الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفةشؤون خليجيةشؤون عربية
الموت يغيب الفنان والأديب السعودي علي الهويريني

كيوبوست
بعد عقود من التفكير الغامر بمعاني الأشياء وأسبابها ونتائجها، رحل الفنان السعودي علي الهويريني، الخميس، عن عمر ناهز 76 عاماً، وفقاً لم أُعلن عبر حسابه على “تويتر”، الذي يديره نجله، والذي غرَّد:
كما نعى الفنان الراحل والأديب المسرحي عددٌ من الشخصيات الخليجية في المجالات كافة، وتصدَّر وسم (#علي_الهويريني_في_ذمه_الله) موقع “توتير”؛ حيث نعاه مدير المكتب الخاص لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بدر العساكر:
ونعاه المعلق الرياضي الإماراتي علي سعيد الكعبي، في تغريدة:
ونعاه أيضاً مدير عام مجموعة قنوات “MBC” محمد التونسي:
اهتمام بالفن
في مدينة البدائع التابعة لمنطقة القصيم في المملكة العربية السعودية، ولد الممثل والمخرج والشاعر السعودي علي عبدالله الهويريني، في يوم 19 مايو عام 1945م، وفيها (مدينة البدائع) تلقى تعليمه الابتدائي.
اقرأ أيضاً: لماذا لجأت الدراما العربية إلى ورش السيناريو؟
وخلال مراهقته، بينما كان يدرس في المعهد الصناعي، في العاصمة الرياض، التي انتقل إليها في مرحلة ما من طفولته، أبدى الهويريني اهتمامه بالفن، ابتداءً من الموسيقى التي مارسها كهاوٍ بعد أن تلقى دروساً فيها، وصولاً إلى التمثيل والإخراج اللذين استرعيا انتباهه وشغفه، وبناء عليه سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، والتحق هناك بجامعة “Columbia College Hollywood” في ولاية لوس أنجلوس، التي درس فيها الإخراج السينمائي، ليصبح بذلك أول سعودي حاصل على هذه الشهادة الدولية.
سجل فني
بعد إنهائه دراسته الجامعية عاد الهويريني إلى السعودية بداية السبعينيات، وعمل في الإخراج والتمثيل، عبر الإذاعة والمسرح والتليفزيون.
وكانت أولى مشاركاته التمثيلية في مسلسل “أيام لا تنسى” ومسلسل “فاعل خير”، عام 1974م، ثم شارك في مسلسل “نورة”؛ أول مسلسل مشترك بين المملكة العربية السعودية والكويت عام 1977م، وفي العالم التالي شارك في مسرحية “قطار الحظ”.

وتعددت مشاركاته المسرحية؛ إذ لعب دور “أبو علي” في مسرحية “تحت الكراسي” عام 1985م، ومسرحية “بخور كوالالمبور” عام 2006م، ومسرحية “الزئبق الأحمر” عام 2009م.
وبالعودة إلى أعماله التليفزيونية؛ ففي عام 1987 شارك الهويريني في مسلسل “الملقوف”، وفي عام 1991م كان ضمن سهرة تليفزيونية بعنوان “رجل النصف مليون”، وفي العام التالي شارك في السهرة التليفزيونية “الدكاترة سعد” بدور “أبو سعد”، كما لعب دور “العم مرزوق” في مسلسل “يوميات وضاح”.

وفي عام 1994م شارك في مسلسل “السراج”، ثم في عام 1997 مثَّل دور “علي” في مسلسل “أحلام ضائعة”، أما خلال عام 2002م فقد شارك الهويريني في مسلسل “العود”، بينما كان عام 2009م آخر عام ينخرط فيه بأعمال تمثيلية، فقد شارك في مسلسلَين هما “أبجد هوز” و”الخادمة”.
من خلال الشعر
إلى جانب عمله الرئيسي في التمثيل، خاض الهويريني في المجال الأدبي من خلال كتابة الشعر، ومن أشهر قصائده “يا سدرة الحقف”، المستوحاة من القرآن الذي اعتبره أساس الهداية وأغنى الكتب، ويقول مطلع القصيدة:
“يا سدرة الحقف والأحقاف خاوية تروي بك الريح ما لم تروه الرمم
قصي على التيه أجداث بها غبرت فالتيه أم ثكول قلبها شبم”
اقرأ أيضًا: السعودية تسعى لأن تصبح مركزاً ثقافياً
ومن خلال أشعاره يمكن الكشف عن آراء ومواقف الهويريني، الذي عني بتنظيم جلسات أدبية لعرض أفكاره وتصحيح بعض الصور الدينية النمطية، وطرح انتقاداته التي لطالما كانت لاذعة، ومن ضمن الأفكار التي حاول تصحيحها؛ النظرة السائدة للمرأة على أنها ناقصة عقل ودين، فبهذا السياق قال:
“فمن قال عنها ناقصةُ عقلٍ وملة ونحن لها لبس وهن لنا لبسُ
هي الثوبُ إن طهرت فالبيت طاهرٌ وإن دنست فالبيت قد شابَهُ الدنسُ”
وقال في إحدى مقابلاته عن قول “المرأة ناقصة عقل ودين”: “الرسول لا يمكن أن يقول مثل هذا الكلام”.
اقرأ أيضاً: “شمس المعارف” ونضج السينما السعودية
وحول مفهوم السعادة، فللراحل الهويريني صاحب العيون الدامعة وجهة نظر، فقد قال في إحدى مقابلاته: إن كثيرًا من الناس يظنون أن أصل الحياة السعادة؛ لكنه يراها حزينة، فهي تبدأ ببكاء الإنسان وتنتهي بالبكاء عليه، لكن الناس يمثلون السعادة على مسرح النسيان؛ إما بالمال وإما بالعقل وإما بالصحة وإما بالدين (المرجعية).
أما أكثر آرائه المثيرة للجدل، فكانت حول ما يُسمى بـ”الفتوحات” التي وصفها خلال ظهوره على قناة “روتانا خليجية” بأنها “غزو عربي”، وأنها “نكسة على الإسلام”، مستنكراً التوجه إلى الأندلس، قائلاً: “هل أمرنا الإسلام بعبور البحر لمحاربة النصارى؟!”، معتبراً أن “الإسلام ليس توسعاً؛ إنما بلاغ ورسالة… لا يحتاج إلى سيف”.
وعن الوطن، فقد حثَّ الهويريني على بنائه؛ فقال: “وطن لا نشارك في بنائه لا نستحق أن نحيا في فنائه”. بينما عبَّر عن حزنه على حال بغداد، قائلاً: “قد كنت يا بغداد للكون متسعًا واليوم بغداد هل ضاقت بك السبل”، أما القدس فوصفها بـ”جرحه النازف”.