الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
المغرب يقود الحرب ضد تجنيد الأطفال
مبادرة مغربية ترمي إلى الحد من استخدام الأطفال وقوداً في النزاعات المسلحة من قِبل التنظيمات الإرهابية.. فما أبرز ملامحها؟

كيوبوست – حسن الأشرف
بدأت المبادرة المغربية بإعداد مشروع ملحق يُضاف إلى “الخطة الشاملة للحد من عمليات تجنيد الأطفال في الصراعات المسلحة والإرهابية”، في حصد العديد من الإشادات؛ آخرها ثناء مجلس جامعة الدول العربية، في ختام اجتماعه على مستوى وزراء الخارجية، على هذه الخطة التي تركز على أبعاد ثلاثة: حقوقية وقانونية وإنسانية.
وثمَّنت جامعة الدول العربية أيضاً جهود المغرب في محاربة الإرهاب عبر مقاربة فكرية ودينية وعلمية، من خلال ما تقدمه مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، ومعهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين الدينيين؛ رجالاً ونساء.
اقرأ أيضاً: “المستضعفون في الإرهاب”… كيف تستفيد الجماعات الإرهابية من تجنيد الأطفال؟
محاربة تجنيد الأطفال
وكان مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، قد تبنى في شهر مارس الماضي بالعاصمة المصرية القاهرة، مشروع قرار تقدم به المغرب ينص على مواجهة ظاهرة تجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة واستغلالهم في الجماعات الإرهابية.
ويجتهد المغرب في مجال محاربة تجنيد الأطفال في الصراعات المسلحة وبؤر التوتر والجماعات الإرهابية من خلال إنشاء مبادرات أو تأسيس هيئات ومراكز؛ آخرها افتتاح المركز الدولي للأبحاث حول الوقاية من تجنيد الأطفال، في مارس الماضي.

ويروم هذا المركز الدولي الذي افتتحه وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، المساهمة في مكافحة تجنيد الأطفال؛ عبر نشر الأبحاث التي يقوم بها المركز وتوزيعها على نطاق واسع، علاوةً على التوعية بمصير الأطفال المجندين، وعمليات تجنيدهم.
وسيعمل المركز، وَفق ما أوردته وسائل إعلام مغربية نقلاً عن المسؤولين عن المركز، على توفير معطيات دقيقة، نوعية وكمية؛ من أجل اتخاذ مبادرات وتدابير تعتمد على البحث الأكاديمي، كما ستتوفر آليات للترافع الدولي أمام منظمات الأمم المتحدة في مختلف المنتديات، بتعاون مع المجتمع المدني في العالم أجمع.
اقرأ أيضاً: استمرار الصراع في اليمن يهدد بتزايد تجنيد الأطفال
وبلغة الأرقام، تضاعف معدل الأطفال الذين يعيشون في مناطق النزاعات المعرضين لخطر التجنيد والاستغلال من قِبل الجماعات المسلحة والإرهابية 3 مرات، وذلك من أقل من 5 في المئة سنة 1990 (99 مليون طفل) إلى أكثر من 14 في المئة سنة 2020 (337 مليون طفل)، كما أن الأطفال يُستغلون في 75 في المئة من النزاعات القائمة في العالم؛ أي أن أكثر من 460 مليون طفل يعيشون في منطقة نزاع سنة 2022، وأكثر من 15 في المئة من الأطفال المجندين من الفتيات.
ثلاثة أبعاد رئيسية
ويعلق الدكتور عبدالواحد أولاد مولود، باحث في العلاقات الدولية والشؤون الإفريقية، على الموضوع بالقول: “إن المبادرة المغربية التي تم تثمينها من طرف مجلس وزراء خارجية دول الجامعة العربية سيكون لها دور فعال في الخروج من المأزق الذي يواجه الأطفال في بؤر التوتر”، مشيراً إلى أن دولاً عربية شهدت عدداً من الأزمات والنزاعات منذ سنة 2011؛ مثل العراق وليبيا وسوريا واليمن والسودان والصومال، وهي نزاعات يُستغل فيها الأطفال.

ويرى أولاد مولود، في تصريحات أدلى بها إلى “كيوبوست”، أن “الخطة المغربية ترتكز على 3 أبعاد رئيسية؛ البعد الحقوقي والبعد القانوني والبعد الإنساني”، موضحاً أنه بخصوص البعد القانوني توجد اتفاقية دولية لحقوق الأطفال صادقت عليها مجموعة من الدول العربية ودخلت حيز التنفيذ، وتوصي بحماية الطفل من جميع أنواع الاستغلال.
وعلى المستوى الإنساني، يضيف الأستاذ الجامعي، الخطة تستند إلى منع المتاجرة بالأطفال واستغلالهم جسدياً وجنسياً وتوظيفهم لتحقيق مآرب عديدة، مورداً أن حركات إرهابية مثل تنظيم داعش تستغل الأطفال لتنفيذ خططها الدموية أو للتغرير بهذه الفئة.
اقرأ أيضاً: شهادات صادمة حول واقع تجنيد الأطفال اليمنيين على يد الحوثيين
وسجل المتحدث ذاته ما خلفه “تنظيم الدولة الإسلامية” في العراق وسوريا من “أبناء داعش”، مبرزاً أن “المغرب معني بهذه التطورات والأوضاع؛ لأن العديد من النساء هاجرن إلى بؤر التوتر ولديهن أطفال”.
أما البعد الحقوقي، يضيف أولاد مولود، فيقوم على تبادل التجارب والخبرات وتقريب وجهات النظر بين دول الجامعة العربية، التي رحبت بخطة المغرب وستعمل على تنفيذها في القريب العاجل، كما أشادت بالدور الكبير الذي تقوم به مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة ومعهد محمد السادس لتكوين الأئمة.

ولفت الباحث عينه إلى أنه يتعين تكثيف الجهود لإعادة الاعتبار إلى الأطفال الذين تعرضوا إلى الاستغلال في الصراعات والنزاعات والتنظيمات الإرهابية، لإعادة الاعتبار إلى الطفولة داخل المجتمع وحمايتها.
وخلص أولاد مولود إلى أننا أمام تحدٍّ بارز للقطيعة مع ممارسات الماضي واستغلال الأطفال في مناطق الصراعات والتوترات، مشدداً على ضرورة العمل بشكل جماعي؛ لأن هذه الخطة وضعها المغرب للاستفادة منها على المستوى الجماعي، وهي خطة ترتكز على التوعية والوقاية لمواجهة استغلال الأطفال من طرف جماعات إرهابية في مناطق النزاع.
بيئة غير مستقرة

من جهته، يقول الدكتور عبدالفتاح الفاتحي، مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية: إن أسباباً عديدة جعلت الجامعة العربية تتلقى المبادرة المغربية بشأن إعداد مشروع ملحق يضاف إلى الخطة الشاملة للحد من عمليات تجنيد الأطفال في الصراعات المسلحة والإرهابية بالكثير من الترحيب والإشادة.
ويشرح الفاتحي، في تصريحات أدلى بها إلى “كيوبوست”، أن مشروع القرار تقدمت به المملكة المغربية، الذي يقضي بمكافحة واستئصال ظاهرة تجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة، له أهمية بالغة ترتبط أساساً بمكافحة الجماعات الإرهابية التي تجعل من الطفولة حطباً لإذكاء أحقادها ضد المجتمعات العربية والإفريقية.
اقرأ أيضاً: لماذا يسعى المتطرفون إلى تجنيد الأطفال في صفوفهم؟
وزاد الخبير بأن المملكة المغربية وهي تناضل من أجل محاربة ظاهرة تجنيد الأطفال إقليمياً ودولياً، فإنها تأسف لكونها ترى أن دولاً عربية تنتمي إلى مؤسسات إقليمية ودولية تدعم جهات معروفة بتوظيف الأطفال في الأعمال العسكرية المسلحة.
واستطرد: المملكة المغربية تتزعم الالتزام بمبادئ وأعراف القانون الدولي لحماية الطفولة؛ وهي تقدم رؤية استراتيجية في مبادرتها إلى الجامعة العربية تستند إلى البعد الحقوقي والقانوني والإنساني في التصدي لعملية تجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة.

وأبرز الفاتحي أن المملكة المغربية تبحث عن دعم عربي وإفريقي ودولي لتجريم الدول التي تدعم الجهات التي تجند الأطفال في النزاعات الانفصالية المسلحة كجزء من نضال راسخ، ما دامت هذه الظاهرة تعني 250 ألف طفل مجند في إفريقيا؛ أي (40%) من جُملة الأطفال المجندين حول العالم.