الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

النيجر.. يد ممدودة للسلم وأخرى تضرب من حديد

بعد دعوته إلى إطلاق قوة إقليمية لمقارعة الإرهاب في منطقة الساحل.. هل لا تزال يد بازوم ممدودة للجماعات الجهادية؟

كيوبوست- عبدالجليل سليمان

تأتي دعوة رئيس النيجر لنيجيريا بالمساعدة في تشكيل قوة عسكرية إقليمية للتصدي للحركات الجهادية، بينما يستعد برلمان النيجر للتصويت على وثيقة تعاون بين قوة برخان الفرنسية والقوات المسلحة الوطنية، وذلك في إطار سعي فرنسا لإعادة نشر قواتها في المنطقة، بعد قرارها الانسحاب من مالي، فضلاً عن حلول رئيس هيئة الأركان الفرنسية الجنرال تييري بوركهارد، بالعاصمة النيجرية نيامي، للمرة الثالثة، زار خلالها، رفقة نظيره النيجري، المناطق التي يتوقع نشر القوات الفرنسية فيها على الحدود الثلاثية بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو.

اقرأ أيضاً: بين الحرب والحوار.. هل تحقق مقاربة (بازوم) في الساحل ما فشلت فيه برخان؟

بيد أن بازوم لم يكتفِ بذلك، إذ يبدو أنه عازم على المضي قدماً في إنهاء وجود الجماعات الجهادية في بلاده بالسبل كافة، فإن فشل الحوار عبر مقاربته السلمية الموسومة بـ”اليد الممدودة”؛ فالقوة جاهزة، وإن فشلت فرنسا فنيجيريا في الطريق، وهذا ما أشار إليه خلال مؤتمر صحفي مشترك التأم  بينه ونظيره النيجيري في أبوجا، إبان زيارته لها الأسبوع الماضي؛ إذ أكد أن  نيجيريا، التي تمتلك أكبر اقتصاد وقوة في إفريقيا ستساعد في تنظيم نموذج مماثل لما حدث في بحيرة تشاد، حيث أسهمت نيجيريا بالقدح المعلى في إنشاء قوة مهام مشتركة متعددة الجنسيات ( (MJTF ؛ الأمر الذي من شأنه تقليل الأعباء المالية لمحاربة المسلحين.

خشية مشروعة

وتخشى النيجر، إحدى أفقر دول العالم، تزايد الهجمات الإرهابية عقب تكاثف وجود الجماعات الجهادية المرتبطة بـ”القاعدة” وتنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى، في منطقة تيلابيري منذ أن أعلنت فرنسا أنها بصدد سحب قواتها من مالي المجاورة.

وتسعى النيجر وبوركينا فاسو المجاورتان لنيجيريا لتطويق حركات التمرد المسلحة المتحالفة مع تنظيمَي “الدولة الإسلامية” و”القاعدة” في بوركينا فاسو المجاورة. ولقي أكثر من 2000 شخص حتفهم، وفقاً لأرقام وكالة “فرانس برس”، بينما تقول وكالة الطوارئ في البلاد، إن أكثر من مليون ونصف مليون شخص فروا من منازلهم منذ بدء عمليات التمرد هناك في 2015.

تخشى النيجر تزايد الهجمات الإرهابية- وكالات

اقرأ أيضاً: بعد الانسحاب الفرنسي.. كيف ستبدو خارطة الإرهاب في مالي والساحل؟

انسحاب فرنسي وثقة جهادية

وفي السياق ذاته، اعتبر محمود أبوبكر، الصحفي المتخصص في الشؤون الإفريقية، في تعليقه لـ(كيوبوست)، تدهور الوضع الأمني في المثلث الحدودي بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، لا سيما في مناطق تيسيت وتالاتاي وأنسونغو وميناكا، ناجماً عن استعادة المجموعات الجهادية الثقة بنفسها عقب الإعلان الفرنسي بالانسحاب من مالي، وأشار إلى أن الرئيس النيجيري بازوم، لا يمكن أن يظل ماداً يده على الدوام لجماعات ملطخة أيديها بدماء الأبرياء من المدنيين والعزل والأطفال والنساء، فقد قُتل العشرات وتشردت أعداد كبيرة من سكان القرى والبلدات الحدودية نحو المدن الداخلية؛ الأمر الذي دعا بعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأغراض (مينوسما) إلى نشر قوة عسكرية في المنطقة الحدودية، حيث قتل في بوركينا فاسو والنيجر ومالي العشرات منذ مارس الماضي.

محمود أبوبكر

وأضاف أبوبكر: بطبيعة الحال، فإن جيوش الدول الثلاث لا تقف مكتوفة الأيدي تماماً. فرغم ضعفها؛ فإنها تقوم بأدوار كبيرة في مقارعة الجماعات الإرهابية، وفي هذا السياق قال الجيش المالي إنه قتل 203 عناصر جهادية واعتقل 51، في عملية واسعة النطاق نفذها في منطقة الساحل بوسط مالي ما بين 23 و31 مارس الماضي، كما تمكَّن من الاستيلاء على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر.

ثلاثة مسارات في آن

رئيس النيجر محمد بازوم- وكالات

بطبيعة الحال، لا تزال مقاربة اليد الممدودة؛ التي أطلقها محمد بازوم للحوار السلمي مع الجماعات الجهادية، قائمة، ولم يقُل إنه ألغاها أو تجاوزها وفقاً لحرم أبوبكر، الصحفية المتخصصة في الشؤون الإفريقية، والتي استطردت متحدثة إلى (كيوبوست): من وجهة نظري أن بازوم سيعمل على ثلاثة مسارات؛ فبجانب مقاربته السلمية خطا الرجل نحو تكوين قوة مهام مشتركة متعددة الجنسيات على غرار ((MJTF، في بحيرة تشاد، علاوة على استقطاب القوات الفرنسية المنسحبة من مالي، وبالتالي فإن الرجل إن نجح في خطته، سيكون مؤهلاً لاستخدام سياسة العصا والجزرة مع الجهاديين؛ إما حرب شعواء وإما سلام واتفاق. يبدو أن الرئيس بازوم يجيد المناورات والتكتيكات السياسية والعسكرية؛ فهو وزير داخلية وخارجية ورئيس وزراء سابق، يمتلك خبرات واسعة ربما سيكون لها أثر كبير في خلق حالة من الاستقرار النسبي في المنطقة إن وجدت مبادراته المتعددة الدعم من الدول الإقليمية والمجتمع الدولي.

تسعى النيجر وبوركينا فاسو المجاورتان لنيجيريا لتطويق حركات التمرد المسلحة- وكالات

اقرأ أيضاً: تمدُّد الحركات الجهادية في إفريقيا.. نومُ الحكومات وإغفاءة الغرب!

حرم أبوبكر

وأشارت أبوبكر إلى المسار الثالث الذي يتوسله بازوم في القضاء على الإرهاب؛ وهو التنمية الاقتصادية، فقد حصل في زيارته الأخيرة إلى نيجيريا على موافقة رئيسها محمدو بوهاري، على مشروع سكة ​​حديد “كانو- كاتسينا- مارادي”، الذي يربط البلدَين، بتكلفة تقدر بنحو 1.96 مليار دولار،  وطول 284 كيلومتراً؛ الأمر الذي سيُسهم في التنمية والاستقرار ويخلق المئات من فرص العمل للمواطنين في المناطق الحدودية المأزومة، وبالتالي فإن القول بشأن تخلي الرئيس بازوم، عن مقاربة اليد الممدودة، غير صحيح؛ فالرجل يعمل على محاور كثيرة في آن واحد، ويجد الدعم من معظم الدول الإفريقية والغربية.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

عبد الجليل سليمان

مراسل السودان

مقالات ذات صلة