الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
اللاجئون في تركيا.. من استغلال أردوغان إلى معاناة “الحجر الصحي”
"الغارديان" البريطانية ترصد في تقرير معاناة لاجئين سوريين أجبروا على العودة من الحدود مع أوروبا إلى الداخل التركي مجدداً

كيوبوست
بعد أن استغل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وللمرة الثانية، اللاجئين غير الشرعيين كورقة ضغط ضد أوروبا؛ لتحقيق مكاسب سياسية، وبعد أن تم إجبار هؤلاء اللاجئين على العودة إلى الداخل التركي إثر فشل هذا المسعى، تحولت معاناة أغلبهم مع الوقت لتكون في الحجر الصحي، حسب تقرير نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية مؤخراً.
وتزعم تركيا أن نحو 150 ألف شخص عبروا الحدود البحرية والبرية باتجاه أوروبا، خلال تلك الفترة، بينما تقدر السلطات اليونانية الأعداد بأقل من 3500 شخص فقط.
اقرأ أيضًا: ما أسباب تفشي “كراهية الأجانب” في تركيا؟ وما علاقة الخطاب الحكومي بذلك؟
قصص مأساوية
يرصد التقرير معاناة ريما، الممرضة السورية، 45 عاماً، والتي وصلت إلى الحدود مع اليونان، على أمل أن تجد طريقاً إلى أوروبا، وتنضم إلى شقيقتها اللاجئة السياسية في سويسرا؛ ولكن عندما وصلت وجدتِ الحدودَ مغلقة وأدركت، حسب تصريحاتها للصحيفة البريطانية، أنها تُستغل من قِبَل تركيا.

انتقلت ريما، والآلاف من الذين وجدوا على الحدود، إلى مخيمات الحجر الصحي بعدما أحرقت القوات التركية الخيام التي أقاموها على الحدود للإقامة فيها؛ لكن بعد انتهاء مدة إقامتهم بالحجر الصحي، تفرق المحجورون بين من أصبحوا يتجولون في الشوارع، ومن وضعوا في مناطق احتجاز، فضلاً عن تلقي بعض السوريين تهديدات بالترحيل إلى مناطق آمنة شمال سوريا.
احتجزت ريما لمدة 5 أيام قبل أن يتم إطلاق سراحها؛ لكنها فقدت المنزل الذي كانت تستأجره، ولا تستطيع العودة إلى سوريا بسبب أنشطتها الإعلامية السابقة في توثيق ما يحدث في درعا، بينما تشعر بالقلق من ترحيلها إلى المناطق الآمنة التي أقامتها تركيا في شمال سوريا؛ لخوفها من أن تقع هذه المناطق في يد النظام في المستقبل القريب، فهي لا تثق في وعود أردوغان بعد كل ما رأته.

عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة بني سويف؛ الدكتور علي مسعود، يؤكد، لـ”كيوبوست”، أن ما حدث مع اللاجئين السوريين على الحدود اليونانية لم يكن أكثر من مناورة قام بها الرئيس التركي، ووقع ضحيتها ليس فقط اللاجئون السوريون الراغبون في العبور إلى أوروبا؛ ولكنْ أيضاً اللاجئون الأفارقة الموجودون على الأراضي التركية، مشيراً إلى أن عصابات التهريب استغلت الموقف المعلن من الرئيس التركي وحققت مبالغ مالية كبيرة.
وأضاف مسعود أن تركيا تستغل مشكلة اللاجئين لتحقيق أهدافها وليس لاعتباراتٍ إنسانية كما تدعي في تصريحاتها الرسمية، مشيراً إلى أن الأموال الكثيرة التي تحصل عليها أنقرة من أجل اللاجئين، لا تنفق عليهم، ولذا يعيش اللاجئون ظروفاً صعبة، ويصبحون عرضةً للاستغلال.
اقرأ أيضًا: تبعات “كورونا” تعمِّق أزمات الاقتصاد التركي
استغلال تركي
سوري آخر، هو إبراهيم، البالغ من العمر 41 عاماً، والذي دفعه إعلان فتح الحدود ليجرب حظه في العبور إلى أوروبا؛ بهدف اللحاق بزوجته التي هاجرت أثناء فترة سجنه في اللاذقية بعد اتهامه بتسليم معدات طبية للمعارضة، لكن إبراهيم تعرض إلى السرقة على الحدود قبل أن يُجبر من جانب الأمن التركي على ركوب حافلة متجهة إلى الحجر الصحي.
يقول إبراهيم، خلال حديثه إلى “الغارديان”، إن رجال الأمن كذبوا عليهم ووعدوهم بإعادتهم إلى الحدود بعد انتهاء فترة الحجر الصحي؛ لكنه فوجئ باقتياده إلى سكن جامعي قديم، واضطر إلى التخلي عن هاتفه، وعندما اعترضوا تعرضوا إلى الضرب والتهديد بالترحيل من قبل السلطات التركية، وصديقه لا يزال يعاني إصابات في يده نتيجة الاعتداء الذي تعرض إليه.

أنفق إبراهيم نحو 1700 دولار، وهو كلُّ ما بحوزته من أموال حتى الآن، واصفاً ما حدث بأنه إجهاض لمحاولته البحث عن حياة كريمة، وقد حاولت “الغارديان” التواصل مع ممثلين في وزارة الصحة التركية، لتوضيح ملابسات الإجلاء من الحدود والإقامة في مخيمات الحجر الصحي؛ لكنها لم تتلقَّ رداً.
شاهد: فيديوغراف.. أردوغان يدفع بعشرات السوريين نحو الموت
الصحفي والباحث محمد سالم، يعتبر، في تعليق لـ”كيوبوست”، أن ما رصدته “الغارديان” هو أحد فصول المتاجرة التركية بأزمة اللاجئين، والمستمرة منذ سنوات، مشيراً إلى أن الوضع الصحي في أماكن الحجر الصحي التركي يشوبه الكثير من الشبهات؛ خصوصاً تلك المتعلقة بتوفر إجراءات السلامة.
وأضاف سالم أن التجاهل التركي للرد على الصحيفة البريطانية يعكس حالة التخبط في التعامل مع الأزمات، والتي دفعت بتركيا لتتصدر نسبة الإصابات بفيروس كورونا خلال الفترة الماضية، مشيراً إلى أن تقارير حقوقية تتحدث عن شراكة واستفادة بين مسؤولين في جهات أمنية تركية، والمهربين؛ من أجل استغلال اللاجئين واستنزاف ما تبقى لديهم من أموال.