الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
النساء.. الأعداء الجدد للثورة الإسلامية في إيران

كيوبوست
بعد سبعة أيام من بدء الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، وبعد مقتل 100 شخص على الأقل على أيدي قوات الأمن وإصابة الآلاف واعتقالهم، عادت إذاعة جمهورية إيران الإسلامية (IRIB) إلى تكتيكاتها البالية، والتي تعتمد على تصوير اعترافات زائفة وإجبارية، ثم بثّها على التليفزيون الوطني.
في مساء يوم 20 نوفمبر الماضي، بثّ التليفزيون الحكومي الإيراني اعترافات امرأة اعتقلت خلال الاحتجاجات الأخيرة، وعرَّفها التليفزيون إلى الجمهور باسم فاطمة دافاند، وبعد أن تحدثت ببضع جمل عما جاء بها إلى السجن، ذكرت مذيعة البرنامج أنها كانت واحدة من قادة الاضطرابات، التي اندلعت مؤخرًا بعد أن أعلنت الحكومة زيادةً في أسعار البنزين.
استمر البرنامج ساعة كاملة، محاولًا إقناع الجماهير التي تتسمر أمام الشاشات لمتابعته، بأن “النساء” فضلًا عن “الجماعات المعارضة للحكومة الإيرانية” و”أمريكا” و”الجماعات المعادية للثورة”، هم مَن قادوا الاحتجاجات الأخيرة.

النساء قادة الثورة
لكن المثير للاهتمام في الادعاءات التي يسوقها الإعلام الحكومي في إيران هذه المرة هو هذا التطور الجديد الذي يتهم النساء بأنهن “قادة الاضطرابات”.
المرأة ذات الوجه الشاحب والتي تغطي أجزاءً منه بالشادور الأسود، تخبر الكاميرا بأنها في عام 1974 هربت من منزلها وذهبت إلى مدينة السليمانية في العراق، وتصمت في إشارة إلى أنها لم يعد لديها ما تقوله؛ لكن المذيع التليفزيوني يستطرد بالقول إنها تملك سجلًا أسود من التعاون مع الجماعات المعادية للثورة، مضيفًا أنه قد تم إلقاء القبض عليها بينما كانت تحاول الهرب مرة أخرى من المدينة الحدودية التي ولدت فيها.
اقرأ أيضًا: هل أصبحت سوريا أرض تصفية حسابات بين إيران وإسرائيل؟
لكن الصحفي الإيراني شهيد علوي، يروي قصة مختلفة في تغريدة له عبر الإنترنت، بعد بث البرنامج، قائلًا: “إن المرأة التي يطلق عليها هذا البرنامج اسم فاطمة دافاند، ويقول إنها اعتقلت في أثناء محاولتها الهرب عبر الحدود، قد أُطلق عليها النار وأُصيبت، ثم اعتقلت في أحد شوارع بوكان (مدينة في مقاطعة أذربيجان الغربية)، وإنه قد تم إبلاغ ذويها بأنها قُتلت، في حين اعتقلتها السلطات وأبقتها مسجونةً؛ لتجبر على هذه الاعترافات المتلفزة”.
عرض هذا البرنامج أيضًا مجموعة من النساء، مع تغطية وجوههن وهن بين المتظاهرين. تقول المذيعة: “إن هؤلاء النساء كن قائدات للمجموعات التي انطلقت؛ لإغلاق الشوارع وتدمير الممتلكات العامة”، ثم يؤكد البرنامج في مقطع آخر أن النساء لعبن على “مشاعر وعواطف الناس”.

تشويه الحركة النسوية
بعد بث البرنامج، نشرت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الحكومية (IRNA)، تقريرًا تزعم فيه أن فاطمة دافاند، قد عادت إلى إيران (لإقامة اتصالات مع مجموعات معادية خلال الاضطرابات الأخيرة).
وزعمت وكالة الأنباء أن مشاركة أعداد هائلة من النساء المشاركات في الاحتجاجات الأخيرة “تثير أسئلة”، متجاهلةً حقيقة أن النساء الإيرانيات يشكلن ما لا يقل عن نصف سكان البلاد، إن لم يكن أكثر من ذلك. بينما وصف موقع آخر موالٍ للحكومة، مشاركة المرأة في الاحتجاجات الأخيرة بأنها “تباهٍ” واتهمهن بالتعاون مع “الثورة المضادة للتحريض على أعمال الشغب”.
يقول مراقبون: “يبدو أن أحدث سياسة للجمهورية الإسلامية في قمع الحريات هو استهداف النساء الناشطات، وذلك باستخدام وجودهن في الاحتجاجات كذريعة لتدمير حركة الحقوق المدنية للمرأة”.
اقرأ أيضًا: ولاية الفقيه وداعش.. مقاربة على مستوى النظرية
كما قال أحد المعارضين الإيرانيين البارزين في الخارج: “لطالما كانت اعترافات التليفزيون القسرية تكتيكًا مفضلًا تستخدمه الجمهورية الإسلامية لقمع المعارضة وتشويهها أمام الرأي العام”.
كلما كانت هناك احتجاجات كانت هناك حركة لا توافق عليها الحكومة، وتعمُد السلطات بالتعاون مع الإعلام الرسمي إلى إنتاج برامج من هذا النوع؛ حيث يتم إجلاس مجموعة من الناس أمام كاميرات التليفزيون ويجبرونهم على تكرار العبارات والكلمات التي تؤكد أنهم يعملون لصالح جماعات معادية لإيران؛ بل وحكومات دول غربية تكن العداء وتحاول تقويض أسس الجمهورية الإسلامية.
هذا التكتيك ليس بالأمر الجديد؛ لكن ما لم يسبق له مثيل هو استهداف النساء؛ بعد أن شعر النظام بالإحباط بسبب دعواتهن إلى المساواة وحريات أكبر على مدى العقود الأربعة الماضية، فوجد النظام هذه الطريقة مناسبة لمعاقبتهن، وتحويلهن إلى أعداء يسعون لتهديد الأمن والاستقرار في أنظار الشعب الإيراني.