الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفة
“المنصة”.. عمل درامي يرصد جذور التطرف وتطوراته مع الزمن

كيوبوست
بدأت شبكة “نتفلكس” وتليفزيون “أبوظبي” عرض الموسم الأول من مسلسل “المنصة”؛ وهو أحدث عمل إماراتي يُعرض عبر شبكة “نتفلكس” العالمية، وتصل حلقات الموسم إلى 12 حلقة؛ تتراوح مدة الحلقة الواحدة بين 45 و50 دقيقة، تمزج بين الماضي والحاضر؛ بين 1988 و2020 بطريقة سلسلة ومعبرة عن قصة “كرم” الشاب الذي تدور حوله الأحداث وتنتهي بترقب للجزء الثاني.
“المنصة” من تأليف هوزان عكو، وإخراج الألماني رودريجو كيشنر، وقام بإنتاجه المنتج الإماراتي منصور البيهوني الظاهري، بينما شارك في بطولته مجموعة كبيرة من الفنانين؛ منهم مكسيم خليل، وسلوم حداد، وعبدالمحسن النمر، وخالد القيش، ومعتصم النهار، ومهيرة عبد العزيز.
اقرأ أيضاً: “نتفليكس” ترفض الاشتراك في خدمات “آبل” الجديدة
نشاهد في الحلقة الأولى كثيراً من التفاصيل؛ بداية من حياة كرم وهو طفل وما يتعرض إليه من نشأة في بيئة مليئة بالمتطرفين؛ لدرجة أن شقيقَه الأصغر يتعرض إلى المعاشرة الجنسية على يد رجل يتحدث باسم الدين، مروراً بتحوله إلى مبرمج عبقري في الكمبيوتر، يحاول تقصي الحقائق وكشفها طوال الوقت.
والد كرم شارك في التخطيط لعملية إرهابية تستهدف تفجير أوتوبيس مدرسة زملائه، ووالدته أبلغت الشرطة التي أحبطت العملية وأوقفته مع آخرين بعد إدانتهم بالتخطيط للتفجير، لنشاهد الماضي عبر الفلاش باك ونعود إلى الحاضر، ونتابع رحلة مليئة بالتفاصيل والتشابكات المعقدة التي تتكشف حلقة بعد أخرى.

في رحلة كرم كثير من الآلام والمفاجآت التي تحدث بداية من هروبه نتيجة خوفه من الاتهام بجريمة قتل لم يرتكبها في أمريكا، مروراً بوفاة والدته الغامضة، والتي يقتنع أنها قُتلت من أبيه المتطرف أو شقيقه الشاب، وصولاً إلى مفاجآت كثيرة يتم الكشف عنها بحكم طبيعة عمله كمبرمج ماهر يُدير منصة تكشف الكثير من الأسرار واللقاءات السرية التي تحدث والجرائم التي تُرتكب وتقف خلفها دول عديدة.
اقرأ أيضاً: لماذا لجأت الدراما العربية إلى ورش السيناريو؟
وعبر الحلقات نشاهد مزيداً من التفاصيل حول كرم، وتشابك علاقته سواء في مسقط رأسه أو حيث يعمل في أبوظبي، محاولاً حماية المنصة من الاختراق، ومضيفاً إليها مزيداً من الحماية، ومستعيناً بالمبرمجين العباقرة ليكونوا معه، بينما تشهد الأحداث تسارعاً تارة وتباطؤاً تارة أخرى؛ وهو ما جعل إيقاع العمل يتفاوت من حلقة إلى أخرى.
ويتطرق المسلسل، من خلال الحكايات التي يرصدها، إلى التمويل الذي تتلقاه الجماعات الإرهابية وعملية تجنيد الإرهابيين وما يشوبها من تورط دول، بالإضافة إلى مسألة تورط مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي في عمليات غسيل وتهريب الأموال.

أجاد مخرج العمل في نهايات الحلقات بشكل كامل، وكذلك في البدايات الشيقة التي تجعل المتابع حريصاً على الاهتمام بما سيحدث بعد الشارة، بينما كان لافتاً التميز في كادرات التصوير وزوايا التصوير والإضاءة التي وظفت بشكل جيد للغاية؛ لا سيما في المشاهد الخاصة بالمتطرفين، سواء بوجودهم سوياً رفقة بعضهم البعضهم أو في لقاءاتهم مع كرم بطل العمل، الذي قدم دوره الفنان السوري مكسيم خليل.
اختيار مكسيم جاء مميزاً؛ ليس فقط لمناسبته للدور من ناحية الشكل والعمر، ولكن أيضاً لقدراته المميزة في التعبير عن المواقف الإنسانية التي تضمنها العمل، وهي كثيرة؛ بداية من مشاهد صدمته في جريمة القتل التي لم يرتكبها، مروراً بمشاهد تلقيه خبر وفاة والدته بعد قدومه لزيارتها، وصولاً إلى صراعه النفسي في رحلة البحث عن شقيقه وما حدث له.
من الأدوار المميزة كذلك دور الممثل الكبير سلوم حداد، والد كرم، الذي لعب الدور ببراعة شديدة حتى في مشاهد المواجهة مع نجله؛ وهي مشاهد امتلأت بالأحاسيس والمشاعر وخرجت بشكل جيد وظهرت في أكثر من حلقة، بينما جاء اختيار مهيرة عبدالعزيز في شخصية المذيعة شيخة، ليضيف كثيراً من المصداقية للدور بعدما قدمته بصورة مناسبة وإن كانت مشاهد محدودة قد ظهرت فيها بانفعال مبالغ فيه.

مما يؤخذ على المسلسل هو استخدام لغة مباشرة في بعض الرسائل التي أراد إيصالها للجمهور؛ خصوصاً في ما يتعلق بعنف الجماعات الإرهابية، وهو ما ظهر واضحاً في الحلقتين الأولى والأخيرة من العمل بشكل كبير وبشكل أقل في عدد من الحلقات، وهو أمر ربما ينتبه إليه صناع العمل في الجزأين الثاني والثالث المقرر تقديمهما خلال الفترة المقبلة.