الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
الليرة تهوي مجدداً وتفضح سياسات أردوغان الاقتصادية!
النهج المتخبط للرئيس التركي دفعه إلى إقالة مسؤولين في البنك المركزي عوضاً عن وضع اليد على سبب الأزمة

كيوبوست
يثير استمرار انخفاض قيمة الليرة التركية أمام الدولار، والتي وصلت إلى مستوى قياسي بعدما بلغت 9.1375 مقابل الدولار، العديد من التساؤلات حول وضع الاقتصاد التركي الذي قال الرئيس رجب طيب أردوغان، إنه يتوقع نموه في العام المقبل بنسبة 9%، علماً بأن الانخفاض في سعر صرف الليرة صاحبه قرار جديد من أردوغان بعزل 3 أعضاء من لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، مع تعيين اثنين بدلاً منهم ونائب جديد لمحافظ البنك المركزي.
وجاءت قرارات أردوغان بالإقالات والتعيينات الجديدة ضمن سلسلة من القرارات يتخذها بشكل مستمر مع كل انخفاض في قيمة الليرة التركية، والتي تضمنت إقالات لمحافظ البنك المركزي ونوابه بشكل ملحوظ في السنوات الثلاث الأخيرة، في وقت رفض فيه مسؤولو البنك الربط بين قرار خفض سعر الفائدة بمقدار 1% والانخفاض الجديد في سعر الليرة.
عند الحديث عن الاقتصاد التركي فإن التحليل الاقتصادي يرتبط بالسياسة التركية الخارجية بالأساس، حسب الخبير المصرفي والمالي اللبناني غسان شماس، الذي يقول لـ”كيوبوست” إن هناك تباطؤاً في الاقتصاد التركي نتيجة تداعيات جائحة كورونا وما تبعها من حالة ركود، مشيراً إلى أن هناك تدخلات سياسية في قرارات البنك المركزي التركي؛ وهو ما ظهر بوضوح في عزل محافظ البنك المركزي للمرة الثانية في غضون عامين من منصبه في مارس الماضي.
وأضاف أن الاقتصاد التركي يعاني ارتفاع التضخم وخفض معدلات الفائدة؛ وهو ما شجع المستثمرين على الهرب من ضخ استثمارات، مما زاد من الانكماش الاقتصادي بشكل واضح ودفع الليرة للانخفاض، لافتاً إلى أن إقالة اثنين من نواب محافظ البنك المركزي لا تعني أننا أمام حل للأزمة التي تحتاج إلى سياسة واضحة للتعامل معها.
اقرأ أيضاً: تحركات أردوغان تقلق فرنسا.. ماذا تريد أنقرة من مالي؟
وقالت شبكة “بلومبرج” إن حركة الإقالات التي قام بها الرئيس التركي جاءت للتخلص من معارضي تنفيذ رؤيته الاقتصادية بضرورة تخفيض سعر الفائدة، في وقت جاء فيه قرار تخفيض سعر الفائدة غير متوقع وفي خطوة لاقت انتقادات من اقتصاديين داخل وخارج تركيا.

نتيجة طبيعية للتخبط

ما حدث لا يتجاوز كونه أمراً طبيعياً، حسب الدكتور كريم العمدة، أستاذ الاقتصاد الدولي، الذي يقول لـ”كيوبوست” إن هناك تخبطاً وعشوائية واضحة في طريقة التعامل مع الملف الاقتصادي في ظل تدخل الرئيس أردوغان بشكل مباشر من أجل فرض السياسات التي يقتنع بها بغض النظر عما إذا كانت صحيحة أم لا، مشيراً إلى أن تكرار إقالات محافظ البنك المركزي ونوابه مع كل مرة تتعرض فيها الليرة التركية إلى الهبوط، أمر يعبر عن السياسات العشوائية المتخبطة.
وأضاف العمدة أن كل مَن يأتي لقيادة البنك المركزي التركي يكون بقرار رئاسي، وبالتالي هو ينفذ ما يطلب منه دون الالتزام بالمعايير الاقتصادية والقواعد التي يفترض العمل بها، مشيراً إلى أنه على الرغم من وجود نشاط صناعي واقتصادي؛ فإن تراجع عائدات السياحة بشكل ملحوظ وواضح بسبب تداعيات جائحة كورونا، والتراجع في أعداد السائحين، فضلاً عن تراجع المكاسب الاقتصادية التي حققتها تركيا من وجودها في بعض المناطق خارج حدودها جعل هناك أداء سلبي للاقتصاد.

ونقلت وسائل إعلام محلية تركية عن نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي، زيادة المخصصات المالية للدفاع بنسبة 29.6% في موازنة العام المالي المقبل التي سترسل إلى البرلمان قريباً، في وقت سجل فيه التضخم أعلى مستوياته في 30 شهراً، حسب هيئة الإحصاء التركية التي سجلت نسبة تضخم وصلت إلى 19.58%.
وحذرت “فاينانشال تايمز”، في تقرير نشرته مؤخراً، من إدارج أنقرة على القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي؛ بسبب إخفاقها في مكافحة جرائم غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وهي خطوة ستؤدي إلى إضعاف قدرة الدولة على جذب رأس المال الأجنبي.
يؤكد غسان شماس أن العمل دون نظريات اقتصادية واضحة وغياب حزم تحفيز التصدير وتخفيف الضرائب وتشجيع القطاعات الإنتاجية، وهو أمر مسؤولة عنه الحكومة بشكل أساسي، له انعاكسات سلبية على الاقتصاد التركي في المديَين القريب والمتوسط، مشيراً إلى ضرورة مراجعة أوجه الإنفاق الحكومي لتكون متناسبة مع الوضع الحالي اقتصادياً.

إعادة نظر
يطالب الخبير المصرفي والمالي بضرورة إعادة النظر في الميزانية العامة للدولة التركية وتطبيق سياسة ترشيد للنفقات بشكل سريع وجذري والحد من النفقات الباهظة التي يجري تخصيصها لأوجه إنفاق لا تشكل أولوية لتحسين الأوضاع الاقتصادية على العكس من الإنفاق على أمور لن يكون لها مردود اقتصادي.
يدعم العمدة هذا الرأي بتأكيد أن تزايد الإنفاق على النشاط العسكري بشكل واضح في الفترة الأخيرة مع انخفاض الموارد، أمر يزيد من العجز الاقتصادي في الموازنة ومن الأعباء المالية التي يفترض أن تتعامل معها الحكومة التركية، لافتاً إلى أن هناك حالة من عدم الثقة لدى قطاع ليس بالقليل من المواطنين الأتراك الذين يتشككون في قدرة نظامهم الاقتصادي في الحفاظ على قيمة العملة؛ الأمر الذي يدفعهم إلى تحويل مدخراتهم إلى العملات الأجنبية، بما يشكل عبئاً إضافياً على الاقتصاد.