الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
انتحار وعروض ببيع الكُلى.. هكذا يواجه اللبنانيون ضغوط الحراك الاقتصادية!

كيوبوست
أثار انتحار المواطن اللبناني ناجي الفليطي، بشنقه لنفسه في منزله، بعدما عجز عن توفير ألف ليرة لبنانية (67 سنتًا) لابنته الطفلة الصغيرة، حالةً من التعاطف في الشارع اللبناني؛ خصوصًا في ظل التزايد المضطرد في نسبة البطالة خلال الأسابيع الأخيرة بعدما تسبب الحراك في الشارع اللبناني في إلغاء آلاف الوظائف وتسريح الشركات لآلاف العاملين أو صرف نصف راتب لقطاع منهم.
اقرأ أيضًا: لماذا يرفض الحريري تزكية خليفته رسميًّا حتى الآن في رئاسة الحكومة اللبنانية؟!
وأكدت عائلة الفليطي أن الظروف التي عاشها في الأسابيع الأخيرة تسببت في إقدامه على الانتحار، مع تراكم الديون عليه وعدم قدرته على العمل؛ بسبب الأوضاع الحالية وعدم توفير احتياجات أسرته في ظل مرض زوجتَيه ومحاولته توفير العلاج لهما. بينما أعلن عدد من اللبنانيين عن رغبتهم في بيع كُلاهم؛ لتوفير احتياجاتهم المالية، وهو ما تكرر مع أكثر من شخص خلال الأيام الماضية بلافتات في ساحات التظاهرات.

الكاتب الصحفي اللبناني رئيس تحرير موقع “180” اللبناني، حسين أيوب، قال في تصريح أدلى به إلى “كيوبوست”: “إن المشهد الاجتماعي والاقتصادي في لبنان مأزوم بشكل غير مسبوق، والمفارقة في الوضع اللبناني أن الانفجار الاجتماعي سبق الانهيار الاقتصادي والمادي؛ وهي ظاهرة نادرًا ما تحدث في العالم، فعادةً يأتي الانهيار الاقتصادي أولًا”، مشيرًا إلى أن التساؤل في الوقت الحالي، هو: ماذا لو حدث غدًا الانهيار المالي؟ فاستمرار الوضع بشكله الحالي سياسيًّا سيؤدي إلى انهيار الدولة اقتصاديًّا في غضون 3 أشهر من الآن.
اقرأ أيضًا: سلاح “حزب الله”.. معضلة في الحراك اللبناني
وأضاف أيوب: “إذا كان مواطن واحد قد أقدم على الانتحار بسبب ضيق اليد، فنحن أمام زيادة في البطالة غير مسبوقة؛ فوزارة العمل يوميًّا تستقبل نحو 15 طلبًا من مؤسسات بالإغلاق؛ بما يعني أننا وصلنا إلى نحو 500 مؤسسة منذ بداية الحراك، بجانب أكثر من 230 مطعمًا وملهى أُغلقت بالفعل، فضلًا عن المؤسسات التي تقوم بصرف نصف راتب للموظفين أو تمنحهم إجازات إجبارية؛ لعدم قدرتها على سداد التزاماتها المالية معهم”.
وتوقع الكاتب الصحفي اللبناني أن تؤدي زيادة الأعداد التي تتعرض إلى البطالة إلى زيادة مَن يقومون بالنزول إلى الشارع في الأشهر المقبلة. وعلى الرغم من أن الوضع اليوم في الشارع يوحي بأن الحراك أوشك على الانتهاء؛ فإن الأوضاع الاقتصادية قد تؤدي إلى زيادة مَن ينزلون إلى الشارع، بالإضافة إلى وجود بعض المشاهد العنيفة التي لم نشاهدها خلال الفترة الماضية.
اقرأ أيضًا: لبنان يدخل أزمة صرف خانقة مع اختفاء الدولار
وتابع أيوب بأن ما حدث اقتصاديًّا اليوم هو نتيجة تراكمات ظهرت بوضوح في موازنة 2019؛ فمصادر الإنفاق الأساسية بالدولة؛ وهي الرواتب ومعاشات المتقاعدين وخدمة الدين العام وتوفير الكهرباء، ضمن دور الدولة، تلتهم نحو 87% من الموازنة، في مقابل 13% فقط يفترض أن يتم إنفاقها على الدولة، مشيرًا إلى أن إيرادات الدولة في الوقت الحالي وصلت إلى صفر، بينما استمرار الوضع سيكون انعكاسه خطيرًا للغاية اقتصاديًّا واجتماعيًّا.
أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة، أحمد عبد التواب، قال خلال حديثه إلى “كيوبوست”: “إن مسألة الانتحار بسبب الأوضاع الاقتصادية ليست مستحدثة وتزداد في المجتمعات التي تعاني ظروفًا اقتصادية صعبة؛ حيث يجد مَن يتخذ قرار الانتحار نفسه راغبًا في إنهاء حياته هربًا من الضغوط التي يراها ضاغطةً عليه بصورة لم يعد يتحملها”.
اقرأ أيضًا: كيف مهَّدت الأحداث الداخلية إلى تحريك الشارع اللبناني ضد السلطة؟
وأضاف عبد التواب أن هذه الوقائع تحدث في مختلف دول العالم وليست في بلد محدد؛ لكن أحيانًا يكون هناك ربط بينها وبين ظروف سياسية واقتصادية، ومن ثَمَّ تستحوذ على اهتمام إعلامي أكبر، مشيرًا إلى أن الواقعة ليست الأولى في لبنان؛ لأنه إذا تم الرجوع إلى السجلات الرسمية وسؤال أهالي بعض المنتحرين ستجد أن بعضهم لجأ إلى الانتحار لظروف مماثلة، ولكن هذه المرة الوضع مختلف لوجود تحرك سياسي في الشارع.