شؤون دوليةملفات مميزة

المراقبة الحكومية على الأفراد: أسلوب الدولة الصينية في ضبط المجتمع

هل تخيلت يومًا أن تكون مراقبًا في كل تفاصيل حياتك؟

كيو بوست –

هل تخيلت يومًا أن تكون مراقبًا في كل تصرفاتك اليومية، في مأكلك، ومشربك، ومسكنك، وتسوقك، في عملك، وفي كل تفاصيل حياتك؟ هل تخيلت أن تكون كل خطوة تخطوها مسجلة في ملف خاص؟

بالفعل هذا ما قامت به الحكومة الصينية خلال الفترة الماضية، إذ بنت نظامًا إلكترونيًا يطلق عليه “نظام الائتمان الاجتماعي”، سيبدأ العمل به إجباريًا بحلول عام 2020، ويقوم على تقييم المواطنين من خلال مراقبة تصرفاتهم كافة، وهذا معناه أنه سيكون لكل شخص تقييم خاص به يزيد أو ينقص وفقًا لأعماله اليومية الاعتيادية.

ووفقًا لمجلة “weird” البريطانية، فإن كل مواطن صيني سيصبح لديه تقييم مشابه لمبدأ الاختبارات في المدارس، وذلك من خلال مراقبة السلوك الاجتماعي للأفراد، وطريقة تعامله مع الآخرين، وهذا التقييم سيعطي معيارًا مرئيًا للجميع، بتقييم الشخص العام، وتحديد إن كان جيدًا أم سيئًا في حياته. وسيؤثر ذلك على إمكانية حصوله على عدد من الخدمات كالوظائف أو العقارات أو حتى المدارس التي سيرتادها أطفاله، وعلى أشياء أخرى.

فعلى سبيل المثال إن كنت كثير الشراء لألعاب الفيديو أو الكحول عن طريق الإنترنت، وغيرها من المنتجات غير المحبذة للحكومة الصينية، فهذا سينقص من درجاتك وتقييمك، وإن قمت بمشاركة آرائك السياسية دون الحصول على إذن مسبق، أو نشر ما لا يعجب الحكومة سيؤثر على درجاتك أيضًا.

الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن الحكومة سيصبح بإمكانها النظر في سلوك أصدقائك أيضًا، فإذا كان أحدهم مناهضًا للحكومة، فإن ذلك سيعود بالأثر السلبي عليك، لذلك -بحسب العديد من الخبراء- فإن هذا النظام يهدف إلى عزل المعارضين للحكومة عن أصدقائهم وبقية المجتمع، ومحاولة جعلهم منبوذين تمامًا. وفي حديث لأحد الخبراء لمجلة “ذا أتلانتك”، بين أن ما تقوم به الحكومة الصينية حاليًا هو العمل على “تربية” سكانها بشكل غير مباشر، وتعزيز فكرة المراقبة، وإلغاء الفكر المستقل.

وبناء على ذلك فإن درجاتك قد تحدد وصولك إلى بعض الامتيازات الممنوحة، كالحصول على تأشيرة سفر للخارج، أو حتى الحق في السفر بالقطار أو الطائرة داخل الدولة. وقد يصل الأمر إلى توفير خدمة وصول أسرع للإنترنت بحسب تقييمك. في المقابل، إن انتقادك للحكومة وسياساتها سيعرض نتائجك للانخفاض، مما سيقلل من حصولك على الكثير من المزايا. وعند خروجك من المنزل ستصطدم بملايين كاميرات المراقبة المنتشرة في كافة أنحاء البلاد، فبمجرد ارتكاب الشخص لجريمة ما، فإن صورة وجهه ستظهر من خلال خوارزميات معينة في قاعدة بيانات الحكومة. ولن يستغرق الأمر وقتًا طويلًا حتى تصبح الشرطة على عتبة منزله.

 

400 مليون كاميرا بحلول عام 2020

بحسب وكالة “رويترز” فإن الحكومة الصينية أنشأت أكبر شبكة للمراقبة البصرية في العالم، مؤلفة حاليًا من قرابة 170 مليون كاميرا، وتشير التقديرات إلى أنها ستزداد لتصبح حوالي 400 مليون كاميرا ذكية بحلول 2020، مع التركيز على خوارزميات تحليل الصور المدعمة بالذكاء الاصطناعي، التي ستكون ضمن قاعدة بيانات ضخمة، من أجل تمييز وجه أي شخص خلال ثوان، وذلك بمجرد مروره من أمام إحدى كاميرات المراقبة.

 

تهديد للحريات العامة

شكلت هذه التقنية صراعًا ما بين الأمن والخصوصية، فبينما يرى البعض أنها ستحد من الجرائم والإرهاب في البلاد، رأى آخرون أنها تشكل تهديدًا صارخًا للحريات المدنية، في واحدة من أكثر البلدان القمعية والمسيطرة في العالم؛ إذ سيمتنع المواطنون نتيجة لهذه التقنية عن أي نوع من التعبير المستقل، خوفًا أو حرجًا من نتيجة بياناتهم، ومن معاقبتهم من قبل الحكومة. ويبقى الخوف الأكبر أن لا تبقى هذه التقنية مقتصرة على الصين، وأن تنتشر في بلدان استبدادية أخرى.

 

كيفية جمع المعلومات

بدأت الصين بالفعل بالاتفاق مع 8 شركات خاصة لتحديد الخوارزمية البرمجية، التي ستشمل أراضي الصين كافة. وستجمع الشركات البيانات الخاصة بالمواطنين من خلال عمليات الشراء عبر الإنترنت، أو تصفح مواقع التواصل الاجتماعي.

وسيحصل هذا المشروع على تمويل العديد من الشركات، كشركة China Rapid Finance، الشريكة للشبكة الاجتماعية العملاقة Tencent. وهناك أيضًا Sesame Credit، الشركة التابعة لمجموعة علي بابا الشهيرة. ولدى كلا الشركتين إمكانية وصول إلى كميات هائلة من البيانات، الأولى عن طريق تطبيق WeChat، المستخدم من قبل 850 مليون مستخدم، أما الشركة الثانية فمن خلال خدمة الدفع الإلكتروني AliPay.

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة