الواجهة الرئيسيةشؤون خليجيةشؤون دوليةمقالات
اليوم الوطني 49.. رؤية الشيخ زايد لا تزال حية وفعالة

خاص – كيوبوست
مارسيل م. وهبة♦

“القادة العظام يبنون أمماً عظيمة”
“الثروة ليست بالمال. الثروة في الرجال. هنا تكمن القوة الحقيقية، القوة التي تقدرها. وهذا ما أقنعنا بأن نوجه كل إمكاناتنا لبناء الفرد، وأن نستعمل الثروة التي منَّ الله بها علينا في خدمة الوطن” الشيخ زايد بن سلطان.
هذا واحد من أقوال الشيخ زايد المفضلة عندي؛ لأنني أعتقد أنه يشرح بكلمات قليلة رؤيته للإمارات العربية المتحدة كما يشرح أسباب كونها بلداً فريداً في نواحٍ كثيرة. كان لي شرف لقاء الشيخ زايد بن سلطان، أثناء فترة خدمتي سفيرة للولايات المتحدة الأمريكية في الإمارات العربية المتحدة. حتى مع تقدم السن، كان يتصرف كرجل دولة وصاحب رؤية استراتيجية لدولته، وإيمان راسخ بأهمية تطوير الروح الإنسانية، وتعزيز التسامح وتشجيع التوافق.
كان عام 2020 عاماً صعباً بالنسبة إلى العالم بأسره؛ حيث تكافح الدول فيروس كورونا الذي حصد حياة الكثيرين وتسبب في أضرار بالغة للاقتصاد العالمي. وقد كانت استجابة الإمارات العربية المتحدة لـ”كوفيد-19″ قوية وموحدة على مستوى الدولة من خلال الاختبارات السريعة، والمعالجة والوقاية المفروضة للتقليل من تأثيرات الوباء.
وبينما نحتفل بالذكرى التاسعة والأربعين لولادة اتحاد الإمارات العربية المتحدة، من المهم أن ننظر إلى بعض العوامل الأساسية التي جعلت هذا البلد يقدِّم نموذجاً إيجابياً في المنطقة وخارجها:

التسامح والوحدة والتوافق:
أسست دولة الإمارات العربية المتحدة تقليداً بدأ منذ نشأتها واستمر إلى وقتنا الحاضر، يروج لمبادئ التسامح والوحدة والتوافق؛ التسامح لضمان أن كل مَن يعيش ويعمل في الإمارات بغض النظر عن جنسيته وعرقه ودينه وجنسه يحظى باحترام ودعم المجتمع ككل، والوحدة لأنها تقوي الاتحاد الضروري لتحقيق الأمن الوطني للإمارات العربية المتحدة وضمان تطورها، والتوافق للتأكد من أن للمواطنين الإماراتيين دوراً يؤدونه في مجتمعهم وفي التنمية المستقبلية لبلدهم.
شاهد: روح زايد.. روح الاتحاد
تبين اتفاقية إبراهيم، التي أُبرمت مؤخراً، ومركز بيت العائلة الإبراهيمية، المزمع بناؤه، التزام الإمارات الدائم بمفاهيم التسامح وحسن النية. وقريباً سيصبح بيت العائلة الإبراهيمية رسالة واضحة وقوية للتفاهم المتبادل والعيش المشترك والعلاقات السلمية بين الشعوب من جميع الأديان. وسوف يشمل البيت مسجداً وكنيسة ومعبداً يهودياً ومركزاً تعليمياً، وسيُقام في جزيرة السعديات التي تعتبر المحور الثقافي في أبوظبي. أسست اتفاقيات إبراهيم، التي أُبرمت مؤخراً بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، لعلاقاتٍ دبلوماسية وتطبيع كامل بين البلدَين. وهذه الاتفاقيات سوف تخفف من التوتر، ونأمل أن تخلق طاقة جديدة للتغيير الإيجابي في بيئة المنطقة، من بيئة الصراع إلى بيئة الاستقرار المتزايد.
اقرأ أيضًا: اتفاقية السلام التاريخي …من الشعارات إلى الواقعية السياسية
تمكين الأجيال القادمة:
كان الاستثمار في الموارد البشرية في قمة أولويات الإمارات العربية المتحدة منذ زمن الشيخ زايد إلى زمن قادة البلاد الحاليين الذي يتميزون بالديناميكية والرؤية البعيدة. وللعام التاسع على التوالي يظهر استبيان الشباب العربي 2020 أن الإمارات العربية المتحدة هي الخيار الأول بين الدول العربية التي يرغب الشباب العربي في العيش فيها، والتي يرغبون في أن تقتدي دولهم بها. ولإدراك أهمية الاستثمار في التعليم والابتكار والتقنيات الحديثة وريادة الأعمال، لا يحتاج المرء إلا إلى أن ينظر إلى المبادرات الناجحة العديدة؛ مثل مسبار الأمل إلى المريخ، التي ألهمت واستحوذت على خيال الشباب العربي في كل مكان.

المرأة في الإمارات العربية المتحدة:
تحتل الإمارات المرتبة الأولى في مجال المساواة بين الجنسَين في الشرق الأوسط؛ إذ تشكل النساء 50% من المجلس الوطني الاتحادي، و20% من السلك الدبلوماسي، وتشغل ثلثي الوظائف العامة. وتشارك النساء بنشاط في فعاليات القطاع الخاص، ويشكلن أكبر عدد في قائمة فوربس لأقوى 100 سيدة أعمال عربية لعام 2020 التي تضم 23 سيدة إماراتية. وهذا يعتبر إنجازاً مذهلاً في بلد يبلغ عدد مواطنيه 1.5 مليون نسمة.
بصفتي أول امرأة تعيَّن سفيرة للولايات المتحدة في الإمارات العربية المتحدة، كان لي شرف معرفة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك الكتبي، التي يتجلى دورها، الذي لعبته منذ تأسيس الاتحاد إلى يومنا هذا، في أوضح صوره عندما ننظر إلى التطور الذي حققته المرأة الإماراتية اليوم. فقد شجعت سمو الشيخة فاطمة السياسات التي تضمن ليس فقط استفادة المرأة -التي تشكل نصف المجتمع في البلاد- من التنمية التي تشهدها الإمارات؛ بل أن تكون المرأة في وضع يخولها المشاركة في هذه التنمية.
اقرأ أيضًا: الإمارات العربية المتحدة تقر إصلاحات على قانون الأحوال الشخصية والأسرة
العلاقات الأمريكية- الإماراتية:
بوصفي سفيرة سابقة في الإمارات، أنا فخورة جداً بالعلاقة بين بلدَينا، ولي الشرف بأن الفرصة أُتيحت لي كي أسهم في تقوية العلاقات بيننا. منذ عقودٍ خلَت تمتعت الولايات المتحدة والإمارات بعلاقات قوية في مجالات الثقافة والتعليم والتجارة والتعاون الأمني والدفاعي. وتشاركنا مبادرات في قطاعات الصحة والتعليم؛ من مستشفى “كليفلاند كلينيك” إلى جامعة نيويورك أبوظبي، وبرنامج القيادة في كلية كينيدي في جامعة هارفارد. وكجزء من جهودنا المشتركة في مواجهة التطرف العنيف، نعمل معاً في مركزَي “هداية” و”صواب”. وقد جمعت مهمة الإمارات لاستكشاف المريخ جهود علمائنا لتطوير المسبار العربي الأول الذي شارك بالعمل عليه أكثر من 200 مهندس إماراتي.

لقد تطورت علاقتنا مع الإمارات العربية المتحدة على مدى العقدَين الماضيَين لتصبح واحدة من العلاقات الثنائية المميزة للغاية التي نستمتع بها مع مختلف دول العالم. وبالإضافة إلى الروابط القوية بين حكومتينا، فإن الروابط العميقة جداً بين شعبَي الولايات المتحدة الأمريكية والإمارات العربية المتحدة هي اليوم المحرك الرئيسي الذي يضمن استمرار شراكة وصداقة بلدَينا.
وختاماً، أود أن أعبر عن أصدق وأحر التهاني لجميع مواطني الإمارات العربية المتحدة بمناسبة يومهم الوطني التاسع والأربعين.
♦السفيرة الأمريكية السابقة في الإمارات العربية المتحدة، والرئيسة الفخرية لمؤسسة دول الخليج العربي في واشنطن
لقراءة الأصل الإنجليزي: The UAE at 49
اقرأ أيضًا:
1) استقرار الإمارات من منظور خارجي
2) تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة: كيف تحول مشروع بريطاني فاشل إلى قصة نجاح عربيـة
3) من معبد يهودي سري إلى البيت الأبيض اندفعت العلاقات الإسرائيلية- الإماراتية عام 2020
4) العلاقات الإماراتية- الأمريكية في ظل إدارة بايدن