الواجهة الرئيسيةترجماتصحة
المزيد من الدول توصي بتنويع جرعات اللقاح.. فهل هذا مفيد؟

كيوبوست- ترجمات
جاكلين هوارد♦
من ألمانيا إلى جمهورية الدومينيكان، توصي السلطات الصحية الحكومية بنهج “الخلط والمطابقة” للتحصين على أمل حماية الناس بشكل أفضل من خلال منحهم نوعَين مختلفَين من اللقاح؛ أحدهما كجرعة أولى، والآخر كجرعة ثانية أو حتى ثالثة.
لكن هل يحمي هذا الأمر الناس بشكل أفضل حقاً؟ وهل هو ضروري؟ من وجهة نظر علمية، لا تزال الإجابة غير واضحة. والدراسات جارية حالياً لفهم مخاطر وفوائد خلط لقاحات فيروس كورونا بشكل أفضل؛ الأمر الذي قد يخفف من المشكلات اللوجستية لبعض برامج اللقاحات العالمية. لكن هناك حاجة إلى مزيد من البحث؛ لمعرفة ما إذا كانت برامج اللقاحات المختلطة تعمل في العالم الحقيقي.
أصدرت ألمانيا، مؤخراً، ما يبدو أنه أقوى توصية على مستوى العالم بتنويع جرعات لقاح فيروس كورونا؛ إذ قالت اللجنة الألمانية الدائمة للتلقيح: “إن الأشخاص الذين تلقوا الجرعة الأولى من لقاح أسترازينيكا يجب أن يأخذوا جرعتهم الثانية من لقاح يعتمد على تقنية mRNA؛ وذلك بغض النظر عن أعمارهم”.
اقرأ أيضاً: 13 خرافة حول لقاحات “كورونا” يجب ألا نصدقها.. فما هي؟
تستخدم لقاحات فايزر/ بايونتيك وموديرنا تقنية mRNA، بينما يعتمد لقاح أسترازينيكا فيروساً يُعرف بالفيروس الغدي، يقوم بتفعيل جهاز المناعة في جسم المتلقي لإنتاج الأجسام المضادة لفيروس كورونا. وقالت اللجنة إن “نتائج الأبحاث الحالية تظهر أن الاستجابة المناعية المتولدة عن جرعات متنوعة من اللقاح هي أفضل بشكل واضح”.

كندا قالت إنه لا بأس بتنويع جرعات اللقاحات
قالت جمهورية الدومينيكان، في مطلع الشهر الجاري، إنها سوف تبدأ بإعطاء جرعة ثالثة معززة للعاملين في القطاع الصحي في البلاد؛ لمواجهة التحورات الجديدة من الفيروس، وقالت إن هؤلاء سوف يتلقون لقاحاً مختلفاً عن الذي تلقوه في المرتَين السابقتَين. علماً بأن البلد كان قد استخدم ثلاثة أنواع من اللقاحات؛ هي أسترازينيكا وساينوفاك وفايزر/ بايونتيك.
وفي يونيو الماضي، قدمت اللجنة الاستشارية الوطنية الكندية للتلقيح، توصية أقل قوة عندما قالت إن “من الأفضل استخدام اللقاح الذي يعتمد على تقنية mRNA كجرعة ثانية للأشخاص الذين تلقوا جرعتهم الأولى من لقاح أسترازينيكا/ كوفيشسلد”.
وقالت اللجنة الكندية إنها تقدم توصيتها بناءً على “الأدلة الناشئة حول استجابة مناعية أفضل عند مَن خضعوا لبرامج تلقيح تعتمد جرعات متنوعة”.
اقرأ أيضاً: كيف ستضر بنا جميعاً حرب اللقاحات؟
البيانات الأولية في المملكة المتحدة تشير إلى ارتباط تنويع الجرعات مع زيادة الأعراض الجانبية
وجد باحثون في المملكة المتحدة أن برامج التلقيح المتنوعة التي أعطت لقاحَي أسترازينيكا وفايزر، أظهرت جميعها استجابة مناعية قوية، مع أن البرامج التي اعتمدت لقاح فايزر كانت أقوى.
وفي دراسةٍ منفصلة، ظهر أن الأشخاص الذين تلقوا جرعات متنوعة -أي ممن تلقوا أنواعاً مختلفة من اللقاحات في كل من الجرعتَين الأولى والثانية- كانوا أكثر عرضة للإصابة بتأثيراتٍ جانبية خفيفة؛ مثل ارتفاع درجة الحرارة أو القشعريرة أو الوهن أو الصداع، وفقاً لتقرير نشره باحثون من المملكة المتحدة في مجلة “لانسيت” الطبية، في مايو الماضي.
لكن هذه الآثار الناتجة عن تنويع اللقاحات لم تدم طويلاً، ولم يكن هنالك أي مخاوف تتعلق بالسلامة.

قال الدكتور آميش أدالجا، الباحث الأول في مركز السلامة الصحية في جامعة جون هوبكينز، لشبكة “سي إن إن”: “إن فكرة استخدام نوع من اللقاح للجرعة الأولى، ونوع آخر مختلف للجرعة الثانية، ليست جديدة؛ فقد تم البحث فيها منذ فترة من الوقت، حتى قبل انتشار جائحة فيروس كورونا”. وتدعى هذه العملية “التعزيز الأولي غير المتجانس”.
وأضاف أدالجا: “كانت هناك دراسات في الماضي على فيروس إنفلونزا الطيور باستخدام لقاح التعزيز الأولي غير المتجانس؛ وهذا جزء من أجندة بحثية تهدف إلى تعزيز اللقاحات”.
اقرأ أيضاً: لماذا تلقيت اللقاح الروسي؟
“من المبكر في هذا البحث التوصل إلى معرفة ما سينتهي إليه الأمر في غضون بضعة أشهر أو سنوات من الآن في ما يتعلق بالشكل المستقبلي للقاحات (كوفيد-19)؛ ولكن من المهم أن نتعلم كيف نصنع لقاحات أفضل من الجيل الثاني وأن نستخدم معرفتنا هذه حتى لتحسين لقاحاتٍ أخرى لأمراضٍ معدية أخرى”.
أشارت الأبحاث إلى أنه يمكن للمرضى الذين خضعوا لعمليات زراعة الأعضاء الاستفادة من جرعة ثالثة من لقاح “كوفيد-19”.
وأشار أدالجا إلى أنه من المهم كيف تختلف الاستجابة المناعية من لقاحٍ لآخر؛ فالجهاز المناعي يستجيب لتقنيات اللقاح المختلفة بطرق مختلفة. وقال: “هذا مجال بحثي مثمر للغاية ومن المهم فهمه، وربما يساعد على تصميم أنظمة لقاحات أفضل؛ خصوصاً بالنسبة إلى الأشخاص الذين لا يستجيبون بالضرورة بشكل جيد للأنظمة العادية، مثل الأشخاص الذين أُحبط جهازهم المناعي عمداً بعد خضوعهم لعملية زرع عضو ما”.

تشير إحدى الدراسات التي نُشرت في عدد يونيو الماضي، من مجلة “أنالز أوف إنتيرنال ميديسن” الطبية، إلى أن جرعة ثالثة من لقاح فيروس كورونا يمكنها أن تعزز مستوى الأجسام المضادة عند الأشخاص الذين خضعوا لعمليات زراعة أعضاء والذين لم يحصلوا على استجابة قوية لبرنامج التلقيح المعتاد.
اقرأ أيضاً: لغز كوفيد الجديد في الهند.. لماذا ارتفعت نسب الإصابة فجأة؟
ومن بين المرضى في الدراسة الذين لم تظهر لديهم نسبة تذكر من الأجسام المضادة بعد تلقيهم جرعتَين من اللقاح، شهد الثُّلث ارتفاعاً في نسبة هذه الأجسام بعد تلقيهم جرعة ثالثة، وشهد جميع الأشخاص الذين كان لديهم مستوى منخفض من الأجسام المضادة بعد الجرعة الثانية ارتفاعاً في نسبتها بعد الجرعة الثالثة. وبعض هؤلاء تم تعزيزهم بجرعة ثالثة من نفس اللقاح؛ ولكنَّ كثيرين منهم تلقوا لقاحاً مختلفاً.
ليس هنالك من ضرورة لجرعة ثالثة بعد
مع انتشار فيروس كورونا المتحور “دلتا” الأكثر عدوى في الولايات المتحدة، ساور بعض الناس القلق حول ما إذا كانت هناك حاجة إلى جرعةٍ ثالثة لتعزيز مناعة مَن تلقوا جرعتَين؛ خصوصاً عند مَن تلقوا لقاح “جونسون آند جونسون”، الذي يعتبر أقل فاعلية، ولكن البيانات التي نشرت مؤخراً تفيد عكس ذلك.

قالت الشركة، في بيانٍ لها، إن لقاح “جونسون آند جونسون” يوفر مناعة تدوم لما لا يقل عن ثمانية أشهر، ويبدو أنه يعطي حماية جيدة من متحور “دلتا” المثير للقلق.
اقرأ أيضاً: لماذا يموت عدد كبير من الأطفال بسبب “كوفيد-19” في البرازيل؟
قال الدكتور ماثاي مامين؛ رئيس قسم الأبحاث والتطوير، في قسم اللقاحات بشركة “جونسون آند جونسون”: “البيانات الحالية التي تمت دراستها حتى الآن للأشهر الثمانية الماضية، أظهرت أن لقاحَ (جونسون آند جونسون) ذا الجرعة الواحدة يولِّد استجابة قوية للأجسام المضادة لا تتضاءل؛ بل إننا لاحظنا تحسناً في مستواها مع مرور الوقت”.
وقالت الشركة إن جرعة واحدة من اللقاح تثير استجابة دائمة، وتولد خلايا مناعية تُسمى “خلايا تي” تدوم ثمانية أشهر أيضاً.
وقال الدكتور بول أوفيت؛ مدير مركز تعليم اللقاحات في مستشفى الأطفال في فيلاديلفيا، إن هذا الأمر يشير إلى أن الجرعات المعززة غير ضرورية في هذا الوقت، وقال: “يجب أن يحركنا العلم، والآن العلم يقول إن جرعتَين من لقاحات RNA أو جرعة واحدة من لقاح (جونسون آند جونسون) ستوفر لك الحماية من الإصابة بالمرض الخطير الذي يسببه متحور دلتا”.
♦مراسلة شبكة “سي إن إن” للشؤون الصحية
المصدر: سي إن إن