الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

اليمن.. محتجزون وقتلى في سجون الحوثيين

كيوبوست

قالت وزارة حقوق الإنسان اليمنية، في تقريرٍ حديثٍ لها، إنها رصدت 1635 حالة تعذيب في العامَين الماضيَين، وأكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب؛ منها 33 امرأة مختطفة. وحسب الوزارة التابعة لحكومة الشرعية اليمنية، فقد توفي عدد من المختطفين نتيجة الإهمال وتدهور حالتهم الصحية في ظل الحرمان من الخدمات الصحية، كما تعرَّض آخرون إلى التصفية الجسدية داخل سجون الميليشيات.

في أحدث القصص في هذا المجال، تداولت وسائل الإعلام المحلية والمنظمات الحقوقية، أواخر يوليو الماضي، خبر مقتل الشاب محسن محمد علي القاضي، على يد الحوثيين في محافظة ذمار، وسط اليمن. وحسب وسائل الإعلام، فإن القاضي أُخفي قسراً منذ عام ونصف العام تقريباً. تلقت عائلته بعدها خبر مقتله بطلق ناري عن طريق الخطأ داخل السجن، حسب إفادة سلطات الحوثيين؛ لكن الجهات الحقوقية المحلية تشكك في الرواية، وترجح موت القاضي تحت التعذيب، وفقاً للآثار الظاهرة عليه.

اقرأ أيضاً: الحوثيون يجندون النساء لأهداف قمعية في اليمن

كان محسن القاضي قد اُختطف من منزله من قِبل عناصر ميليشيا الحوثي، وهو أب لثلاثة أطفال، وتاسع ضحية من أبناء ذمار يفارق الحياة تحت التعذيب الوحشي في سجون ميليشيا الحوثي بالمحافظة منذ سيطرتها عليها أواخر عام 2014م. أدانت منظمة سام للحقوق والحريات، وهي منظمة يمنية تعمل من جنيف، مقتل القاضي، ودعت إلى فتح تحقيقٍ في القضية. وقالت المنظمة إنها رصدت وفاة أكثر من 240 معتقلاً على يد الحوثيين، منذ بداية الحرب في اليمن في سبتمبر 2014.

مقاتلون حوثيون- وكالات

سبق أن تناولت عدة تقارير إعلامية وحقوقية الجرائم التي ترتكبها ميليشيا الحوثيين ضد المعتقلين والمحتجزين قسرياً في سجونها في مختلف المحافظات الواقعة تحت سيطرتها. أشارت التقارير إلى أرقام مختلفة لأعداد الضحايا؛ لكنَّ التكتم والتلاعب الشديدَين من قِبل الحوثيين يجعلان من الصعوبة بمكان التأكد من دقة الأرقام، ومع ذلك يمكن ملاحظة حجم المشكلة فعلياً من خلال الأعداد المتزايدة من الأُسر التي تزعم فقدان أقارب لها أو اختطافهم أو اعتقالهم قسرياً من قِبل الجماعة.

اقرأ أيضاً: اليمن.. تقرير أمريكي يسلِّط الضوء على انتهاكات الحوثيين لقطاع التعليم

وحسب تقارير فريق الخبراء المعني باليمن، والتابع لمجلس الأمن، فقد حقق الفريق في عام 2019 في 25 حالة تقع المسؤولية عنها على الحوثيين؛ حالات متصلة بالاحتجاز تنطوي على انتهاك للقانون الإنساني الدولي، ومعايير حقوق الإنسان؛ وذلك يشمل الاعتقال والاحتجاز التعسفيَّين، وسوء المعاملة، والتعذيب، وعدم مراعاة الأصول القانونية. في معظم تلك الحالات، أُبقي على المحتجزين في أماكن مجهولة عن ذويهم لفترة من 40 يوماً إلى أربع سنوات.

محتجون يطالبون بإطلاق سراح أبنائهم- “إرم نيوز”

في عام 2020، حقَّق فريق الخبراء في 53 حالة في هذا المجال، وفي عام 2021 حقق في 38 حالة. وكان بين جميع الحالات، خلال تلك السنوات، عدد من الأشخاص الذين تُوفوا أثناء الاحتجاز، أو حُكم عليهم بالإعدام؛ بينهم صحفيون. لكن أدلة فريق الخبراء تبين عدم احترام الضمانات القضائية من جانب المحاكم الخاضعة لسيطرة الحوثيين، كما تُشير التقارير إلى قيام الحوثيين بالاعتقالات من أجل استغلالها في عمليات تبادل أسرى مستقبلية؛ وهو أمر محظور بموجب القانون الدولي الإنساني، أو التربح من أُسر الضحايا من خلال المطالبة بضمانات مالية.

مآسي اعتقال النساء

لا يستثني الحوثيون النساء، ولا حتى القُصَّر، من حملات الاعتقالات غير القانونية. يمتلك الحوثيون جهاز مخابرات قوياً؛ حيث يقسمون المدن إلى أحياء، والأحياء إلى مربعات سكنية، يغرسون بكل واحد منها عيناً لهم تراقب كل تحركات السكان وأنشطتهم؛ وهو ما أدى إلى تكميم أفواه المواطنين والحد من حريتهم. ومع ذلك، غالباً ما تُنفذ اعتقالات تعسفية بناءً على معلومات هذا المصدر. وقد أنشأ الحوثيون مجموعة “الزينبيات” و”البتول” النسوية؛ للمساعدة في القيام بمداهمة المنازل وتفتيشها، بما في ذلك اعتقال واحتجاز النساء، حسب شهود العيان والتقارير المحلية.

اقرأ أيضاً: اليمن.. عشر سنوات على حلم التغيير الذي استحال كابوساً!

يستهدف الحوثيون النساء اللاتي يشاركن في الحياة العامة أو العمل لصالح المنظمات الناشطة في مجال تمكين المرأة والإعلام. وثَّقت عدة تقارير تعرُّض مثل هؤلاء النسوة إلى الاعتقال وإساءة المعاملة والاغتصاب، وحتى القتل أو الدفع للانتحار داخل السجون ومراكز الاحتجاز. وحسب تقرير صادر عن منظمة تحالف نساء من أجل السلام في اليمن، والمنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر، فقد اعتقل الحوثيون 1181 امرأة خلال الفترة من ديسمبر 2017 إلى ديسمبر 2020، وقد تعرض الضحايا إلى القتل والتعذيب والاغتصاب.

في يوليو الماضي، أقدمت عارضة الأزياء اليمنية انتصار الحمادي، المسجونة في صنعاء، على محاولة انتحار، إلا أنه تم إنقاذها في اللحظة الأخيرة، وقد بقيت في حالة حرجة. وحسب مركز الخليج لحقوق الإنسان، عن مصادر موثوقة، فإن محاولة الحمادي الانتحار “بسبب قرار إدارة السجن المركزي نقلها إلى قسم الدعارة في السجن.. أدى ذلك إلى تدهور شديد في حالتها النفسية”.

انتصار الحمادي- وسائل التواصل

كانت الحمادي قد اعتُقلت من قِبل الحوثيين في صنعاء، بداية العام الجاري، بتهم متعددة؛ منها حيازة المخدرات والدعارة، إلا أنها تهم كيدية، حسب ناشطين؛ نتيجة عمل الحمادي في مجال الموضة والأزياء والتمثيل في مجتمعٍ محافظ، وفي ظلِّ سلطات أمر واقع مستبدة. ووفقاً لـ”هيومن رايتس ووتش”، في بيانٍ لها، فإن “سلطات الحوثيين تحاكم بشكل جائر الحمادي”.

إعادة الماضي

اشتُهر في تاريخ اليمن، خصوصاً في عهد المملكة المتوكلية اليمنية في شمال اليمن، ما يُعرف بنظام الرهائن؛ وهو أن تسلم كل أُسرة أو قبيلة أحد أبنائها إلى الإمام كرهينة، حتى إن كان صبياً صغيراً. وغالباً ما يضع الإمام الرهينة في أحد السجون في ظروف غير إنسانية، ولا يأذن بخروجه إلا نادراً جداً، حتى يتوفى. وقد استخدم حكام اليمن من الأئمة من آل البيت هذا النظام في مناطق نفوذ الزيدية في الشمال، والمناطق التي يسيطرون عليها؛ من أجل تثبيت النظام وفرض الولاء للإمام والمذهب وضمان ولاء القبائل وعدم تمرد زعمائها.

اقرأ أيضاً: اليمن.. ستون عاماً من البحث عن الدولة

مثَّل نظام الرهائن أحد أبرز مظاهر العنف السياسي والاستبداد والوحشية، وكان أحد الأسباب المهمة لقيام ثورة اليمن سنة 1962 التي انتهت بسقوط حكم الأئمة والملكية، وقيام الجمهورية اليمنية. اليوم، وبعد مرور 54 سنة على انتهاء ذلك الفصل المظلم من تاريخ اليمن، يعود الحوثيون -أسلاف آل البيت الذين حكموا قبل الثورة- بنظامٍ مشابه واستبداد مماثل يتمثل في الاعتقالات والاحتجاز التعسفي؛ لفرض قوانينهم ومعاييرهم الخاصة، وترهيب المجتمع وإجباره على السقوط والخنوع.

اتبعنا على تويتر من هنا

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة