمن الرئاسي وسط العاصمة تونس، والذي أسفر عن مقتل 12 أمنياً؛ ما دفع الرئيس التونسي، آنذاك، الباجي قائد السبسي، إلى إعلان حالة الطوارئ في البلاد التي ما زالت قائمة حتى الآن.

ورغم العمليات الإرهابية الخطيرة التي شنها تنظيم جند الخلافة؛ فإنه، وعلى غرار كتيبة عقبة بن نافع، لم ينجح في تقويض الدولة التونسية؛ حتى إن كل الخبراء الأمنيين يجمعون على أنه عجز عن مجرد السيطرة على قرية ريفية صغيرة بسبب عدم تمتعه بقاعدة دعم مهمة في مختلف المناطق التي يختبئ في جبالها وحتى العدد القليل جداً من المناصرين يفعل ذلك لغايات مادية لا بسبب الأيديولوجيا أو الإيمان بأفكاره المتطرفة.

تفجير حافلة الحرس الرئاسي بقلب العاصمة تونس- (صورة وكالات)

خطر قائم

الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية علية العلاني، يرى أن عناصر الأمن والجيش نجحت إلى حد كبير في الحد من قوة التنظيمات الإرهابية الموجودة على الأراضي التونسية؛ لكنه لا ينفي أن خطرها ما زال قائماً، خصوصاً بعد أن أقدم سعيد على حل البرلمان وإزاحة قوى سياسية متمسكة جداً بالسلطة من المشهد السياسي؛ وأبرزها حركة النهضة.

علية العلاني

وقال العلاني لـ”كيوبوست”: “رغم الانحسار الملحوظ في حجم وقدرة هذه التنظيمات؛ كـ(جند الخلافة) وكتيبة عقبة بن نافع، على التحرك والتجنيد والحصول على الدعم اللوجستي والمالي والإعلامي، على خلاف نشاطها القوي في السنوات القليلة التي تلت الثورة التونسية بعد سلسلة ناجحة من العمليات الأمنية ضدها، أجبرتها على الانكفاء والاحتماء بقمم جبال وعرة في منطقة الوسط والوسط الغربي؛ فإن الوضع بعد أحداث الـ25 من يوليو 2021، قد يكون مدخلاً للحركات المتطرفة للعودة إلى تونس من جديد. وقد نستحضر محاولة تسلل القيادي الداعشي أبو زيد التونسي، من ليبيا عائداً إلى مسقط رأسه في القيروان وسط تونس، قبل القبض عليه يوم 29 يوليو 2021، والذي تقول المعلومات الأمنية إنه قد عاد إلى البلاد مكلفاً بمهمة تجنيد عناصر جديدة لتنفيذ عمليات إرهابية في تونس؛ ما يعني أن جهات عدة تسعى إلى استغلال الوضع الجديد لصالحها بما يلائم أهدافها وأجندتها بالاستناد إلى المعطيات على الأرض”.

وأضاف: “هذه المعطيات والعمليات الأخيرة التي قامت بها القوات المسلحة ضد عناصر (جند الخلافة)، تؤكد أن خطر الإرهاب لم ينحسر تماماً في تونس؛ خصوصاً أحداث 25 يوليو. ولن يكون مستبعداً أن تظهر تيارات متشددة موالية لها تدعو إلى العنف والخروج على الدولة وحمل السلاح، لا سيما الإرهابيين التونسيين الذين سهلت سابقاً خروجهم إلى بؤر الإرهاب والموزعين على تنظيمات في سوريا والعراق وليبيا والصحراء الإفريقية ومناطق صراع أخرى، ليشكلوا خطراً حقيقياً على تونس؛ خصوصاً بعد الخبرات الهائلة التي اكتسبوها على امتداد الأعوام الماضية”.

اقرأ أيضاً: العمليات الإرهابية تعود إلى تونس.. و”النهضة” كلمة السر

وتعرضت تونس منذ عام 2011 إلى عمليات إرهابية راح ضحيتها العشرات من الأمنيين والعسكريين والسياح الأجانب، وَفق سلطات البلاد.

وتتحصن عناصر مسلحة في الجبال والمرتفعات الغربية التي تقود فيها عمليات خاطفة ضد العسكريين والمدنيين؛ حيث سبق أن تورطت في مقتل رعاة للأغنام، لكن هامش تحركها شهد انحساراً مع فرض مناطق عسكرية مغلقة.

ويعتبر تنظيم جند الخلافة واحداً من التنظيمات الإرهابية الخطيرة، ومنذ 2018 أدرجته الولايات المتحدة ضمن قائمة الإرهاب؛ باعتباره أبرز التنظيمات الإرهابية التي تهدد الأمن والاستقرار في تونس.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة