الواجهة الرئيسيةترجماتتكنولوجياثقافة ومعرفةشؤون دولية

المدينة الذكية في مواجهة الإرهاب الغبي

آليات استثمار تكنولوجيا "المدينة الذكية" و"المدينة الآمنة" في مواجهة الإرهاب بعد تلاشي الفروق بين الواقعي والافتراضي وفشل الحلول التقليدية

ترجمات-كيوبوست

يستخدم مصطلحا “المدينة الذكية” و”المدينة الآمنة” التقنيان على نطاق واسع في الدوائر الحكومية منذ زمن يسير، لذا يمكن التساؤل عن إمكانية استثمار تكنولوجيا “المدينة الآمنة” كحل لمواجهة الإرهاب.

مفهوم “المدينة الذكية” معروف على نطاق غير قليل باعتباره يشير إلى المناطق الحضرية التي تستخدم تكنولوجيا الاتصال والمعلومات لتحسين جودة الخدمات المدنية بشكل متزامن مع خفض تكاليف هذه الخدمات أو حتى دون هذا التوفير في الإنفاق.

وتتضمن هذه التقنية جمع البيانات من المواطنين والأجهزة الميكانيكية والأصول، ومن ثَمَّ معالجتها وتحليلها بغرض مراقبة الكثافة المرورية ونظام المواصلات ومحطات توليد الطاقة وشبكات الإمداد بالمياه، وكذلك التحكم في المخلفات ومراكز أنظمة المعلومات والمدارس والمكتبات والمستشفيات. وهكذا تعمل تكنولوجيا المدينة الذكية على تمكين المسؤولين الحكوميين من التفاعل بشكل مباشر مع المجتمع والبنية الحضرية، وبالتالي التمكن من مراقبة المدينة وعملية تطورها مع الزمن. وقد تم تطوير المدن الذكية للتحكم في سيل الأحداث اليومية التي تجري في الحضر، والتمكين من اتخاذ ردود فعل تتزامن معها بدقة، وعليه يمكن اعتبار المدن الذكية معدة خصيصًا للاستجابة للتحديات بشكل كبير. 

اقرأ أيضًا: هكذا سيغير الذكاء الاصطناعي مستقبل البشرية

تأمين المدن

أما عن “المدينة الآمنة” فيمكن تعريفها مبدئيًّا بالمكان الذي يجري فيه وبشكل مسبق خفض الجرائم التي تجري على مستوى الحضر؛ كالسلوكيات الموجهة ضد المجتمع وسرقات الشوارع والسطو المسلح، وذلك من خلال اتباع خليط من الآليات التقنية والشرطية المطبقة على نطاق واسع، إلى جانب آليات التحكم في الخارجين عن القانون.

وكما يراها أحد الخبراء في مقاربة شاملة لشكل تأمين المدن الكبيرة الذي سينتشر في المستقبل، هي المدينة التي تستطيع جمع أكبر كم من البيانات عن أنظمة المواصلات والأحداث الرياضية وخدمات الطوارئ، وكذلك عن المستشفيات وأنظمة التحكم بالكثافة المرورية، إلى جانب أنظمة الأمن الخاصة والعامة، ومن ثَمَّ تستطيع استخدام تقنيات استخراج البيانات وتحليل السلوكيات والاتجاهات الشائعة والمراقبة بتقنيات التصوير ثلاثية الأبعاد. مثل هذه المدينة تستطيع تحسين جودة الخدمات التي تقدمها، والأهم من ذلك أنها تستطيع التنبؤ بالوقت الذي ستحتاج فيه إلى توفير خدمات إضافية.

وانطلاقًا من تلك التقنية تصبح المراقبة المتمركزة والذكية والمفعلة عن قرب باستخدام التصوير بالفيديو شديدة الأهمية في ظل التحديثات الجديدة والتطور النشط لتقنية التعرف على الوجوه، والتي شهدت تحسنًا واضحًا يبلغ 20 ضعف ما كانت عليه قبل أحداث 11 سبتمبر، والميزة الرئيسة لنظام التعرف على الوجوه تتمثل في القدرة على التعرف على الأفراد داخل الجماعات الكبيرة؛ فهي ببساطة لا تحتاج إجراء اختبار مضاهاة بالأشخاص موضع التحري، وبمجرد تثبيت هذه الأنظمة بالمطارات والمدرجات والأماكن العامة الأخرى يصبح بإمكانها التعرف على أي فرد وسط الزحام واستبعاد المارة المحيطين به حتى في حالة معرفته بوجود هذا النظام، وهو ما تحتاجه المدن الكبرى المهددة في أنحاء العالم كافة. 

مراقبة الوجوه بتقنية الفيديو في مركز تحكم المدينة الآمنة في مدينة لونغ- شنتشن/ الصين

مواقع التواصل

أصبح من اللازم اتخاذ إجراءات موازية لما يستخدم في العالم الافتراضي؛ كونه يمثل في الوقت الحاضر فضاءً مماثلًا لما يحدث في الواقع. فما نفعله في العالم الحقيقي يحدث أيضًا في العالم الافتراضي بنسبة 1:1؛ إذ يتقابل الأفراد ويقدمون أنفسهم للآخرين، ويتناقشون في السياسة، ويبحثون عن الذين يشاركونهم التوجهات ذاتها، كما يتبادلون المعلومات والشائعات. ومن ثَمَّ يكوِّنون شبكات التواصل الخاصة بهم، ويصبح بإمكان هؤلاء الأفراد -تبعًا لذلك- المشاركة في عمليات البناء أو التدمير للبني الاجتماعية.

في إندونيسيا على سبيل المثال، التي تمتلك عددًا كبيرًا من مستخدمي “فيسبوك” (120 مليون مستخدم)، تم عمل حجب جزئي لمواقع التواصل لأسابيع قليلة؛ بهدف منع انتشار الأخبار المضللة عقب اندلاع أحداث عنف في العاصمة جاكارتا. وبالمثل كانت رئيسة وزراء نيوزيلندا، جاسيندا أردين، قد وجَّهت انتقادات حادة إلى سلوك الناس على مواقع التواصل الاجتماعي عقب الهجمات التي وجهت إلى دور عبادة إسلامية تسببت في مقتل ما يزيد على 50 شخصًا (حيث تم بث تصوير مباشر للهجوم عبر موقع (يوتيوب)، ثم تداول نفس الفيديو على “فيسبوك” و”تويتر” بشكل متسارع). 

اقرأ أيضًا: منصة فيسبوك من التنصّل إلى المسؤولية

وعلى الجانب الآخر، عيّنت فرنسا التي تعد سوقًا أوسع بمراحل لمواقع التواصل الاجتماعي، مسؤولين لتنظيم لموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” خلال الأشهر الستة الأولى من العام 2019؛ بغرض مراقبة ما إذا كانت المبادرات التي اتخذت من قِبَل الموقع لإزالة المحتوى الذي يحض على الكراهية تحتاج إلى بعض التحسينات من عدمه. 

اقرأ أيضًا: كيف تعمل شبكات التواصل الاجتماعي على تعطيل النشاطات الإرهابية؟

الخلاصة:

في تلك الظروف التي تضطر فيها المجتمعات إلى خوض معركة شرسة مع الإرهاب في العالمَين الواقعي والافتراضي، ينبغي ضخّ التمويلات الكافية للحصول على الحلول التكنولوجية الصحيحة. وهي خطوة ضرورية ينبغي اتخاذها لمواكبة التحديات المعقدة التي نشهدها اليوم. وقد تكون الحلول المتطورة باهظة التكاليف؛ لكنها ليست أعلى كلفة بأية حال من الأموال التي تنفق على مشروعات أخرى أقل أهمية.

المصدر:دايلي ميرور

اتبعنا على تويتر من هنا

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة