الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

المكاسب الميدانية للحوثيين تؤكد استمرار تحالفهم مع إخوان اليمن

كيوبوست

أعلنت جماعة الحوثي استهداف شركة “أرامكو” في جازان، وأهداف أخرى بالعمق السعودي، وذلك في الوقت الذي أعلنت فيه سيطرتها على مناطق في مأرب والجوف ونهم؛ وهو التطور الذي يكشف عن عدد من الدلالات، والتي لا تتعلق فقط بتبعية الحوثيين إلى الأجندة الإيرانية ورفضهم أي جهود لتسوية الصراع؛ ولكن كذلك عن وجود تنسيق بين الحوثيين والتجمع اليمني للإصلاح، والذي تعددت مؤشراته يومًا بعد يوم.

تواطؤ “الإصلاح”

نجحت جماعة الحوثيين في تحقيق تقدم ميداني مفاجئ في 1 فبراير 2020؛ حيث سيطرت على جبال ومواقع استراتيجية في مديرية نهم شرق صنعاء، والتي تعد المدخل الرئيسي للعاصمة من ناحية الشرق، كما نجحت في السيطرة على أجزاء من محافظة البيضاء غربي اليمن؛ خصوصًا جبلَي العر ومسعودة[1]، وشنَّت هجمات مماثلة على أجزاء من محافظة مأرب.

اقرأ أيضًا: ما فعله الحوثيون بصحة الشعب اليمني

ويلاحظ أن الهجوم الأخير للحوثيين استهدف محافظات تقع تحت سيطرة التجمع اليمني للإصلاح؛ إذ إن الحزب يحتفظ بنحو ربع مليون مقاتل ضمن الجيش الوطني اليمني، والذي ينتشر في عدد من المحافظات اليمنية، وتحديدًا مأرب والجوف وتعز والبيضاء[2]. وتشير السهولة النسبية، التي تمكن بها الحوثيون من السيطرة على كل هذه المواقع، وفي وقت قصير نسبيًّا، إلى الحديث عن وجود تواطؤ بين “الإصلاح” والحوثيين في اليمن.

ويعود أبرز المؤشرات عن وجود تواطؤ بين التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمين في اليمن) والحوثيين، إلى لحظة شروع الحوثيين في السيطرة على اليمن في عام 2014، فعلى الرغم من تأييد حزب التجمع اليمني للإصلاح لـ”عاصفة الحزم” في اليمن؛ فإنهم لم يشاركوا في دعم جبهات القتال، بل إنهم لم يقوموا بالدفاع عن محافظة عمران، وتركوها تسقط في يد الحوثيين في يوليو 2014، على الرغم من أن المحافظة تعد أحد المعاقل التاريخية للجماعة[3].

اقرأ أيضًا: هل يمكن أن يحلَّ السلامُ في اليمن؟

وعندما سعى الحوثيون في فبراير 2015 لتطوير هجومهم للاستيلاء على المحافظات الجنوبية، وتحديدًا العاصمة الجنوبية عدن، كان من الملاحظ أنهم سلكوا مسارات برية كانت بيد “الإخوان” في تعز وتنظيم القاعدة في البيضاء وأبين، دون أن يجدوا أية مقاومة عسكرية تُذكر[4]، أو أن يخشوا تعرُّض خطوط إمدادهم من صنعاء للمحافظات الجنوبية إلى القطع؛ نظرًا لأنها تمر بمناطق تقع تحت سيطرة قوى يفترض أنها مناوئة لهم، غير أن تقدُّم الحوثيين ونجاحهم في الاقتراب من عدن ومحاولتهم السيطرة عليها في مارس 2015، تكشف عن حجم التواطؤ بين “الإصلاح” والحوثيين.

وجاء أحدث المؤشرات على وجود تواطؤ بين الجانبَين في سبتمبر 2019، عندما انسحبت وحدات عسكرية من القوات التابعة لحزب الإصلاح من مواقع تمركزها بمديرية “ناطع” في محافظة البيضاء، وسط اليمن؛ وذلك لتوفير فرصة للميليشيات الحوثية للتقدم إلى محافظة شبوة، بهدف شن هجوم مباغت على مواقع قوات الحزام الأمني والمقاومة الجنوبية المكشوفة في جبل “قرحي الاستراتيجي”[5]؛ إذ سعى “الإصلاح” لتوظيف الحوثيين من أجل إضعاف القوى الجنوبية المناوئة له، وذلك لتحقيق غاية أكبر تتمثل في تقاسم السيطرة على اليمن مع الحوثيين، مع محاولة إقصاء كل القوى الأخرى.

اقرأ أيضًا: كيف تؤثر علاقات الحكومة بالجماعات الإسلامية على وحدة اليمن واستقراره؟

فعلى مدى السنوات الأخيرة من عمر النزاع اليمني، لم يهتم التجمع اليمني للإصلاح بقتال الحوثيين؛ بل ركز جل اهتمامه على السيطرة على مؤسسات الدولة اليمنية، خصوصًا الأمنية والعسكرية، والحصول على دعم مالي من جانب قوات التحالف العربي؛ بحجة دعم مجهوده العسكري ضد الحوثيين، في الوقت الذي لم يقُم فيه بشن أية عملية عسكرية مؤثرة تهدف إلى طرد الحوثيين من أية محافظة يمنية؛ بل سعى لتوظيف هذه الأموال من أجل تعزيز سيطرته على الحكومة اليمنية[6]، بالإضافة إلى تعزيز تفاهماته مع الحوثيين؛ لتقاسم السلطة مستقبلًا.

اقرأ أيضًا: اتفاق الرياض بشأن اليمن.. الفرص والتحديات

تحالف المصالح التركي- الإيراني

يكشف التقدم العسكري المفاجئ الذي حققه الحوثيون، ليس فقط عن وجود تنسيق بين التجمع اليمني للإصلاح والحوثيين؛ ولكن كذلك عن وجود تفاهمات بين داعميهم الإقليميين، ممثلين في قطر وتركيا من جانب وإيران من جانب آخر.

انتهاكات عديدة وثقتها التقارير الحقوقية لميليشيا الحوثي – رويترز

فعلى الرغم من احتفاظ كلٍّ من تركيا وإيران بسياساتهما الإقليمية، والتي تبدو متنافسة في بعض الملفات الإقليمية، مثل سوريا والعراق؛ فإنهما لا تزالان تتمتعان بعديد من القواسم المشتركة، والتي تتمثل في محاولة توظيف الدين أو المذهب في خدمة أهداف السياسة الخارجية، كما في توظيف طهران للمذهب الشيعي؛ لتبرير تدخلاتها الخارجية، وتستُّر تركيا خلف دعم جماعة الإخوان المسلمين لتعزيز نفوذها الإقليمي. فضلًا عن محاولة كلتا الدولتَين لاستثمار التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة في التمدد خارج حدودهما، والسيطرة على دول أخرى.

اقرأ أيضًا: حكومة الرئيس هادي تستعين بالإرهابيين لضرب استقرار اليمن

ومن جهة ثالثة، حرصت الدولتان على التوصل إلى تفاهمات مشتركة في بعض الملفات الإقليمية؛ مثل مسارعتهما في دعم قطر، عندما قررت دول “الرباعية العربية” (ممثلة في السعودية والإمارات والبحرين واليمن) قطع علاقاتهما الدبلوماسية في يونيو 2017؛ بسبب إقدام الدوحة على سياسات أضرَّت بأمن واستقرار الدول العربية، والتي كان أبرزها تقديم دعم غير مباشر إلى الحرس الثوري الإيراني، والميليشيات الشيعية الموالية له في العراق، تجاوزت ثلاثة أرباع المليار دولار مقابل الإفراج عن بعض أعضاء الأسرة الحاكمة، الذين تم اختطافهم في رحلة صيد في العراق[7].

وكان اليمن إحدى الساحات التي شهدت تآمرًا بين إيران وتركيا على دول التحالف العربي، فقد كشفت وثائق مسربة للاستخبارات الإيرانية عن معلومات باستضافة تركيا اجتماعًا بين الحرس الثوري الإيراني وجماعة الإخوان؛ للعمل ضد السعودية، وذلك منذ عام 2014؛ حيث طالب ممثل الإخوان الحرسَ الثوري الإيراني بالعمل ضد المملكة باليمن من خلال توحيد صفوفهما، في ظل “تشاركهما في كراهية السعودية”؛ خصوصًا بعدما دعمت الرياض الثورة الشعبية التي أطاحت بحكم الإخوان المسلمين في مصر عام 2013[8].

اقرأ أيضًا: إخوان اليمن ميليشيا بذمة مثقوبة

ومن الملاحظ أن هذا التحالف ظل قائمًا بصورة سرية بين البلدَين، وكان من الصعب إثباته إلا بمراجعة التحركات الميدانية للقوات التابعة لإخوان اليمن، والحوثيين، غير أن عام 2019 شهد عديدًا من الأدلة التي تؤكد أن مثل هذا التحالف بدأ يخرج إلى النور؛ ومنها تصريحات أردوغان في أعقاب ادعاء الحوثيين هجومهم على “أرامكو” في سبتمبر 2019.

أردوغان وروحاني في لقاء سابق – أرشيف

فقد أكد الرئيس التركي، خلال مؤتمر صحفي مع نظيرَيه الإيراني حسن روحاني، والروسي فلاديمير بوتين، أن الهجوم كان بسبب تدمير هذا البلد، في إشارة ضمنية تهدف إلى تحميل السعودية مسؤولية تدمير اليمن، وأن هجوم الحوثيين كان بمثابة رد فعل على هذا التدمير، وذلك على الرغم من تأكيد الولايات المتحدة منذ اللحظة الأولى لوقوع الهجمات، والتحقيقات اللاحقة للأمم المتحدة، عدم امتلاك الحوثيين القدرات العسكرية المعقدة التي تؤهلهم لشن مثل هذا الهجوم؛ بل إن الهجوم جاء من شمال المملكة، وليس الجنوب[9].

اقرأ أيضًا: تناقضات علي محسن الأحمر تضع أزمة اليمن على المحك

وازدادت التصريحات العدائية لأردوغان ضد المملكة؛ حيث أكد في 10 أكتوبر 2019 أن مَن يقتل آلاف اليمنيين لا يحق له أن يندد بالعملية التركية في سوريا[10]، في إشارة مباشرة إلى السعودية؛ بسبب اعتراضها على شنّ الجيش التركي حملة عسكرية ضد الأكراد في شمال سوريا. كما شاركت تركيا وقطر في شن حملة إعلامية ضد دولة الإمارات؛ حيث ادعت الدولتان أن الإمارات تقوم بإرسال السودانيين للقتال في اليمن، وهي الادعاءات التي نفاها وزير الإعلام السوداني فيصل محمد صالح، جملةً وتفصيلًا[11].

وفي الختام، يكشف كل ما سبق عن استمرار توظيف كلٍّ من إيران وتركيا لوكلائهما المسلحين في اليمن؛ من أجل الإضرار بالأمن القومي العربي، وتعزيز نفوذهما على حساب الدول العربية، بما يستتبعه ذلك من ضرورة مواجهة هذه الأدوار التي تسعى لاستثمار الصراعات العربية؛ في محاولة لبناء إمبراطوريات يكون مركزها طهران وأنقرة. 

المراجع

[1] https://bit.ly/31maA9N

[2] https://bit.ly/390TyAJ

[3] https://bit.ly/391kyAe

[4] https://bit.ly/36TBhUl

[5] https://bit.ly/2S5OpAA

[6] https://bit.ly/31ibQuB

[7] https://www.bbc.com/news/world-middle-east-44660369

[8]) https://bit.ly/2ROT7DJ

[9] https://cnn.it/2OmHr9f

[10] https://www.alminasapress.com/news27371

[11] https://arbne.ws/3b1UCWQ

اتبعنا على تويتر من هنا

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة