الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية
القيادة المركزية الأمريكية تبارك إحباط تهريب أسلحة إلى اليمن

كيوبوست
باركت القيادة المركزية الأمريكية، مطلع فبراير الماضي، إحباط السلطات اليمنية تهريب 100 محرك لطائرات دون طيار كان يتم تهريبها إلى الحوثيين. وجدد قائد القيادة المركزية للولايات المتحدة، مايكل كوريلا، التزام القيادة الدائم بأمن الشرق الأوسط، وذلك خلال اتصال أجراه مع رئيس هيئة الأركان العامة اليمنية للجيش اليمني وقائد العمليات المشتركة، صغير حمود أحمد عزيز.
تأتي التهنئة الأمريكية في وقت يتزايد فيه ضغط القوى الغربية على إيران على خلفية تخصيب اليورانيوم، وفي وقت تتزايد فيه المساعي الدولية لإنهاء الحرب في اليمن، والتي تموِّل فيها إيران الحوثيين بالسلاح، بإصرار واضح؛ لزعزعة الاستقرار في المنطقة. في أحدث عمليات التهريب، مثلاً، صادرت البحرية البريطانية، أواخر فبراير الماضي، صواريخ مضادة للدبابات ومكونات لمجموعات صواريخ باليستية كانت متجهة -على الأرجح- من إيران إلى الحوثيين في اليمن.
اقرأ أيضاً: مواد نووية إيرانية في جعبة الحوثي والقاعدة في اليمن
تم تأسيس القيادة المركزية الأمريكية عام 1983 إبان ما يُعرف بـ”حرب الناقلات” التي كانت جزءاً من الحرب الإيرانية- العراقية. منذ ذلك الحين، استمرت القيادة المركزية بالعمل في الشرق الأوسط والشام وآسيا الوسطى. خلال تاريخها الممتد على أربعة عقود، شاركت القيادة المركزية في العديد من الأحداث المهمة بالمنطقة؛ مثل عملية عاصفة الصحراء والحرب العالمية على الإرهاب. اليوم، لا يزال ردع إيران هو الأولوية رقم واحد للقيادة المركزية الأمريكية في المنطقة.
مزيد من الضغط والتعاون
في الثاني من مارس الجاري، زار اليمن السفير الأمريكي لدى اليمن والقائد الأعلى للبحرية الأمريكية في الشرق الأوسط. التقى المسؤولان قادة من خفر السواحل اليمني ومسؤولين حكوميين محليين في محافظة المهرة، شرق البلاد. ناقش المجتمعون الأمن البحري الإقليمي والتعاون المشترك. تُعد المهرة إحدى نقاط التهريب التقليدية في اليمن التي تنظر إليها إيران كوجهة مغرية لاستعراض قوتها في المنطقة؛ بما في ذلك الطائرات دون طيار، وذلك وفقاً لعدة تقارير، بما في ذلك التقارير الأممية، على الرغم من نفي طهران المتكرر.

يستغل الحوثيون التنافس الإيراني في المنطقة لتحقيق أهدافهم الخاصة، ويستخدمون العنف الموجه ضد أهداف مدنية في اليمن والسعودية والإمارات كوسيلة للضغط والتفاوض. خلال الأشهر الأخيرة، مثلاً، استهدف الحوثيون منشأة لتصدير النفط في محافظة حضرموت، شرق اليمن، بطائرات دون طيار، وأوقفوا العمل بها.
يوفر النفط نحو 70- 80 في المئة من الإيرادات للحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها دولياً. لا يعني استهداف الحوثيين البنية التحتية اليمنية أنهم يزدادون جرأة فحسب؛ بل يعني أيضاً أنهم في أوضاع مالية صعبة تدفعهم للتصرف بجنون، كما يُحتمل أن ترسانتهم العسكرية الاستراتيجية المعتمدة على المخزونات الحكومية المنهوبة والدعم الإيراني، معرضة للانخفاض؛ ما يشير إلى أن الجهود الدولية لإيقاف التهريب بدأت تؤتي ثمارها.
اقرأ أيضاً: هجوم الحوثيين على ميناء الضبة في حضرموت.. الأسباب والتداعيات
يُذكر أن اليمن أحد الأعضاء الـ34 في القوة البحرية المشتركة، والتي تضم دولاً عربية وغير عربية؛ مثل أستراليا وكندا ومصر والإمارات، وتُعد أكبر شراكة بحرية في العالم. انطلاقاً من تلك الشراكة، وبناءً على التطورات الأخيرة، يبدو أن الولايات المتحدة قررت الانخراط أكثر في زيادة الخناق على كل من إيران والحوثيين؛ اللذين يتبادلان المنافع في المنطقة.
إيران في سياسات واشنطن الدفاعية
على الرغم من أن السياسات الدفاعية الوطنية للولايات المتحدة تحدد كلاً من الصين وروسيا كمصدرَين أساسيَّين للتهديد؛ فإن “ردع الهجمات الاستراتيجية ضد الولايات المتحدة والحلفاء والشركاء” لا يزال في قلب استراتيجيتها الدفاعية، كما تنظر إلى كل من إيران والمنظمات المتطرفة العنيفة كتهديدات مستمرة خلال العقدَين القادمَين.
تتهم واشنطن إيران بالعمل على تحسين قدراتها على إنتاج سلاح نووي، وتصدير قوات صاروخية وطائرات دون طيار قادرة على تهديد التدفق الحر لموارد الطاقة والتجارة الدولية. إضافة إلى كل ذلك، تستمر طهران في دعم الجماعات الإرهابية والوكلاء العسكريين في الشرق الأوسط، والانخراط في استفزازات عسكرية.
على سبيل المثال، منذ عام 2021، صادرت الولايات المتحدة والقوات البحرية للشركاء 15000 قطعة سلاح غير مشروعة تم شحنها بشكل غير قانوني إلى اليمن. من جانب آخر، وعلى الرغم من تراجع قدرات الجماعات الإرهابية عالمياً؛ فإن بعضها، كما هي الحال مع تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، بدأ يُظهر قدرات على إعادة تشكيل نفسه.

تنعكس التهديدات الإيرانية والإرهابية بوضوح في السياسة الدفاعية الأمريكية المُعلنة؛ حيث تؤكد احتفاظ القوة الأمريكية بالقدرة اللازمة لحرمان إيران من امتلاك سلاح نووي، ودعم العمل ضد التهديدات المدعومة إيرانياً في المنطقة، ناهيك بتعطيل تهديدات التطرف العنيف.
تُعد القدرة الأمريكية على إنشاء التحالفات والشراكات إحدى أبرز مزاياها في تحقيق أهدافها. تدرك واشنطن استحالة مواجهة كل تلك التحديات بمفردها؛ لذلك تعمل بجد لتعزيز القدرات الأمنية للحلفاء الأساسيين والشركاء وتقاسم الأعباء، وذلك من خلال العمليات المشتركة والتعاونية وتخطيط القوة وزيادة تبادل المعلومات الاستخباراتية، وغيرها من الاستراتيجيات في جميع أنحاء العالم. عادةً، كما هي الحال في التخطيط عموماً، يتم تحديد الموارد والتعاون اللازم وفقاً لحجم التهديد.
تنامي الخطر
أظهرت عمليات الكشف عن محاولات تهريب الأسلحة وإحباطها خلال الأشهر الماضية، الحجمَ المهول للأسلحة التي يتلقاها الحوثيون. من جانب آخر، تُظهر الهجمات الإرهابية التي تستهدف القوات في المناطق المحررة من اليمن تنامياً لنشاط تنظيم القاعدة، وتأكيداً على التقارير التي تفيد بمساعي التنظيم لإعادة بناء الذات.
كل ذلك يدفع بالولايات المتحدة والشركاء الدوليين والإقليميين إلى بذل المزيد من الجهود الدبلوماسية والعسكرية والاستخباراتية، ليس من أجل حماية المنطقة فحسب؛ بل لمساعدة اليمن على منع المزيد من الانهيار المتواصل نتيجة فقدان إيرادات النفط، والتي لن يكون هناك أي مصدر لتعويضها في المستقبل القريب.
اقرأ أيضاً: طُرق تسلكها طهران لتهريب الأسلحة إلى الحوثيين
إن قدرة الدولة على تنويع الاقتصاد ومصادر الدخل وحشد الموارد من خلال نظام ضرائب فعَّال وعادل؛ هي من بين الإجراءات الضرورية لإيقاف تدهور العملة وعجز الدولة عن تقديم الخدمات والقيام بوظيفتها، لكن يستحيل على دولة اعتمدت شبه حصرياً على إيرادات النفط والغاز لعقود أن تنتقل بسرعة خارقة إلى البدائل، التي تُعد في الواقع أساسيات تم تجاهلها.
ما لم يتم استئناف التصدير وفرض الاستقرار في البلاد من خلال قيادة نزيهة وحوكمة فعَّالة؛ فإن البلاد ستواصل الانزلاق نحو مزيد من الهشاشة التي تجعلها مرتعاً للجماعات الإرهابية والتدخلات الخارجية الإيرانية المزعزعة للاستقرار العالمي.