الواجهة الرئيسيةترجمات

الولايات المتحدة تنقل مركز قيادة قواتها العسكرية في الشرق الأوسط من قطر

كيوبوست- ترجمات 

على مدى ثلاثة عشر عامًا، كانت الولايات المتحدة تستخدم قاعدة “العديد” الجوية في قطر لإدارة قواتها الجوية في منطقة شاسعة للغاية، تمتد من شمال شرق إفريقيا حتى جنوب آسيا مرورًا بالشرق الأوسط؛ حيث تقوم بإدارة المقاتلات النفاثة والطائرات من دون طيار والطائرات الحاملة للمتفجرات وكل الأسلحة الجوية الأخرى، كل ذلك من خلال مبنى إداري واحد في ذلك البلد الخليجي الصغير.

غير أن ما حدث يوم السبت الماضي هو أن الولايات المتحدة قامت بسحب 300 طائرة من مركز قيادة العمليات الجوية والفضائية بـ”العديد”؛ حيث كان يتم استخدام تلك الطائرات في مناطق شديدة الأهمية، مثل سوريا وأفغانستان والخليج العربي، ومن ثَمَّ قامت الولايات المتحدة بتحويل زمام الأمور إلى قاعدة “شاو” الجوية بولاية ساوث كارولينا الأمريكية، تلك التي تبعد بنحو 7000 ميل من قاعدة العديد. وعلى الرغم من إعادة تشغيل قاعدة العديد الجوية بعد مرور 24 ساعة، وهو ما يعني أن ما جرى كان مجرد حدث مؤقت؛ فإن القرار الأمريكي المفاجئ كان بمثابة تحول تكتيكي بالغ الأثر.

اقرأ أيضًا: معامل “أرامكو” في بقيق بين حادثتَين

وقد تمت دعوة صحيفة “الواشنطن بوست” لمتابعة تلك العملية العسكرية غير المعلنة؛ وهي المرة الأولى التي يتم فيها نقل مركز قيادة العمليات خارج حدود المنطقة المشار إليها منذ أن تم إنشاء مركز للقيادة بالمملكة العربية السعودية؛ أي منذ اندلاع حرب الخليج عام 1991.

وكان بعض المسؤولين بالقوات الجوية الأمريكية قد أرجعوا ما حدث إلى ما تسببت فيه النشاطات العسكرية الإيرانية الأخيرة؛ حيث قامت باستهداف طائرة تجسُّس أمريكية من دون طيار في يونيو الماضي، فضلًا عن ضرب البنية التحتية للنفط السعودي في عملية تدميرية واسعة النطاق؛ تلك العملية التي تم تنفيذها على الأغلب باستخدام أسلحة إيرانية. بينما أشار قائد مركز قيادة العمليات الجوية والفضائية “609 كول”، فريدريك كولمان، إلى ما دعاه بالنيَّات المبيتة لدى إيران لضرب القوات الأمريكية، وهو ما تؤكده المعلومات الواردة من أكثر من مصدر.

الطيارون داخل مركز العمليات الجوية يستعدون للانتقال

وقال كولمان: “من الغريب أن نجد أنفسنا في تلك الورطة بعد النجاح في تحقيق استقرار لم تشهده المنطقة خلال العقود الماضية بعد الانتصار على تنظيم الدولة الإسلامية والعمل على إجراء محادثات سلام مع أفغانستان”. وعلى الجانب الآخر، يؤكد المحللون المهتمون بالشأن الإيراني أن “اندلاع مواجهة عسكرية مع إيران قد ينتج عنه استهداف مركز قيادة العمليات في قاعدة العديد، وهو أمر يدعو إلى القلق؛ خصوصًا مع توافر احتمالات ضئيلة للتمكُّن من حمايتها”.

وبينما تم تصميم أنظمة الدفاع الجوي الأمريكية في المنطقة؛ بما فيها قواعد صواريخ الباتريوت وصواريخ الدفاع الجوي الأخرى عالية التقنية للتصدي للطائرات والصواريخ الباليستية السريعة التي تطير عبر مستويات مرتفعة من سطح البحر، فإنه على ما يبدو أن هجمات “أرامكو” الأخيرة كانت قد تميزت باستخدام طائرات من دون طيار وصواريخ كلاهما يتمتع بقدرة الطيران على ارتفاع منخفض من سطح البحر.

اقرأ أيضًا: تقرير دولي: إيران تعبث بأمن العالم وتُعَرِّضه لحرب عالمية ثالثة

 ولكي تتمكن الولايات المتحدة من التعامل السريع مع توابع الضربات الإيرانية الأخيرة، فإنها ستكون في أشد الاحتياج إلى جعل طريقة إدارتها للعمليات العسكرية أكثر مرونة؛ وهو ما يجعل من مركز القيادة في “العديد” أقل أهمية، وبالتالي يقلل من مقدار الأخطار الناتجة عن استهدافه. أضف إلى ذلك أنه بمجرد نقل مركز الإدارة من “العديد” سيكون بمقدور أمريكا أن تعيد نشر أنظمتها الدفاعية؛ لضمان حماية مناطق وبنى تحتية أخرى على درجة كبيرة من الأهمية.

رسائل موجهة

ومن الممكن التفكير في عملية الانتقال المفاجئ هذه باعتبارها محاولة من أمريكا لتوصيل رسالة بعينها، وهي رسالة موجهة بالطبع إلى دول المنطقة كافة، مغزاها أن القوات الجوية الأمريكية ما زالت هي الأقوى على مستوى العالم، وهي فضلًا عن ذلك الأكثر ذكاءً ومرونة؛ حيث تضمنت التحركات الأخيرة نقل المقاتلات الهائلة الحجم مثل “إف 35” إلى مناطق أخرى، من بينها القواعد العسكرية في المملكة العربية السعودية وقطر، وبالنظر إلى كم الاستعدادات التي تحتاج إليها تلك الانتقالات فإننا سنفهم أن الولايات المتحدة تكبَّدت عناء نقل فرق الدعم إلى تلك المناطق؛ وفي مقدمتها فرق الصيانة.

قاعدة العديد الجوية- قطر

ويشير بايرون بومبا، مدير مركز قيادة العمليات بقاعدة العديد الجوية، إلى أن نقل الأبنية والمعدات العسكرية سيكون من شأنه تعويض النقص في الوجود الأمريكي بالمنطقة، مؤكدًا حقيقة أن ردع إيران هو الهدف الرئيسي لأمريكا، وذلك على عكس ما يخمنه البعض حول رغبة أمريكا في الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة؛ لكن غياب التواصل الكافي مع طهران يجعل من الصعب توصيل تلك الرسالة البسيطة إلى الجانب الإيراني؛ وهو ما يدفع القيادة العسكرية الأمريكية إلى التفكير في حلول بديلة؛ منها إغلاق أجهزة الرادار من وقت إلى آخر، وتوفير مسارات بديلة للطائرات.

ويؤكد القادة العسكريون نيتهم إدارة العمليات الجوية عن بُعد لمرة واحدة شهريًّا، كما يخططون لعمل جدول زمني يتم من خلاله إدارة المركز عن بُعد لمدة ثماني ساعات يوميًّا من قاعدة شاو أو من أي مكان آخر. كما نفى المسؤولون بقاعدة العديد الجوية أية نيَّات تتعلق بإغلاق مركز القيادة بـ”العديد” بشكل دائم، والسبب في ذلك هو غياب القدرة على إدارة كل وظائف المركز عن بُعد؛ لكنهم على الجانب الآخر يخططون لنقل بعض المواقع العسكرية إلى داخل الولايات المتحدة في المستقبل، تلك المواقع التي يبلغ عددها 800 موقع حتى الآن.

شاهد: إنفوغراف: التهديدات الإيرانية في الخليج العربي والبحر الأحمر

وربما يكون الوضع الحالي مثيرًا للقلق لبعض حلفاء الولايات المتحدة في الخليج العربي؛ خصوصًا بالنسبة إلى تلك الدول التي استثمرت أموالها في بناء قواعد عسكرية أمريكية بالمنطقة، خصوصًا قطر التي أنفقت ثروات طائلة لتطوير قاعدة العديد الجوية خلال السنوات الماضية؛ حيث بلغت التكلفة التي تكبدتها الدوحة لتجديد القاعدة العسكرية نحو 1.8 بليون دولار أمريكي، وهي القاعدة العسكرية الكبرى في المنطقة والتي تتسع لنحو 10000 كتيبة عسكرية؛ لكن التطورات الأخيرة تتطلب تدخلات عاجلة وإعادة ترتيب للأولويات في ظل التقنيات الحديثة التي استُخدمت في ضرب منشآت “أرامكو” بالمملكة، وهو ما يجعل القيادة العسكرية بالولايات المتحدة مطالبةً بعدة أمور؛ على رأسها التفكير في شأن إمكانية إدارة عملياتها العسكرية من مكان أكثر أمانًا.

المصدر:الواشنطن بوست

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة