الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

انتخابات تركيا في موعدها.. والمعارضة تتوحد في مواجهة أردوغان

المعارضة ترشح زعيم حزب الشعب الجمهوري لمنصب الرئيس بعد مفاوضات شاقة

كيوبوست

في إجراء بروتوكولي، وقَّع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الجمعة 10 مارس 2023، مرسوماً يحدد يوم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 14 مايو المقبل؛ وهي الانتخابات التي يتوقع المراقبون واستطلاعات الرأي أن تشهد تنافساً حاداً، بعد 20 عاماً قضاها أردوغان على رأس السلطة، شهدت البلاد خلالها تغييرات جذرية في نظامها السياسي بالتحول من النظام البرلماني إلى الرئاسي منذ وصوله إلى السلطة عام 2003.

ومع اتفاق المعارضة التركية على تسمية زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو، مرشحاً للانتخابات الرئاسية، تزداد حدة المنافسة في السباق الرئاسي. كليجدار سيمثل تحالفاً يضم قوى وأفراداً بارزين بالمعارضة التركية؛ هم: حزب الشعب الجمهوري، وحزب الجيد، وحزب الديمقراطية والتقدم، الحليف السابق لأردوغان، وحزب المستقبل بقيادة رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأسبق أحمد داود أوغلو، وحزب السعادة، والحزب الديمقراطي مع عدد من الشخصيات البارزة منهم رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، ورئيس بلدية أنقرة منصور يافاش، بجانب الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرطاش.

زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو
يوسف كاتب أوغلو

وحول قرار أردوغان إجراء الانتخابات في موعدها، يقول المحلل التركي يوسف كاتب أوغلو، لـ”كيوبوست”: “إن إجراء الانتخابات في موعدها على الرغم من كارثة الزلزال أمر طبيعي؛ فدستورياً لا يجوز إرجاء موعد الانتخابات إلا في حالة الحرب”، مشيراً إلى أن الحكومة التركية تجهز حالياً لنقل مواقع تصويت المواطنين الذين تضررت منازلهم من الزلزال لتكون في أماكن إقامتهم الجديدة.

توافق شاق

عقب مفاوضات شاقة استغرقت شهوراً عدة، جاء اتفاق المعارضة على الدفع برئيس حزب الشعب الجمهوري، وتضمن الاتفاق في حال فوزه تعيينَ رئيسَي بلديتَي إسطنبول وأنقرة نائبَين للرئيس، وهي خطوة هدفت إلى إقناع رئيسة حزب الجيد ميرال أكشينار، بالموافقة على دعم كليجدار؛ حيث سبق ورفضت اختياره مرشحاً للرئاسة، مفضلةً الدفع برئيس بلدية إسطنبول، أو رئيس بلدية أنقرة.

احتفال أنصار حزب المعارضة الرئيسي بالانتصار في الانتخابات المحلية في اسطنبول – أرشيف
محمود علوش

واعتبرت “الإيكونوميست” أن اختيار مرشح المعارضة استغرق وقتاً طويلاً، وتم في أجواء مضطربة؛ خصوصاً بعد موقف زعيمة حزب الجيد الرافض في البداية، وفي ظل استطلاعات الرأي التي اعتبرت أن فرص منصور يافاش أو أكرم إمام أوغلو هي الأعلى. وعلى الرغم من قدرة تحالف المعارضة على تجاوز عدة خلافات جوهرية؛ فإن نجاح الائتلاف يواجه عدة تحديات، حسب الباحث المتخصص في الشأن التركي محمود علوش،الذي يقول لـ”كيوبوست”: “إن كليجدار لا يعد منافساً قوياً بالصورة الكافية بالنسبة إلى الرئيس أردوغان، بجانب ضعف خطابه الانتخابي مقارنةً بخطابات أردوغان، فضلاً عن عجزه في الحصول على أصوات المعارضة المحافظة التي ترغب في الإطاحة بأردوغان؛ لكنها سترفض زعيم حزب الشعب الجمهوري لخلفيته العلمانية، وهي شريحة ليست قليلة ضمن الناخبين، إلى جانب الصوت الكردي الذي سيكون عاملاً مؤثراً في نتائج الانتخابات”.

خطر جسيم

وتشير “بي بي سي” إلى أن أردوغان، الذي أعاد هيكلة تركيا أكثر من أي زعيم حكم البلاد بعد مصطفى كمال أتاتورك، قد يمنعه تراجعه باستطلاعات الرأي وتحدي المعارضة القوي له من الفوز في الانتخابات؛ خصوصاً أن التدهور الاقتصادي بالبلاد يشكل “خطراً جسيماً” عليه.

جواد غوك

يقول المحلل السياسي التركي جواد غوك، لـ”كيوبوست”: إن تحالف المعارضة يحظى بتأييد قطاع عريض من الناخبين يؤهله للفوز في الانتخابات؛ لكنَّ هناك أموراً أخرى يجب وضعها في الاعتبار، من بينها إلى أين ستذهب أصوات حزب الشعوب الكردي، وكذلك الرؤية المستقبلية التي سيتم تقديمها خلال الفترة المقبلة أثناء الحملة الانتخابية.

لكن على العكس، يرى يوسف كاتب أوغلو أن المعارضة لا تملك أية فرص حقيقية في الفوز بالانتخابات؛ لكونها لا تملك أيديولوجيات أو رؤى مشتركة بجانب أن مساحات التوافق بينها محدودة للغاية؛ لكن جمعها هدف إسقاط الرئيس أردوغان.

جانب من الحملة الدعائية للرئيس التركي – أرشيف

وانتقد أوغلو ما وصفه برؤية المعارضة التي تهدد الأمن القومي التركي؛ سواء في ما يتعلق بدعوتهم للعودة إلى النظام البرلماني الذي تسبب في حالة من عدم الاستقرار السياسي في البلاد وكانت الحكومات لا تستمر بسببه طويلاً أو حتى في دعوتهم إلى الحكم الفيدرالي للبلاد.

وأكد أن تحالف المعارضة عند حديثهم عن اختيار نواب للرئيس حال فوزهم؛ فإن النواب لا يحملون نفس الأفكار التي يطرحها الرئيس، ولم يقدموا للناخبين رؤية متكاملة للعمل؛ وهو أمر يثير العديد من التساؤلات حول مدى قدرتهم على التعامل مع الوضع السياسي والاقتصادي لدولة كبرى بحجم تركيا.

 اقرأ أيضًا: الأضرار الجسيمة التي خلفها زلزال تركيا قد تكلف أردوغان الانتخابات

موقف الأكراد

يتطرق محمود علوش إلى موقف المعارضة من حزب الشعوب الكردي الذي يرى أن أي تحالف بين الحزب والائتلاف المعارض سيؤدي إلى إحداث شرخ؛ خصوصاً أن الحزب لن يمانع في تأييد أوغلو، لكن في مقابل هذا الدعم سيطلب من تكتل المعارضة دفع الثمن، ومن ثم سيكون التساؤل المهم هو: كيف يمكن حل هذه المعادلة بأقل خسائر ممكنة لتكتل المعارضة؟

وأضاف أن هناك خلافات عميقة داخل ائتلاف المعارضة عكست غياب الثقة وصراع الإرادات؛ خصوصاً بين حزب الشعب الجمهوري والحركة القومية، وهي خلافات يمكن أن تهدد قوة المعارضة التي لم تتفق بعد على خارطة طريق أو صلاحيات نواب الرئيس، كما لم تتفاهم حول القوائم المشتركة التي ستخوض بها الانتخابات البرلمانية؛ وهي خلافات ليس من السهل حلها في الفترة المتبقية على موعد إجراء الانتخابات.

اقرأ أيضًا: هل يحسم “الحجاب” معركة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا؟

يؤكد علوش أن فرص الرئيس أردوغان في الفوز بولاية رئاسية جديدة لا تزال قوية للغاية؛ لكن سيتعين عليه حسم الانتخابات من الجولة الأولى، لأنه في حال الوصول إلى جولة ثانية ستكون فرصة المعارضة أكبر بكثير.

يختتم يوسف كاتب أوغلو حديثه بثقته في إدراك الشعب التركي المخاطر الناتجة عن وصول المعارضة إلى السلطة وما تحمله رؤيتها من ضرر على البلاد ومستقبلها، مؤكداً أن الانتخابات الرئاسية التركية سيكون تأثيرها كبيراً في المنطقة؛ الأمر الذي خلق حالة من الترقب تجاه النتائج.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة