
كيو بوست –
“المأساة ليست في فترة الحرب، إنما بعد انتهائها”، هكذا يبدو حال السوريين من أهالي مدينة الرقة السورية القريبة من الحدود مع العراق. ورغم مرور أكثر من عامين على طرد تنظيم داعش منها، إلا أن آلام الحرب تشتعل في نفوس أهل المدينة، ولا يبدو أنها ستندمل مع مرور الزمن.
مئات العائلات لا تزال تبحث عن مصير أبنائها المفقودين منذ اعتقالهم على يد التنظيم الذي اتخذ المدينة عاصمة له، قبل أن يتم دحره منها على يد القوات الكردية. انتهى وجود التنظيم لكن لم يعرف مصير المعتقلين.
اقرأ أيضًا: عرائس المجاهدين: 800 امرأة داعشية تحت قبضة القوات الكردية شمال سوريا
أين انشقت بهم الأرض؟
خلال فترة حكمه المستبد للمدينة، استخدم التنظيم نحو 54 مركز احتجاز وسجنًا سريًا للمعتقلين. ووثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان “SNHR” أسماء 8119 شخصًا مفقودًا، بينهم 286 طفلًا و300 امرأة.
ووفقًا للشبكة ذاتها، فإن هناك 1600 على الأقل ماتوا داخل السجون، لأسباب عدة من بينها: التعذيب وأوامر الإعدام الجماعي واستهداف قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة للسجون، خلال الحرب الجوية على التنظيم.
وحسب أحدث التقارير، تقدر منظمة هيومن رايتس ووتش وجود 3 إلى 5 آلاف شخص مصيرهم مجهول، ممن كانوا معتقلين في مناطق سيطرة التنظيم سابقًا في المدينة.
وتقول الباحثة في المنظمة سارة كيالي لوكالة فرانس برس: “تكمن الصعوبة في أن العديد من السجون قُصفت خلال المعركة”، ما يزيد احتمالات مقتل معتقلين، مشيرة أيضًا إلى احتمال إيجاد المفقودين في المقابر الجماعية المنتشرة في أنحاء الرقة كافة.
اقرأ أيضًا: تقرير أمريكي يكشف خطط “داعش” لإعادة التمويل، وتركيا الوجهة
وتضيف إنه “لأمر محبط جدًا بالنسبة للعائلات التي ظنت أن استعادة السيطرة على الرقة من تنظيم الدولة الإسلامية تعني العثور على الإجابات التي يبحثون عنها”.
“ليس هناك أي جهة تذهب إليها تلك العائلات للحصول على إجابات، ولا حتى آلية لتسجيل أسماء المفقودين”، قالت.
وتمكن فريق دولي من سحب 2500 جثة حتى الآن، وفق منظمة العفو الدولية، من ركام الحرب التي اندلعت بين التنظيم والقوات الكردية المدعومة من التحالف بقيادة الولايات المتحدة، في أكتوبر/تشرين الأول 2017.
“أذهب للبحث عنه، علّي أتعرف عليه من الشامة بين حاجبيه أو من ندب في رجليه ناتجة عن حروق قديمة”، تقول أم موسى، إحدى الأمهات المكلومات الباحثات عن مصير أبنائهن. واعتقل التنظيم قبل أربع سنوات موسى ولم يكن يتجاوز 17 عامًا.
المسؤولية على القوات الكردية
تعتبر الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن القوات الكردية مسؤولة عن الكشف عن مصير آلاف المختفين الذين كانوا في سجون داعش، لأنها سيطرت على مساحات شاسعة من الأراضي التي كانت تحت سيطرة الجماعة، من بينها مدينة الرقة التي كانت تضم أهم المراكز الإدارية للجماعة وقادتها.
وتقول المنظمة إن تلك القوات اعتقلت عشرات المسؤولين الأمنيين وقادة التنظيم “الذين يملكون بالتأكيد معلومات توضح مصير هؤلاء المختفين قسريًا”.
وأمام هذا التجاهل، أطلق ناشطون، قبل نحو عام، منصات إلكترونية على وسائل التواصل الاجتماعي، للبحث عن المفقودين. واختار الناشطون عبارة “خبرني يا طير” كاسم لمنصة على موقع التواصل فيسبوك للمساعدة في توثيق المفقودين.
لكن الحقيقة أنه وبعد انقضاء عام كامل على حرب الرقة، ما يزال الآلاف في عداد المفقودين، وتمني عائلاتهم وأحباؤهم النفس في العثور على طرف خيط يدل على مصير أبنائهم.