الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفة
المرأة الريفية… بإمكانها تقليص نسبة الجوع في العالم

كيوبوست
في ظلِّ التغير المناخي الذي يشهده كوكب الأرض نتيجة الاحتباس الحراري، فإن استقرار الأمن الغذائي مهدد، لأن التغير المناخي يؤثر على جميع جوانب النظام الغذائي، لكن الأمر لا يخلو من عوامل تساعد على بقائه مستقرا، ومن ضمنها؛ المرأة الريفية التي تعتبر عامودًا من الأعمدة التي يقوم عليها.
وتسليمًا “بما تضطلع به النساء الريفيات، بمن فيهن نساء الشعوب الأصلية، من دورٍ وإسهام حاسمين في تعزيز التنمية الزراعية والريفية، وتحسين مستوى الأمن الغذائي، والقضاء على الفقر في الأرياف”، حددتِ الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2007م، الخامس عشر من شهر تشرين الأول/أكتوبر من كل عام، بوصفه يومًا عالميًا للمرأة الريفية.
اقرأ أيضًا: كيف أسهمت الزراعة في تشكيل المجتمع الطبقي وهزيمة المرأة؟
مساهمة بيئة واقتصادية
من المؤكد تاريخيًا أنّ ارتباط الزراعة بالمرأة ليس وليد اللحظة، فمنذ أن اكتشف الإنسان الزراعة واستقر، كانت المرأة هي العنصر الأكثر فاعلية في العملية الزراعية، واليوم تساهم المرأة الريفية في استدامة الزراعة والأمن الغذائي والتغذية والصحة… لكن كيف؟
تشغل المرأة الريفية نسبة كبيرة من القوة العاملة فاقي النظم الغذائية، فمن ناحية الأرقام؛ تمثل النساء الريفيات عالميًا 45% من القوة العاملة الزراعية، ويتوزع معظمهن في أمريكا اللاتينية بنسبة 20% وفي أجزاء من إفريقيا وآسيا بنسبة 60%، وفقا لتقرير نشره برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
اقرأ أيضًا: مدغشقر على حافة المجاعة
ومن الناحيةِ العملية، يتمثل دور المرأة الريفية بعملها كمزارعة، وحاصدة، وحافظة للبذور والماء والغابات والأراضي، ما يعني أنها مساهمة في الحفاظ على التنوع البيولوجي، ففي إفريقيا وحدها ينتج صغار المزارعين (معظمهم من النساء) نحو 80% من الغذاء، على 15% فقط من الأراضي الزراعية، محافظين بذلك على 80% من البذور المنتجة في المزارع الصغيرة، بحسب التقرير ذاته.
منقذات من الجوع
تساهم المرأة الريفية في عملية التنمية المستدامة، نتيجة لمشاركتها في التغيرات الاقتصادية والبيئية، إذ تصنف بعض النساء الريفيات على أنهن سيدات أعمال، فهن مزارعات ومنتِجات وصاحباتُ مشاريع.
وإلى جانب عملها في القطاع الزراعي، فإنها تقوم بالجزء الأكبر من أعمال الرعاية والأعمال المنزلية غير مدفوعة الأجر داخل أسرتها، ما يضمن استمرارية الحياة ضمن ظروف معيشية جيدة في المجتمعات الريفية، وتحقيق الرفاهية العامة للمجتمع.

إضافة إلى ذلك الدور، فإن المرأة الريفية تفهم احتياجات بيئتها ومجتمعها أكثر من غيرها؛ لأنها تمتلك المعرفة والخبرة المحلية، الأمر الذي يخوّلها تحديد أفضل الحلول اللازمة لمواجهة التحديات، محسنة بذلك من حياة مجتمعها وأسرتها، كما تستطيع نقل المعارف التقليدية حول عدة مواضيع في مجتمعها، كفوائد الأعشاب الطبيّة مثلاً.
ويمكن للنساء الريفيات أن يكن منقذاتٍ من الجوع، فبحال تساوت الموارد والفرص للنساء الريفيات بتلك التي يحظى بها الرجال في الريف، فإن الإنتاج الزراعي في 34 بلداً نامياً سيرتفع بمتوسط يقدَّر بما يصل إلى 4%، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تقليل عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية في تلك البلدان، بنسبة تصل إلى 17%، مما يضمن تقليل عدد الجياع في العالم، وفقاً لتقديرات منظمة الأغذية والزراعة العالمية.
اقرأ أيضًا: حتى لا ننسى.. لباس الجوع
تحديات
نظرًا لصعوبة الظروف المعيشية التي تخضع لها المناطق الريفية في العالم، فإن النساء هناك يعانين من عدة عقبات، على رأسها الفقر؛ لأنهن جزء من المناطق الريفية التي تعاني من الفقر بمعدلاتٍ أعلى من تلك المسجلة في المناطق الحضرية.
ووفقاً لبيانات النوع الاجتماعي والتنمية، فإن النساء الريفيات يعانين من الفقرِ والاستبعاد، وآثار التغير المناخي، بشكلٍ أكبر مقارنة بالرجال والنساء في المناطق الحضرية، كما يفتقرن إلى الوصول إلى الخدمات العامة، كالتعليم والرعاية الصحية، وتواجه المرأة الريفية، تحدياتٍ إضافية لكونها مرأة فقط، كالتحرش الجنسي، والوصم بالعار، والعنف…
فيما تحول عوائق أخرى دون تمكين النساء الريفيات اقتصادياً، فعلى الرغم من أنهن منتجات كما الرجال، فإنهن يعانين من فجوة الأجور بين الجنسين والتي تصل في المناطق الريفية إلى 40%!

وعلى الرغم من أن أكثر من ثلث النساء العاملات على الصعيد العالمي، يعملن في الزراعة والغابات ومصايد الأسماك، فإنَّهن يستحوذن على أقل من 15% من الأراضي فقط، وهن بذلك أقل قدرة على امتلاك الأراضي والحصول على المدخلات الزراعية والوصول إلى الأسواق، في حين يتقاضين أسعارًا أقل مقابل محاصيلهن.
إلى جانب ما سبق تعايش المرأة الريفية الاستبعاد من عمليات صنع القرار، الأمر الذي يؤثر عليها بشكل مباشر، كما أنها لا تؤخذ بعين الاعتبار بالشكل الكافي عند رسم المبادرات ومخصصات الميزانيات، ويرجع ذلك إلى الأعراف الاجتماعية التمييزية، سواء داخل المجتمع أو بشكل عام.