الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

المد الشيعي يكتسح شبابًا مغاربة في أوروبا

الدار البيضاء – إلهام الطالبي

“اعتنقتُ المذهب الشيعي في ألمانيا”.. شباب مغاربة سافروا من أجل مواصلة تعليمهم في ألمانيا، وهناك اعتنقوا المذهب الشيعي؛ بعضهم قطع علاقته بعائلته، والبعض لا يزال يُخفي تشيُّعه؛ خوفًا من رد فعل ذوي القربى، تحدثوا إلى “كيوبوست” عن كيف انتقلوا إلى المذهب الشيعي.

كانوا متعاونين معي وساعدوني كثيرًا

“لم أكن في البداية أعرف أي شيء عن المذهب الشيعي؛ عائلتي وأغلب معارفي في المغرب يعتنقون المذهب السُّني، لكن بمجرد أن سافرت إلى ألمانيا لمواصلة تعليمي، تعرفت على عدد كبير من الشيعة العرب؛ كانوا متعاونين معي وساعدوني كثيرًا، وتعرفت حينها على المذهب الشيعي.. واقتنعت بعد فترة أنه يجب أن أغيِّر مذهبي”. بهذه العبارات تحكي هاجر لـ”لكيوبوست” عن تجربتها مع التشيُّع.

اقرأ أيضًا: كيف تعتمد إيران على الشيعة لإثبات نفوذها الإقليمي؟

تُقيم هاجر في مدينة هامبورغ بألمانيا، وكانت قد سافرت قبل سبع سنوات لمواصلة تعليمها، وتحقيق رغبات عائلتها بأن تنجح وتعود إلى المغرب بشهادة جامعية.

تُضيف هاجر، البالغة من العمر 27 سنة، في هذا السياق: “للأسف رفضت عائلتي اعتناقي المذهب الشيعي، خصوصًا أنني تزوجت برجل شيعي، ولم أواصل تعليمي الجامعي، مما جعلهم يقطعون علاقتهم بي”.

انتشار التشيع في أوروبا – أرشيف

كيف تستقطب إيران المتشيعين الجدد؟

كانت جريدة “الصباح” المغربية، نشرت تقريرًا يكشف عن كيف ينتشر المذهب الشيعي في صفوف الجالية المغربية في أوروبا، وتناولت الجريدة الخدمات التي تُقدمها المراكز والجمعيات الشيعية في أوروبا، مشيرةً إلى أنها تتنوع بين كونها تحتضن مساجد أو مكتبات أو تقوم بتوزيع كتب مجانية ومنشورات تحت غطاء الدعوة الإسلامية والأعمال الخيرية.

اقرأ أيضًا: كيف تمكنت طهران من إغواء وتجنيد الأفغان الشيعة للقتال في سوريا؟

وأضافت جريدة “الصباح”: “هذه الأنشطة تسعى من خلالها إيران إلى استقطاب المتشيعين الجُدد وتجنيدهم؛ للترويج للمذهب الشيعي بين الجاليات التي ينتمون إليها.”

ويشير المصدر ذاته إلى أنه “في ألمانيا يوجد عدد من المؤسسات والجمعيات الشيعية ينتشر في أغلب مدنها؛ ومن أهمها جمعية الطالب الإسلامية بإيسن، ومعهد التعليم الإسلامي بهامبورغ، ومؤسسة تراث أهل البيت ببرلين.”

الشيعة حول العالم – أرشيف

والدي إذا علم سيقطع علاقته بي

في الوقت الذي اختارت فيه هاجر أن تُخبر عائلتها بتشيُّعها، لا يزال رضا، مهاجر مغربي في ألمانيا، يُخفي تشيُّعه عن عائلته. ويقول رضا، البالغ من العمر 28 عامًا: “إن عائلتي لا يمكن أن تتقبَّل تشيُّعي؛ خصوصًا والدي الذي إذا علم بذلك سيقطع علاقته بي”.

سافر رضا إلى ألمانيا؛ لمواصلة تعليمه في تخصص العلوم الرياضية. ويضيف خلال حديثه إلى “كيوبوست”: “عندما سافرت إلى ألمانيا كنت في عمر الـ19 عامًا؛ كنت أعرف عن الشيعة فقط ما كان يردده والدي بأنهم يكرهون السُّنة، لكن عندما سافرت تعرفت على شيعة من جنسيات عربية، ودعموني كثيرًا في الغربة”.

التأثير الإيراني على وسائل الإعلام

يرى بوبكر أونغير، باحث في العلاقات الدولية، خلال تعليق أدلى به إلى “كيوبوست”، أن “ظاهرة التشيُّع في صفوف المهاجرين المغاربة بالخارج أصبحت لافتة للأنظار، مع ورود قصاصات صحفية ودراسات أجنبية عن الموضوع”.

بوبكر أونغير

اقرأ أيضًا: هل فقدت إيران سلطتها الدينية على الشيعة العرب؟

ويعزو أونغير أسباب انتشار التشيُّع في صفوف المهاجرين المغاربة إلى القنوات الإعلامية التي تنشر الفكر الشيعي، مضيفًا: “التأثير الإيراني على وسائل الإعلام واختراقه منظمات المهاجرين خصوصًا، وأيضًا التحكُّم الإيراني في عدد من دول العالم الإسلامي، ونكوص المد السُّني وتقهقر تأثيره الأيديولوجي، عناصر أسهمت في توجيه مهاجرين مسلمين في أوروبا، والمغاربة منهم، صوب التشيُّع”.

مسّ الأمن الروحي للمجتمع

وعن تداعيات تشيُّع مهاجرين مغاربة في أوروبا، يُجيب الباحث المغربي في العلاقات الدولية: “بطبيعة الحال ستكون هناك تداعيات كبرى على الشأن الديني في المغرب، ويُمكن أن يؤدي تشيُّع المغاربة إلى المسّ بالأمن الروحي للمجتمع”.

ويعتبر بعض الحقوقيين بالمغرب أن من حق أي فرد اختيار مذهبه، ولا يحق لدولة أن تمارس رقابتها على الحريات والمعتقدات الفردية.

وفي هذا السياق، يرد بوبكر أونغير: “من حق الإنسان المغربي أن يختار الدين الذي يقتنع به؛ لكن الأفكار المتطرفة والهدامة التي يروجها بعض غلاة التطرف الشيعي على وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن أن تؤثر سلبًا على شبابنا وهويتنا المغربية الأصيلة التي تأسست على التسامح والتعايش”.

ويشدد المتحدث ذاته على ضرورة حماية المهاجرين المغاربة من هذه الظواهر التي يصفها بالهدامة، لافتًا إلى أهمية الاهتمام بهم من خلال التواصل معهم وإشراك المجتمع المدني في قضاياهم.

اقرأ أيضًا: لماذا يختلف السنة والشيعة وتتسع الهوة بينهم؟

5000  شيعي في شمال المغرب

كانت السلطات المغربية أغلقت السفارة الإيرانية في الرباط سنة 2009؛ جراء الأحداث التي شهدتها البحرين حينها، واتهمت طهران بالعمل على نشر التشيُّع وسط المغاربة.

ويستقر 5000 شيعي في شمال المغرب، ويتمركز أغلبهم في طنجة؛ ما يجعل من عروس الشمال عاصمةً للتشيُّع بالمغرب.

ويكشف مروان، شيعي مغربي يستقر في طنجة، عن أن “الشيعة المغاربة يمارسون طقوسهم الدينية في سرية”، مشيرًا إلى أنهم “يجلبون تربة كربلاء من بلجيكا”.

ويضيف المتحدث، خلال حديثه إلى “كيوبوست”: “أغلب الشيعة بمدينة طنجة يعملون بفتاوى سماحة السيد الحسين فضل الله اللبناني، ويحاولون أداء صلاتهم بشكل جماعي في مساجد المدينة؛ ليبعدوا عنهم الشكوك”.

اقرأ أيضًا: لماذا اقتتل الشيعة والسنة في العراق وتعايشوا في البحرين؟

السفر إلى بلجيكا وإحياء ذكرى الحسين

وحسب التقارير الصادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية بشأن الحريات الدينية في المغرب، فإن عدد الشيعة المغاربة بلغ 8000 متشيِّع ومتشيِّعة، في تقرير سنة 2012، بينما تجاوز هذا الرقم حاجز الـ10 آلاف حسب تقرير سنة 2015.

ويقول مروان: “إن بعض الشيعة المغاربة يسافرون لإحياء ذكرى الحسين بشكل سنوي؛ لكن يضطرون إلى السفر إلى بلجيكا؛ حيث يستقر عدد كبير من العائلات المغربية الشيعية، ثم يسافرون إلى العراق؛ بسبب تضييق السلطات المغربية”.

إيران أصبحت تمثل تهديدًا جديًّا لدول شمال إفريقيا

ويُشار إلى أن أحمد ولد محمد، رئيس حزب الإصلاح الموريتاني، صرَّح بأن “إيران توظِّف علاقاتها مع موريتانيا؛ من أجل اختراق المغرب ونشر المذهب الشيعي فيه”، مضيفًا: “إيران أصبحت تمثل تهديدًا جديًّا لدول شمال إفريقيا” المعروفة باتباعها المذهب المالكي.

سيدي مختار

وفي هذا السياق، يوضح الكاتب الموريتاني سيدي مختار، خلال حديثه إلى “كيوبوست”، أن “التشيُّع خرج من سياقه الديني التقليدي، وأصبح يُستخدم في السياق السياسي، ويرمز إلى التمدد الإيراني وتوسع نفوذها في العالم العربي”.

اقرأ أيضًا: في اليمن.. استيراد الممارسات الشيعية يُعزز من راديكالية الإسلام السُّني

 ويعتبر الكاتب الموريتاني أن “التشيع يمثِّل غزوًا للعرب من طرف إيران التي تشكِّل ندًّا وخصمًا لمحيطها العربي، وبالتالي فإيران تعمل جاهدةً لنشر التشيُّع الديني؛ كي تجد موطئ قدم لها في الدول التي لا توجد فيها طوائف شيعية أصلًا، بما يحمله ذلك من خطر انتشار الطائفية التي مزَّقت دولًا في المشرق العربي”.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

إلهام الطالبي

كاتبة صحفية مغربية

مقالات ذات صلة