الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

المرأة ومعركة تغير المناخ

كيوبوست- ترجمات

رزان خليفة المبارك♦

في صباح الثامن من مارس، يوم المرأة العالمي، تستيقظ ملايين النساء في مختلف أنحاء العالم لمواصلة حياتهن كالمعتاد. فتاة صغيرة في كينيا ستغادر منزلها لتنطلق في رحلة على الأقدام تستغرق نصف ساعة لتجمع الحطب لعائلتها. وتغادر إحدى الأمهات في فلوريدا مع ساعات الصباح الأولى لتصل إلى مدرستها. وتنطلق مجموعة من النساء في أرهواكو في كولومبيا لجمع الأعشاب الطبية، وفي تركيا ستبدأ النساء اللاتي فقدن كل شيء في الزلزال مهمتهن الصعبة المتمثلة في إعادة بناء حياة أسرهن، بمساعدة من تبقى من أفراد العائلة والأصدقاء.

هنالك شيء واحد يجمع كل هؤلاء النساء. هو دورهن المركزي في مجتمعاتهن، وفي حياة عائلاتهن. إنهن صانعات القرار الرئيسيات عندما يتعلق الأمر بالغذاء وتربية الأطفال وإدارة الأسرة ومواردها. وهن أيضاً، ولسوء الحظ، يشكلن أغلبية فقراء العالم، وأكثر من يتأثر بالتهديد المزدوج لتغير المناخ وتضرر الطبيعة. وعلى الرغم من ذلك، فإن أصواتهن غير مسموعة إلى حدٍّ كبير. وأفضل طريقة لتكريم هؤلاء النساء لا تقتصر على سماع أصواتهن فحسب، بل في رعايتهن كقائداتٍ أيضاً، لأن مستقبل كوكبنا يتوقف على قيادتهن.

أقمار صناعية لمراقبة تغير المناخ- NASA

هكذا افتتحت رزان خليفة المبارك، مقالها الذي تنبه فيه على ضرورة إشراك المرأة في معركة البشرية لكبح جماح تغير المناخ. وتستذكر المبارك في مقالها ما حدث معها منذ عدة سنوات، عندما كانت تعمل على المساعدة في إنعاش قطاع صيد الأسماك في أبوظبي، حيث أمضت مع فريق عملها ساعاتٍ لا حصر لها مع الصيادين في محاولة لمعرفة أسباب التراجع الكبير في محصول الصيد. تمكنت المبارك وفريقها من لقاء عدد من النساء العاملات في مجال تجارة وتجفيف الأسماك. لم يكن مستغرباً أن هؤلاء النسوة -ومعظمهن من زوجات وبنات وأخوات الصيادين- كنّ يعرفن أن المشكلة كانت تختمر منذ وقتٍ طويل. كن يعلمن أن الرجال يقضون وقتاً طويلاً في الصيد، ويذهبون بعيداً جداً في رحلاتهم. ولأن أحداً لم يشرك النساء من قبل لم نتمكن من الانتباه إلى مسألة الصيد الجائر على مدى سنوات. واليوم، وبفضل مشاركة النساء ارتفع محصول الأسماك إلى 80%.

تكتسب مشاركة النساء أهمية خاصة؛ لأن تغير المناخ وتراجع الطبيعة يؤثران على النساء الريفيات ونساء الشعوب الأصلية بشكلٍ أكثر حدة من غيرهن من مكونات المجتمعات البشرية. وفي الدول النامية، تتحمل النساء بشكلٍ شبه حصري مسؤولية توفير المياه والوقود لأسرهن، ويساهمن في إنتاج وتوفير 45 إلى 80 في المائة من الغذاء، كما أنهن من أكثر الفئات تأثراً بموجات الحر والفيضانات والجفاف الناجمة عن تغير المناخ، بالإضافة إلى الأمراض التي تسببها هذه الظواهر الطبيعية أو تساعد على انتشارها، مثل الكوليرا وحمى الضنك والملاريا.

اقرأ أيضاً: ما هو أسوأ من السيناريو الأسوأ لتغير المناخ!

ومع ما يرافق تغير المناخ من زيادة في التوترات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية تصبح النساء أكثر عرضة للعنف والاتجار بالبشر وزواج الأطفال. أفلا ينبغي في ضوء كل ذلك أن تكون المرأة في طليعة معالجة هذه القضايا؟

امرأة وطفلة يراقبان حريقاً في غابة في منطقة موغلا بتركيا- بوليتيكو

تقول المبارك: “بصفتي أول امرأة عربية تترأس الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة، آمل أن يلهم منصبي هذا أعداداً كبيرة من النساء الشابات في غرب آسيا وشمال إفريقيا وبقية العالم للعب دورٍ أكثر مركزية في الحفاظ على الطبيعة والتنوع البيولوجي، والسعي للتحصيل العلمي في مجالات التكنولوجيا والعلوم والهندسة والرياضيات، لتعويض النقص الكبير لمشاركة المرأة في البحوث في هذه المجالات.

وهنا يتيح مؤتمر الأمم المتحدة المقبل لتغير المناخ “COP28″ الفرصة لتقييم مدى التقدم الذي أحرزناه حتى الآن، وتحديد ما ينبغي لنا القيام به في المستقبل القريب. وبصفتي بطل الأمم المتحدة الرفيع المستوى لتغير المناخ في مؤتمر ” COP28″ فقد وضعت خطة، وأنا مصممة على أن أتركها بين أيدي من سيأتون بعدي”.

اقرأ أيضاً: مكافحة تغير المناخ تتطلب نهجاً جديداً عابراً للحدود

وتشير المبارك إلى أن تفعيل ودفع أجندة شرم الشيخ للتكيف -وهي أول خطة عالمية شاملة لدفع الجهات الفاعلة الحكومية، وغير الحكومية، للعمل على تعزيز أوضاع أربعة ملايين شخص من سكان كوكبنا- ستكون إحدى أولويات خطتها. وتشير أيضاً إلى ضرورة إشراك النساء في معالجة مسألة توفير سكن لائق وآمن للمجتمعات الأكثر ضعفاً.

وأخيراً تعطي خطة المبارك أولوية كبيرة لبرامج مثل صندوق المرأة لتمويل ابتكارات المناخ التابع للأمم المتحدة الذي سيدعم التحول الأخضر لعشرة آلاف منشأة ومؤسسة تقودها النساء، وسيساهم في تقليل التأثير السلبي لتغير المناخ على النساء.

لا شك في أن إشراك المرأة في كل المجالات يحمل معه فوائد كبيرة، فتمثيل المرأة في البرلمانات الوطنية يؤدي إلى تبني الدول سياساتٍ بيئية أكثر صرامة، وعلى المستوى المحلي، يمكن أن تؤدي مشاركة المرأة إلى إدارة أفضل للموارد، في القطاع الخاص يمكن أن تؤدي نسبة أكبر من مشاركة النساء في مجالس إدارات الشركات إلى تحسين الكشف عن معلومات انبعاثات الكربون.

وتختم المبارك مقالها بالإشارة إلى أن تغير المناخ وتراجع التنوع البيولوجي يؤثران سلباً على المجتمع بأكمله، وبأنه لا بد من تمكين الجميع، رجال ونساء، من لعب دورهم في الحفاظ على كوكبنا. كما تؤكد أن تمكين المرأة ليس معادلة صفرية، ولا يعني إضعاف الرجل. وتقول: “نحن اليوم، وكل يوم، بحاجة إلى التأكد من أن أصوات النساء مسموعة وفاعلة وتلقى ما تستحقه من التقدير”.

♦رئيسة الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة، وبطلة الأمم المتحدة رفيعة المستوى بشأن تغير المناخ.

المصدر: بوليتيكو

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة