الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

المجاعة الصينية.. كيف ضحى “ماو” بـملايين الأشخاص لقتل العصافير!

كيوبوست

لم يتخيل الزعيم الصيني ماو تسي تونغ أن قراره بشن حرب ضد “عصافير الدوري”، سيرسل ملايين الصينيين إلى الهلاك؛ ليتسبب في مجاعة هي الأكثر بشاعة في التاريخ.

في العام 1958، قرر الزعيم الصيني “ماو” تحويل بلاده من دولةٍ زراعية إلى صناعية، معلناً شعار: “القفزة العظيمة إلى الأمام”، وأمر باستهداف العصافير، وطيور الدوري؛ للقضاء عليها، بدعوى أنها تقف عقبة أمام النهضة، وتأكل الحبوب، ونتيجة لخطته؛ انتشرت الحشرات، واستولى الجراد على جميع الأراضي الزراعية؛ بعد أن اختفت طيور الدوري، التي كانت لا تأكل الحبوب فقط، بل أيضاً كانت مصدر رعب للحشرات والجراد!

اقرأ أيضاً: مجاعة إثيوبيا 1984 لم تكن كافية!

ازدادت أسراب الجراد، وانهار إنتاج الحبوب، ولم تعد هناك مساحات خضراء تكفي ليأكل الناس منها، تحول الأمر إلى مجاعة؛ راح ضحيتها 15 مليون شخص، بحسب التقديرات الصينية الرسمية، فيما ذهب أغلب التقديرات العالمية إلى نحو 45 مليون ضحية.

أكل لحوم البشر

على مدار أربع سنوات، هي عمر المجاعة، شهد الأمر كارثة إنسانية رهيبة؛ حيث أكل الناس بعضهم. فكر الآباء في أطفالهم كطعام، وأكل الأبناء لحم آبائهم.. تحول الأمر إلى مشهدٍ مأساوي للغاية، بحسب موقع “فينتاج نيوز“.

وصل الجوع إلى مراحل أكثر قسوة؛ حيث سعى الكثيرون للحصول على مصادر غذائية بديلة؛ مثل العشب ونشارة الخشب والجلود. في مقاطعة سيتشوان، أُجبر آلاف الفلاحين على أكل الكلاب والقطط والفئران والحشرات؛ ميتة أو حية لا يهم، حتى اختفت تماماً!

أطفال صينيون جوعى خلال المجاعة- توب فوتو

عانى الجميع من سوء التغذية، وانخفض معدل المواليد على نحوٍ لافت، وتعرض الكثير من النساء لانقطاع الطمث، وتدلِّي الرحم، بسبب ضعف عضلات الحوض، فيما طفَت الأمراض العقلية على السطح، ووفق تقديرات، فإن ما يقرب من ثلاثة ملايين شخص انتحروا خلال سنوات المجاعة؛ بسبب تأثيرات الجوع.

يعرض وثائقي بعنوان “ماو تسي تونغ.. المجاعة الكبرى”، كيف أمر “ماو” بتجنيد مئة مليون مزارع من الفلاحين؛ لتولي أعمال بناء الطرق والكباري والمنشآت، لم تكن هناك فرص للرفض أو الاعتراض، وانخرط الجميع في تنفيذ الأوامر، رغم حالة الضعف والهزال، التي كانوا عليها؛ بسبب نقص الغذاء.

في كتابه «شاهد القبر» يحكي الكاتب الصيني “يانغ جيشنغ”، كيف تعاملت القيادة الصينية، سياسياً مع الأمر، باعتباره كارثة طبيعية، ورغم مرور أكثر من نصف قرن، لا يزال الحديث عن المجاعة من المحرمات داخل الصين؛ لدرجة أن السلطات الصينية حظرت الكتاب، ومنعت تداوله داخل الصين.

اقرأ أيضاً: كيف يتوقع العلماء المجاعة قبل حدوثها؟

يرى “جيشنغ” في كتابه أن “الطموح الشخصي لعب دوراً رئيساً في اندلاع المجاعة، للدرجة التي تحول فيها الأمر إلى جنون”. حيث جمع “ماو” الأراضي الزراعية من الفلاحين بسرعة مذهلة، وأعلن خطة “القفزة العظيمة إلى الأمام”؛ لإحداث ثورة في الاقتصاد الصيني.

في حقيقة الأمر، كان “ماو” يمنِّي نفسه بانتزاع قيادة الحركة الشيوعية العالمية من خلال الصين، مضحِّياً بملايين الأبرياء من شعبه، في مقابل المجد الشخصي، مقتنعاً بأن ترك نصف الناس يموتون جوعاً، في مقابل أن يستمتع النصف الآخر بحياة أفضل، هو الحل الأمثل، إذ أعلن ذلك صراحةً، بحسب محضر لإحدى جلسات الحزب الشيوعي الصيني في مارس للعام 1959، وفي ذروة المجاعة!

القسوة الصينية

القسوة الصينية في التعامل مع المجاعة وصلت لمستوياتٍ خيالية، بحسب تقدير المؤرخ الهولندي “فرانك ديكوتر” الذي يسرد في كتابه «مجاعة ماو الكبرى»، كيف قام مسئولون صينيون؛ منهم نائب في الحزب الشيوعي الصيني، خلال فترة المجاعة، بتجميع بعض الأعضاء البشرية للقتلى وغليها؛ لاستخدامها لاحقاً كسماد للتربة توفيراً للنفقات! ووفق تقارير رسمية، تم تسجيل أكل آلاف القطع من لحوم البشر خلال سنوات المجاعة.

بعد انقضاء أربعة أعوام، وفي العام 1962، قرر الرئيس الصيني ليو تشاوشي أن يدخل في مواجهة مع “ماو” لتتوقف “القفزة العظيمة إلى الأمام”، بعد أن وصل الجوع لمستوى غير مسبوق، وارتفعت أعداد الضحايا بالملايين، مخبراً إياه أنهما مسئولان عن أكل لحوم البشر وما جرى من كوارث خلال المجاعة.

هنا قرر “ماو” أن تشاوشي بات من ألد أعدائه، وتم اعتقاله وسجنه إلى أن توفي في سجنه العام 1969.

الرئيس الصيني ليو تشاوشي- أرشيف

كان “ماو” في حاجة لإعادة إحكام قبضته على السلطة من جديد، بدا أنه من الضروري إحداث نقلة مختلفة على المستوى الشعبي.

هنا، وفي ساحة تيانانمن الصينية عام 1966، أعلن “ماو” عن قيادته للثورة الثقافية ضد بيروقراطية الحزب الشيوعي، من خلال الاعتماد على الشباب الصيني، ظناً منه أنه بذلك قادر على طمس آثار سياساته التي أودت بحياة 45 مليون صيني.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة