الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفة
الكويكبات.. ما تبقى من تكوين النظام الشمسي

كيوبوست
اكتُشف أول كويكب عن طريق الخطأ، على يد الفلكي “جوزيبي بيازي”، الذي كان يرسم حينها خريطة نجوم، فلاحظ في عام 1801 جسماً صغيراً يبلغ قطره 1000 كيلومتر بين مدارَي المريخ والمشتري، وأطلق بيازي اسم “سيريس” على الكويكب المكتشف.
وبعد نحو قرن من اكتشاف الكويكب “سيريس”، ضربت شظايا كويكب “تونغوسكا” غابات غير مأهولة في سيبيريا بالاتحاد الروسي، في 30 يونيو 1908م؛ ما أدى إلى تدمير 2000 كيلومتر مربع من تلك الغابات.. وإحياءً لتلك الذكرى العنيفة، ولزيادة الوعي العام حول خطر الكويكبات؛ وهي أجسام صخرية صغيرة تدور حول الشمس، وتُسمى بالنيازك في حال اصطدامها بالأرض، اعتمدت الأمم المتحدة عام 2016م، يوم 30 يونيو من كل عام، يوماً دولياً للكويكبات.
اقرأ أيضاً: رحلة الإنسان إلى الفضاء.. من عبادة الكواكب إلى المحطات الفضائية
كيف تشكَّلت الكواكب؟
ولم تكن حادثة ارتطام كويكب “تونغوسكا” بالأرض الأولى؛ فقد تعرَّض الكوكب إلى أبرز ارتطام نيزك به قبل بداية البشرية، عندما اصطدم نيزك “يوكاتان” بالمكسيك؛ ما أدى على الأرجح إلى انقراض 90٪ من أنواع الحيوانات، آنذاك؛ بما فيها الديناصورات، وذلك قبل 65 مليون عام. كما أنها لم تكن الأخيرة؛ إذ تلتها عدة حوادث غالباً ما كانت عابرة، حيث إن آلاف الشظايا الصغيرة من الكويكبات تضرب الأرض كل عام، ولا تتم ملاحظتها؛ لأنها تهبط في مساحات شاسعة من الغابات غير المأهولة أو في المياه المفتوحة للمحيط.
ومع أن معظم تلك الاصطدامات عابرة، إلا أن الأرض شهدت حوادث عديدة مدمرة؛ فإلى جانب حادثة نهر “تونغوسكا”، تحطَّم عام 2013 نيزك “تشيليابينسك”، وهو بحجم مبنى مكون من ستة طوابق، فوق روسيا، مولداً موجة ارتطام تعادل انفجار 500 كيلوطن؛ ما أدى إلى إصابة 1600 شخص. والمطمئن أن تلك الاصطدامات نادرة الحدوث بالأرض؛ لأن كوكب المشتري له النصيب الأكبر منها، بسبب جاذبيته العالية التي تتسبب في جذب العديد من الكويكبات.

وتشكَّلت الكويكبات خلال اندماج النظام الشمسي من سحابة غاز وغبار قبل نحو 4.6 مليار سنة، بينما تحولت المادة المكونة للنظام الشمسي تدريجياً إلى حصى صغيرة وصخور تجاذبت؛ ما سمح لبعضها بالاتحاد مكونةً أجساماً كبيرة مثل الكواكب، أما الكويكبات فهي الأجسام المتبقية من تكوين النظام الشمسي؛ إذ لم تسنح الفرصة للكويكبات بالاندماج في كواكب.
وتوجد الكويكبات في حزامَين يحيطان بنظامنا الشمسي؛ وهما الحزام الرئيسي أو “حزام الكويكبات” ويقع بين المريخ والمشتري، وحزام كايبر، الذي سُمي على اسم مكتشفه، ويقع في المنطقة الممتدة خارج مدار نبتون، ويحتوي على عدد لا يُحصى من الكويكبات والعديد من الكواكب القزمة، وأشهرها كوكب بلوتو، ومع ذلك هناك كويكبات ليست موجودة في أحد الحزامَين.
اقرأ أيضاً: الفضاء عبر 50 عامًا من الآن.. حلول جديدة أم مشكلات إضافية لكوكبنا؟
وتتكون معظم الكويكبات، بأحجامها المتفاوتة بين مئات الأمتار وعدة كيلومترات؛ وعليه فإنها أصغر بكثير من الكواكب، من أنواع مختلفة من الصخور، كما يحتوي بعضها على طين أو معادن؛ مثل النيكل والحديد.
أهمية دراسة الكويكبات
يمكن أن توفر الكويكبات معلومات قيمة حول تطور نظامنا الشمسي، وذلك عند دراسة الأجزاء الصغيرة منها التي ارتطمت بالأرض؛ نظراً لأنها نفس اللبنات الأساسية المكونة للكواكب، ولأنها تشكلت مع تشكل باقي مكونات النظام الشمسي، وبالتالي يمكن لها أن توفر للعلماء الكثير من المعلومات حول تاريخ الكواكب والشمس.

ومن خلال دراسة الكويكبات، يمكن للعلماء الوصول إلى فهم أكبر حول كيفية نشأة أشكال الحياة الأولى على الأرض من مادة عضوية غير حية؛ فمن المعتقد أن بعض الكويكبات تحتوي على مركبات عضوية ولديها تركيبة كيميائية أكثر بدائية من الأرض، وبالتالي فهي أكثر تشابهاً مع الظروف التي كانت موجودة في بدايات تكوُّن النظام الشمسي؛ ما يساعد في الكشف عن كيفية تشكل الحياة على كوكب الأرض.
ومن المهم دراسة تكوين الكويكبات وتطوير آليات السفر إليها؛ لأنه من الممكن أن تكون مصادر للمعادن الثمينة، إضافةً إلى محاولة تفادي خطر ارتطامها بالأرض؛ نظراً لأن بعض الكويكبات يقترب جداً من الأرض، مما يقرِّب الأخطار، وعلى سبيل المثال، في يناير عام 2010م مرّ الكويكب AL30 على بُعد 130.000 كم من كوكبنا الأزرق.