الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

“النهضة” تتخبط للخروج من عزلتها.. وسط تراجع كارثي لشعبية الحركة

بينما يحاول الحزب الإسلامي في تونس استقطاب شخصيات سياسية لفك عزلته.. يتصدَّر الغنوشي الشخصيات الأكثر كرهاً في البلاد ويواجه أولى هزائمه القضائية

كيوبوست

لم تستوعب حركة النهضة الإسلامية حتى الآن خروجها من المشهد السياسي بالبلاد منذ الـ25 من يوليو الماضي، وتواصل محاولاتها للبحث عن مداخل جديدة قد تعيدها مجدداً إلى السلطة، حتى إن كان ذلك عبر مدّ يدها إلى خصوم الأمس، مستفيدةً من رغبتهم الجامحة في الحكم على غرار السياسي نجيب الشابي، المعروف سابقاً بمعارضته الشرسة للحركة.

خطوة تأتي بالتزامن مع أولى هزائم رئيس الحزب راشد الغنوشي، القضائية، بعد أن خسر قضيته التي رفعها منذ سنتين ضد النائبة عن “نداء تونس” فاطمة المسدي، وأيضاً بالتزامن مع تأكيد نتائج سبر الآراء مجدداً تصدر الغنوشي قائمة الشخصيات الأقل ثقةً لدى التونسيين، مرفوقاً بعدد قادة حزبه وحلفائه.

اقرأ أيضاً: ناجح الحاج لطيف.. رجل الظل والمال المشبوه في حركة النهضة

فك العزلة

وتعي الحركة جيداً أن الشابي ظل دائم التطلع لتولي حقيبة وزارية مهمة أو رئاسة البلاد، وأنه يبحث عن أية فرصة قد تمنحه هذا الامتياز؛ ولهذا لم تتردد في مغازلته بترشيحه لرئاسة الجمهورية في الانتخابات المقبلة، ولم يتردد الشابي في ابتلاع الطعم رغم أن الحركة تحاول الاستفادة من تصدير شخصية من خارج عائلتها عسى أن يعيدها ذلك إلى المشهد في مرحلة لاحقة.

وتجدر الإشارة إلى أن الشابي كان يُعرف سابقاً بمعارضته الشديدة لتوجهات “النهضة” السياسية، ويذكر التونسيون تصريحاته المناوئة للحركة، وقوله يوماً إنه يرفض التحالف معها أو إقامة دولة عقائدية في تونس.

نجيب الشابي من معارض لـ”النهضة” إلى ورقة بيدها- (صورة من السوشيال ميديا)

وتظهر هذه التحركات أن الحزب الإسلامي التونسي لم يستوعب بعد حالة الرفض الشعبي المتصاعد له؛ خصوصاً بعد قرارات الرئيس التونسي في الـ25 من يوليو الماضي، التي أدت إلى تعليق نشاط البرلمان وإقالة حكومة المشيشي المدعومة والمسيرة من حركة النهضة وحلفائها. كما تعكس حالة التخبط التي تعيش على وقعها الحركة؛ بسبب عجزها عن كسر عزلتها أو حتى ترتيب بيتها الداخلي الذي أوشك على السقوط؛ خصوصاً بعد الاستقالات المدوية لعدد مهم من قياداتها البارزين الذين ما زالوا يحمِّلون الغنوشي مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في تونس، وآخرهم القيادي البارز بالحركة سابقاً عبداللطيف المكي.

ويعتبر الصحفي المختص بالشأن التونسي محمد الهادي حيدري، أن حركة النهضة بصدد تجريب كل الأوراق عشوائياً بعد أن استنفدت كل الإمكانات للعودة مجدداً إلى المشهد السياسي؛ ولهذا لم تتردد حتى في استدراج خصوم اليوم.

محمد الهادي حيدري

وقال لـ”كيوبوست”: “قد يبدو للمتابع لتحركات الحزب الإسلامي التونسي منذ تاريخ الـ25 من يوليو، أن الحركة لم تفهم رسالة الشارع التونسي، وأنها لم تدرك بعد أن غالبية التونسيين لا يريدونها مجدداً داخل المشهد السياسي؛ لكن الحقيقة غير ذلك. تعي الحركة أنها الأكثر ازدراء من التونسيين؛ هذا أمر حتمي، والأكيد أنها قد استقبلت رسائل الشباب الذي أقدم على حرق مقراتها في الـ24 من يوليو وهلل ورقص واحتفل بعد هذا التاريخ بيوم عندما تم إبعادها من المشهد السياسي؛ ولكن ثقافة الأحزاب الإسلامية المتعطشة للسلطة وعقيدتها التي تنظر إلى الحكم والدولة كغنيمة لا يجب التخلي عنها في حال الوصول إليها، هما ما يحركان الحركة يميناً وشمالاً؛ بل ولا تجد حرجاً في طرق أبواب وجوه سياسية كانت بالأمس القريب تناصبها العداء وتحرض ضدها وتطلب ودّها عسى أن ينقذها ذاك من السقوط ويقيها من فرضية الخروج التام من المشهد السياسي. ولهذا قد يكون التونسيون على موعد مع خطوات أخرى تتعارض في شكلها وجوهرها مع أفكار الحركة طالما أنها ستكون بمثابة طوق نجاتها وفرصتها المحتملة لاستعادة السلطة”

شعبية الغنوشي تتآكل

في استطلاع للرأي تم قبل أيام، تبين أن 89 في المئة من التونسيين لا يثقون مطلقاً في زعيم حركة النهضة ورئيس البرلمان المعلقة أشغاله بعد راشد الغنوشي، يليه حليفه عن حزب قلب تونس نبيل القروي بـ81 في المئة، ثم القيادي بالحركة علي العريض بـ80 في المئة، فرئيس الحزب الأقرب للحركة (ائتلاف الكرامة) سيف الدين مخلوف، بـ78 في المئة، ليليه الرئيس الأسبق الذي بلغ منصبه بمباركة ودعم من الحركة المنصف المرزوقي، بـ76 في المئة؛ أي أن ثقة التونسيين تكاد تكون منعدمة في قادة الحركة ومَن تحالف معها على مدار العشرية السابقة.

اقرأ أيضاً: لماذا أربك إيقاف البحيري حركة النهضة الإسلامية في تونس؟

علماً بأن هذا الرفض الكبير لأهم قادة الحزب الإسلامي في تونس وحلفائه ليس بالمعطى الجديد؛ ولكنه زاد بعد الـ25 من يوليو الماضي، وهو ما يؤكد أن تطلعات الحركة وحلفائها للعودة إلى ما قبل هذا التاريخ باتت أمراً مستحيلاً وبأمر وقرار شعبي قبل أن تكون بحكم قرارات الرئيس قيس سعيّد.

الغنوشي يفقد ثقة التونسيين- (صورة وكالات)

هزيمة قضائية

في الأثناء مُنِي راشد الغنوشي بهزيمة قضائية هي الأولى بالنسبة إليه منذ الـ25 من يوليو، وبعد قرار حل المجلس الأعلى للقضاء ضد النائبة السابقة عن حركة “نداء تونس” فاطمة المسدي.

وأعلنت المسدي، على حسابها عبر “فيسبوك”، أن القضاء حكم لصالحها وقرر عدم سماع الدعوى في القضية التي رفعها ضدها رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، بعد اتهامها حزبه بالتورط في ملفات التسفير والإرهاب.

اقرأ أيضاً: عقود “اللوبيينغ” والتمويل الأجنبي تضع حركة النهضة أمام القضاء

وكانت المسدي قد أعلنت في 2019 استقالتها من لجنة التحقيق البرلمانية في شبكات التسفير إلى بؤر التوتر، مشيرةً إلى وجود محاولات من قِبل كتلة “النهضة” للسيطرة على اللجنة في الوقت الذي تواجه فيه الحركة اتهامات بالمشاركة في تسفير الشباب التونسي إلى هذه البؤر. وحينها قام الغنوشي بمقاضاتها بدعوى “الإساءة إلى الغير عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.

فاطمة مسدي تهزم الغنوشي

ويرى الحيدري أن هزيمة الغنوشي القضائية مهمة في توقيتها وموضوعها؛ لأنها تلت أولى خطوات سعيّد لتنظيف القضاء، وبشأن أحد الملفات التي يسود اعتقاد كبير بتورطها فيها.

ويقول لـ”كيوبوست”: “لقد تلقى الغنوشي صفعة قوية، وذلك لعدة اعتبارات؛ الأولى أنه تلقى رسالة مفادها أن القضاء أصبح قادراً على الحسم في قضايا متعلقة بالحركة دون أن يكون الحكم لصالحها، بمعنى أنه بدأ يتخلص من سلطتها، وثانياً تلقى رسالة من وراء هذه القضية مفادها أن ملف تسفير الشباب الذي ظلت الحركة تحاول التبرؤ منه أصبح قابلاً للطرح قضائياً دون أن تملك سلطة وقف التحقيقات أو إخفاء الملفات”.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة