الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
“القاعدة” خسر زعيمه.. ولكنه يحقق مكاسب في إفريقيا
الهجوم الذي شنه أحد فروع تنظيم القاعدة على أكبر قاعدة عسكرية في مالي قبل مقتل الظواهري كان الأكبر والأهم منذ أكثر من عقد من الزمن

كيوبوست- ترجمات
جايسون بورك♦
أحد آخر انتصارات أيمن الظواهري، قبل مقتله بصاروخ أطلقته طائرة أمريكية مسيرة في كابل؛ كان الهجوم الذي شنه أحد فروع تنظيم القاعدة، على أكبر قاعدة عسكرية في مالي، والذي كان الأكبر والأهم، منذ أكثر من عقد من الزمن. وهذا ما عكس مدى تماسك التنظيم في إفريقيا، على الرغم من الحملة المكثفة التي تقودها الولايات المتحدة لمحاربة الإرهاب.
كتب جايسون بورك، في صحيفة “الغارديان”، مقالاً، علَّق فيه على وضع تنظيم القاعدة، بعد مقتل زعيمه الظواهري، وافتتح مقاله بالإشارة إلى تقرير للأمم المتحدة، الذي جاء فيه: “إن الوضع الدولي مواتٍ لتنظيم القاعدة؛ الذي يخطط لاحتلال مركز القيادة للجهاد العالمي”. ويرى أن الهجوم الأخير، في مالي، كان مؤشراً على فعالية قرار الظواهري، الذي اتخذه عام 2011 بالتخلي عن استراتيجية الضربات الكبيرة الموجهة إلى الغرب، التي كان يفضلها سلفه أسامة بن لادن، والتحول بدلاً منها إلى توجيه القادة المحليين -في التنظيم- إلى السعي لتحقيق مكاسب محلية. وقد حذر تقرير الأمم المتحدة من أن تهديد تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية لا يزال ماثلاً بقوة في المناطق التي تشهد صراعات، وأن هذه المناطق سوف تشكل منصات انطلاق لهذه التنظيمات الإرهابية، ما لم يتم التوصل إلى حلول ناجحة للصراعات الدائرة فيها.

لقد أثبت التقدم، الذي أحرزه تنظيم القاعدة في مالي، صحة جزء آخر من استراتيجية الظواهري، وهو حشد التأييد الشعبي من خلال استغلال مظالم المجتمعات المهمشة؛ لا سيما عندما تكون الحكومات ضعيفة أو قمعية. وكذلك، من خلال نسج علاقات قوية مع الجهات الفاعلة المحلية، وحصر استخدام العنف بالأهداف التي تبدو كأنها أهداف مشروعة. وقد سبق هذه الاستراتيجية ظهور تنظيم الدولة الإسلامية عام 2014، لكن صعود الجماعة المنافسة أعطى زخماً لهذه السياسة. فبينما اعتمد تنظيم الدولة على الخوف والرعب؛ لإخضاع السكان المحليين في المناطق التي سيطر عليها، حاول تنظيم القاعدة الظهور بمظهر المعتدل؛ ولكنه على الرغم من ذلك عانى نكسات كبيرة في مناطق مثل سوريا والعراق، وفقد القدرة على منافسة تنظيم الدولة الإسلامية في بعض المسارح؛ مثل نيجيريا وصحراء سيناء.
اقرأ أيضاً: ما الاتجاه الذي سيسلكه تنظيم القاعدة في أعقاب مقتل الظواهري؟
ولكن في إفريقيا، على وجه الخصوص، نجحت استراتيجية الظواهري؛ بعد أن أبرم تحالفاً مع حركة الشباب الإرهابية، التي تسيطر على مناطق ريفية شاسعة من الصومال، وتضم في صفوفها آلاف المقاتلين، وتمتلك موارد مالية ضخمة، تمكنها من إرسال ملايين الدولارات إلى القيادة المركزية لـ”القاعدة”. وفي مالي، استغل فرع “القاعدة” هناك، جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وجود مجموعة فاغنر، وهي شركة عسكرية روسية خاصة تم التعاقد معها؛ لدعم الجيش المنهك في البلاد، واتُّهمت بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان. وقالت الجماعة إن الهجوم الذي شنته على قاعدة كاتي، خارج باماكو، كان رداً على تعاون الحكومة مع مجموعة فاغنر.

وقد حذر الجنرال ستيفن تاونسيند، قائد القوات الأمريكية في إفريقيا، في حديث إلى الصحفيين، من أن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين بدأت تتوجه جنوباً، باتجاه بوركينا فاسو، والمناطق الحدودية للدول الساحلية. ووصف الأمر بأنه “مصدر قلق كبير يجب على العالم الانتباه إليه”.
اقرأ أيضًا: واشنطن تطوي صفحة الرجل الثاني في تنظيم القاعدة.. لماذا الآن؟
وفي اليمن، لا يزال التنظيم موجوداً، وعلى الرغم من تراجعه نوعاً ما؛ فإنه لا يزال خبراء الأمن الغربيون يرون فيه تهديداً محتملاً خارج القارة الإفريقية، ولكن المكاسب الأكبر لـ”القاعدة” كانت في أفغانستان، حيث عزز انتصار “طالبان” قوة تنظيم القاعدة، الذي أقام علاقات متينة مع الفصائل الرئيسية، وكبار القادة في “طالبان” الذين يبدو أنهم على استعداد لتوفير ملاذ آمن لـ”القاعدة” في أفغانستان، ضمن شروط وترتيبات معينة. ومن المعروف أن المنزل الذي قُتل فيه الظواهري مملوك لأحد مساعدي وزير الداخلية الأفغاني سراج الدين حقاني.
ويبقى التحدي الكبير الذي يواجه تنظيم القاعدة هو مقتل العديد من الورثة المحتملين للظواهري؛ ومن هؤلاء حمزة بن لادن، نجل أسامة بن لادن. أما الأمر الذي قد يصب في مصلحة التنظيم فهو أن الولايات المتحدة وحلفاءها يوجهون اهتمامهم إلى أماكن أخرى من العالم.
♦مراسل صحيفة “الغارديان” في إفريقيا، مقيم في جوهانسبورغ.