الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

القصة الكاملة لمسارات تهريب المخدرات من إفريقيا إلى أوروبا

بماذا تخبرنا شواطئ وعواصم دول غرب إفريقيا حول الاتجار بالمخدرات؟

ترجمة كيو بوست –

تمثل شواطئ وعواصم غرب إفريقيا ممرًا حيويًا لتجارة المخدرات باتجاه الدول الأوروبية، إذ يكشف الباحث والمحلل الأمني الاسكتلندي المتخصص في مكافحة المخدرات، جوني إيلسوود، مسارات تهريب المخدرات، التي تمتد من غرب إفريقيا إلى السوق الأوروبية. كما يبين إيلسوود كيف أصبحت هذه التجارة تتقارب مع الفساد والإرهاب وفشل الدولة في بعض العواصم الإفريقية.

اقرأ أيضًا: هل سيصبح تناول الحشيش قانونيًا؟

واردات غير معلن عنها

يقول  “إيسلود” في مقالته المنشورة في  مجلة “إنسايكلوبيديا جيوبوليتيكا” إنه يجري نقل ما لا يقل عن 50 طنًا من الكوكايين من دول الأنديز إلى غرب إفريقيا كل عام، حيث تكمل طريقها باتجاه الشمال إلى السوق الأوروبية، وتحقق مليارات الدولارات في الشوارع والمدن الأوروبية. في العام المنصرم، مر ثلث المخدرات التي أنتجت في كولومبيا وبيرو وبوليفيا عبر جمهورية الرأس الأخضر، ومالي، وغينيا بيساو، وغانا، وبنين، وتوغو، ونيجيريا، وأكملت طريقها إلى أوروبا الغربية. وبالطبع، هذا الرقم آخذ في النمو بفعل ازدياد معدلات التهريب في غرب إفريقيا بدءًا من عام 2008.

مسارات تجارة الكوكايين عبر الغرب الإفريقي

تتنافس عصابات إفريقية مع نظيراتها من البلقان والشرق الأوسط في مجال تصدير المخدرات. على سبيل المثال، تطلق عصابة “كارتل سينالوا” مخدراتها باتجاه الشرق من البرازيل أو البحر الكاريبي، بعد أن حققت استفادة مطلقة من النقل البري في هاتين المنطقتين. يجري جلب المخدرات عبر سفن كبيرة إلى خليج بنين -جزء من المحيط الأطلنطي يمتد من غانا إلى نيجيريا- ثم يتخذ المهربون خيارًا حول كيفية المضي قدمًا بالحمولة، ثم يجري التخلص من بعض الحزم العائمة، ليتم جمعها بسرعة من قبل صيادين. وبعد ذلك، يجري توزيع حمولة المخدرات الكبيرة إلى زوارق صغيرة، يقتربون بها نحو الشاطئ، قبل أن يجري نقل بعضها مباشرة إلى السلطات المحلية التعاونية. من الجدير ذكره أن حوالي 30% من الحمولة تُنقل إلى هؤلاء الوسطاء كوسيلة للدفع مقابل خدماتهم وتواطئهم.

اقرأ أيضًا: لماذا اختار حزب الله منطقة حدودية في أمريكا اللاتينية كمنصة لأنشطته؟

وعلى خريطة ساحل غرب إفريقيا، يمكن رسم خطين للإشارة إلى امتدادات أعلى الواردات من المخدرات: خط يربط مدينة داكار السنغالية بمدينتي بيساو وكنكاري الغينيتين. والخط الآخر يربط مدينة آكرا الغانية بمدينة دوالا الكاميرونية. وبمجرد وصول المخدرات إلى البر، يجري توجيه معظم الحمولة شمالًا إلى الصحراء، أو نحو المهربين الليبيين، أو عبر الصحراء الغربية نحو المغرب. وأخيرًا، يجري تعبئة المخدرات ثم إرسالها إلى مداخل الأسواق الأوروبية الرئيسة: جبل طارق، وروما، ومدريد، ونيس، ومرسيليا، ولشبونة (ويفضل المهربون المدينة الأخيرة لعدم حاجة البغال الغينية إلى تأشيرة دخول للبرتغال). وفي غضون أيام، يمكن تقديم المخدرات للمستهلكين في لندن، ودبلن، وباريس، وبرلين، وأمستردام، أو يجري دفعها إلى أبعد من ذلك نحو تركيا وباكستان.

وبينما تسعى حكومات هذه الدول إلى تشريع قوانين ضد ما تعتبرها تهديدات أمنية، فإن ما يصل إلى خمسة آلاف مجموعة صغيرة من مجموعات الجريمة المنظمة تبيع المخدرات إلى المستهلكين بكفاءة سريعة وتنافسية.

مدى انتشار تعاطي الكوكايين مدى الحياة بين البالغين في الدراسات الاستقصائية على نطاق سكان الاتحاد الأوروبي

في السنوات الخمس الأخيرة، وجد مهربو غرب إفريقيا أنفسهم على عتبة السوق الأوروبية الضخمة، مستفيدين من تقاعس السلطات الدولية إزاء نشاطهم نتيجة لأسباب عدة. وأهم هذه الأسباب التدخلات الأجنبية، والتمرد المسلح الذي أدى إلى إعاقة جهود العمل الجنائي المحلي في هذه الدول، بالإضافة إلى تركيز الدول كافة على تجارة المخدرات في أميركا اللاتينية وآسيا، وإغفال نشاطات التجار الأفارقة.

اقرأ أيضًا: كيف سمح أوباما لحزب الله بالتخلص من مأزقه عبر المخدرات؟

 

الفساد والإرهاب وانهيار الدولة

هنالك وثائق تؤكد أن عصابات المخدرات في غرب إفريقيا تقوم بشراء عقارات وبنوك وشركات ضخمة، كما تشتري الانتخابات والمرشحين والأحزاب والسياسيين والقضاة، وهو ما أكده أنطونيو ماريا كوستا، المدير التنفيذي لمكتب المخدرات والجريمة التابع للأمم المتحدة.

تخضع اقتصادات ومجتمعات الدول المذكورة لتأثير تجار المخدرات، الذين يشترون النفوذ فيها، ويتسببون بتآكل التماسك الكلي للدولة. وفيما يتعلق بالفساد، ليس هنالك ذراع محصن للدولة، إذ يعثر المهربون على مشغلين سياسيين، ومشرعين، وممولين، وأعضاء في قوات الأمن، وقضاة، وزعماء دينيين، ليتواطأوا مع أعمالهم ونشاطاتهم. وهذا ليس بالأمر المفاجئ بالنسبة لدول يرسخ فيها الفقر والاستقطاب العرقي.

وقد أصبح تمويل الإرهاب منتجًا آخر للاتجار في غرب إفريقيا. ويتجلى هذا في الاستفادة المطلقة التي يجنيها تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” وتنظيم “بوكو حرام”، اللذان يستفيدان من لعب أدوار حماية المخدرات عبر القارة.

 

المصدر: مجلة “إنسايكلوبيديا جيلوبوليتيا” الأمريكية

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة