الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

المجالس العلمية بالمغرب تواجه رهان الوسطية والاعتدال

توظيف الإعلام الجديد وتجديد الخطاب الديني أبرز المضامين التي ينبغي العمل بها لاستقطاب الشباب نحو تدين أكثر اعتدالاً

كيوبوست – حسن الأشرف

شكَّلت الدورة الربيعية العادية الـ29 للمجلس العلمي الأعلى، وهو أعلى مؤسسة دينية رسمية في المغرب تُعنى بالفتوى، ويرأسها الملك محمد السادس، فرصةً لمدارسة أداء المجالس العلمية المحلية، ومدى بنائها الشخصية الدينية المعتدلة والوسطية في المجتمع المغربي.

اقرأ أيضاً: المسارات التاريخية لمجالس “الدروس السلطانية الرمضانية” في المغرب

ويضم المجلس العلمي الأعلى سبعة وأربعين عالماً وعالمة، يعملون على “ضمان الأمن الروحي للمغاربة، وحراسة الثوابت الدينية للأمة متمثلة في: العقيدة الأشعرية، والمذهب المالكي، وتعمل من خلال المجالس العلمية المحلية على ملفات الإمامة والخطابة والوعظ والإرشاد، فضلاً عن أنشطة دينية وتربوية من ندوات ومحاضرات ولقاءات..”.

وقاية الاختيارات الدينية

وكان لافتاً في الدورة الربيعية للمجلس العلمي الأعلى، تركيز الأمين العام الدكتور محمد يسف، في مداخلته، على مسألة الثوابت الدينية للمملكة المغربية، و”استحضار الأمانة الكبيرة الملقاة على عاتق العلماء، والعمل بمقتضاها على ترسيخ وحدة الأمة وتشبثها بثوابتها الأصيلة، وتعزيز ارتقائها الروحي، وذلك باعتماد خطاب الاعتدال والوسطية”.

د.محمد يسف – الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى

المسؤول الديني المغربي ذاته، شدد على أهمية دور العالمات الدينيات وعضويتهن في المجلس العلمي الأعلى،  كما ثمَّن دورهن الفكري والديني في تعزيز الصرح القيمي للمجتمع المغربي، والارتقاء بالأمة المغربية.

ومن المداخلات القوية تلك التي كشف عنها الدكتور سعيد شبار، رئيس المجلس العلمي المحلي ببني ملال، الذي أبرز عزم علماء المملكة على مواصلة مهمتهم المتجسدة في توعية الناس وتبصيرهم بحقائق وأمور دينهم الوسطي المعتدل.

اقرأ أيضاً: “المرشدات الدينيات” في المغرب: هكذا تُحارب الأفكار المتطرفة بين الشباب

وطالب شبار بضرورة “حماية الاختيارات الدينية للمغاربة من التشويش والتدليس، والارتقاء بها وتنميتها”، داعياً إلى “التواصل مع المواطنين وترسيخ قيم المحبة والتعايش والتسامح تبعاً لاعتدال ووسطية الاختيارات الدينية المغربية”.

مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء

إصلاح التدين

ويرى الدكتور إدريس بن الضاوية، رئيس المجلس العلمي لمدينة العرائش وعضو المجلس العلمي الأعلى، في هذا السياق، أن إحدى أبرز مهام علماء الدين المغاربة هي إصلاح الأعطاب التي تعتري التدين؛ بسبب خطاب التطرف والكراهية الذي يسيء فهم نصوص الدين.

وشدد إدريس بن الضاوية، لـ”كيوبوست”، على أهمية تحقيق الأمن الروحي مثل باقي مفاهيم الأمن؛ من قبيل الأمن الصحي، والأمن الاقتصادي، والأمن التنموي، مبرزاً أن الأمن الروحي هو القاطرة التي تجر وراءها وحدة واستقرار المجتمع.

اقرأ أيضاً: المغرب يحارب التطرف ودعوات الجهاد بضبط وتقنين الفتوى

د.إدريس بن الضاوية

ووَفق عالم الدين المغربي ذاته، فإن “صيانة الأمن الروحي هي التي تشيع روح المحبة والإحسان والتعايش، ودونها يعيش الناس في جو الكراهية والتنابز”، مورداً أن الأمن الروحي للمغاربة يتجسد في التمسك بالثوابت المعروفة منذ عقود، متجسدةً في التدين السُّني الوسطي المعتدل.

ويراهن إدريس بن الضاوية على نجاح المجالس العلمية في تحقيق الأهداف المرجوة، متمثلة في محاربة الفكر المتطرف والضال المضل الذي يفد على المجتمع، من خلال توعية الناس بمخاطر هذا النوع من الأفكار على أمن واستقرار البلاد والعباد.

مرجعية دينية

د.عبدالكريم القلالي

ويقول الدكتور عبدالكريم القلالي، الأستاذ الجامعي المتخصص في العقيدة والفكر والأديان، إنه لا بد للناس من مرجعية دينية توجههم في أمور دينهم ودنياهم؛ وهذا هو الاختيار السديد الذي سلكته المملكة المغربية من خلال استحداث المجلس العلمي الأعلى الذي يترأسه الملك بصفته أمير المؤمنين.

وجواباً عن سؤال بخصوص أداء المجالس العلمية، أفاد القلالي أنه لا يمكن إصدار حكم عام على طبيعة عمل هذه المجالس؛ لأن أنشطتها تتفاوت من مجلس إلى مجلس آخر، جراء أمور مرتبطة بالمستويات العلمية لبعض رؤساء وأعضاء المجالس ورؤيتهم للقضايا العلمية الراهنة، ومنهج التفاعل معها.

اقرأ أيضاً: نموذج التدين المغربي يحارب التطرف بالتسامح و”إمارة المؤمنين”

ورغم الجهود التي تبذلها بعض المجالس العلمية لمواكبة التطورات والتصدي للتحديات، يضيف المتحدث لـ”كيوبوست”؛ “فإن هناك فجوة بين الشباب وبعض المجالس العلمية ينبغي الانتباه إليها”، لا سيما مع تعدد وانتشار وسائل التواصل التي يتم اللجوء إليها لأخذ أمور متعلقة بالدين؛ حيث لا يُعرف المستوى العلمي لبعض مَن تصدر في وسائل التواصل ولا مدى أهليتهم للحديث عن قضايا كبرى وشائكة.

المغرب يراهن على الوسطية والاعتدال الديني

واستطرد الأستاذ الجامعي بأن “المجلس العلمي الأعلى أحدَثَ هيئةً علمية مكلفة بالإفتاء ولجاناً شرعية تُعنى بالنظر في مختلف المستجدات؛ لكن الإشكال في مد الجسور وتنويع قنوات التواصل بين هذه اللجان ومختلف أطياف المجتمع، وإذا كان بعض المجالس ينفتح على مختلف المؤسسات المحيطة به كالمدارس والمعاهد والكليات؛ فهناك فئة عريضة من الناس تأخذ مفاهيمها من منصات اجتماعية مختلفة”.

اقرأ أيضاً: المغرب يحارب التطرف باحتضان علماء إفريقيا

وخلص الدكتور القلالي إلى أن “التحديات المتسارعة تقتضي من المجالس العلمية تجديد العمل في الوسائل والمضامين؛ من خلال الانفتاح على توظيف الإعلام الجديد، وتجديد الخطاب في مضامين ينتظر الشباب إجابات كافية متعلقة بها”.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

حسن الأشرف

صحفي مغربي

مقالات ذات صلة