الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون عربية
الفساد يجتاح مشفى البصرة للأطفال ويشلّ نظام الرعاية الصحية في العراق

كيوبوست – ترجمات
لويزا لوفلاك
مع تزايد انتشار الفساد في العراق، نشرت صحيفة واشنطن بوست مقالاً تلقي فيه الضوء على الثمن الباهظ الذي يدفعه المواطن العراقي نتيجة هذا الفساد الذي يطال مختلف القطاعات الخدمية، ومنها القطاع الصحي. وتشير كاتبة المقال إلى أنه بعد مرور 18 عاماً على افتتاح مستشفى البصرة للأطفال الذي قدمت الولايات المتحدة أكثر من مئة مليون دولار لإنشائه، لا يزال المستشفى يعاني من فساد نظام الرعاية الصحية في البلاد. فبعد مرور عقودٍ من الحرب والعقوبات التي أثّرت سلباً على القطاع الصحي العراقي، يعترف مسؤولون عراقيون؛ سابقون وحاليون، بأنّ القطاع يتعرّض اليوم للنهب من قبل مجموعة كبيرة من السارقين.
اقرأ أيضاً: محرقة ابن الخطيب.. آخر فصول الفساد المستشري في العراق
وحتى اليوم لا يزال المستشفى يفتقر إلى هذه التجهيزات على الرغم من عدم افتقار وزارة الصحة للأموال، حيث تم تخصيص 1.3 مليار دولار في السنوات الأخيرة لبناء المستشفيات. ويهيمن على هذه الوزارة أعضاء حزب رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الذين أهدروا بفسادهم الأموال المخصصة. وقال مسؤول سابق في الوزارة “لقد تسلل الحزب إلى كل شيء”، مشيراً إلى أنه عندما دخل إلى مكتبه للمرة الأولى وجد أكداساً من طلبات الشراء والعقود المبالغ في قيمتها إلى حد كبير.

وتشير الكاتبة في مقالها إلى العديد من قضايا الفساد التي طالت القطاع الصحي، وأدَّت إلى حرمانه من شراء الأدوية وبناء المشافي وتجهيزها، ومن بين هذه المشافي مشفى البصرة للأطفال الذي كان من المفترض أن يكون مرفقاً نموذجياً متخصصاً في علاج أورام الأطفال. حيث وصلت المساهمات الأمريكية المخصصة لبناء هذا المستشفى إلى مئة وثلاثة ملايين دولار، ولكن بسبب الفساد وصلت الكلفة الإجمالية عند افتتاحه إلى 166 مليون دولار. ومع ذلك، فلم يكن المستشفى على المستوى الذي كان مخططاً له عند بداية المشروع. ومنذ افتتاحه لا يزال المستشفى يعاني من الفساد، حيث قال عاملون سابقون وحاليون إن الفساد يحرمهم من شراء أدوية السرطان، وصيانة التجهيزات الطبية الحيوية.
اقرأ أيضاً: تظاهرات العراق.. ساحات حرب على الفساد والتبعية الإيرانية
ثم يلقي المقال الضوءَ على سوق الأدوية في العراق الذي يقدَّر حجمه بأربعة مليارات دولار سنوياً، وتنوه الكاتبة إلى أن نحو ربع الأدوية فقط تدخل البلاد عبر القنوات القانونية، بينما يأتي الباقي من دول الجوار عبر المنافذ غير الرسمية حيث تحقق الأحزاب المتحالفة مع المسؤولين أرباحاً طائلة من تهريب هذه الأدوية التي غالباً ما تكون قريبة من انتهاء صلاحيتها أو حتى مزيفة في بعض الحالات. وتنقل الكاتبة عن مسؤول في الجمارك قوله إن معظم هذه الشحنات تأتي من إيران، حيث تعبر الشاحنات الحدود مقابل رشاوى تبلغ نحو 30 ألف دولار لكل شاحنة.

وبعد وصول هذه الشحنات تقوم شبكة من الوسطاء بتقديم الرشاوى للأطباء الذين يعانون من تدني رواتبهم لوصف الأدوية المهربة. وقال أحد العاملين في شركة أدوية خاصة في بغداد: “الأمر منظم للغاية، فنحن نصنف الأطباء في ثلاث فئات، وندفع ما يُراوح بين 50 سنتاً و15 دولاراً عن كل وصفة طبية، بالإضافة إلى امتيازاتٍ أخرى حيث يحصل الأطباء من الفئتين الثانية والثالثة على إجازات مدفوعة التكاليف في تركيا، بينما يحصل أطباء الفئة الأولى على إجازاتهم في أوروبا”.

اقرأ أيضاً: استحداث مشروع لمنع التهريب الإيراني إلى العراق.. فهل ينجح؟
وتشير الكاتبة إلى أن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي كان قد تعهد بالحدِّ من عمليات التهريب من خلال إعادة نشر قوات حرس الحدود، واستبدال كبار المسؤولين في النقاط الحدودية الرئيسية، ولكن أحد المسؤولين في الوكالة الحكومية التي تنظم تجارة الأدوية في العراق قال إن الحكومة سوف تتعرض لضغوطٍ هائلة إذا ما حاولت وقف عمليات التهريب التي تدرُّ أرباحاً طائلة، والنتيجة أننا نقدم الأدوية للناس، ولكننا لا نعرف مدى جودتها وفعاليتها، وحتى ما إذا كانت آمنةً أم لا.
المصدر: ذا واشنطن بوست