الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
الغنوشي يقحِم أردوغان في شؤون تونس الداخلية بسبب أزمة كورونا

تونس – وفاء دعاسة
دخل فيروس كورونا في قلب صراع سياسي تونسي متواصل بين مكونات النظام، من برلمان ورئاسة جمهورية ورئاسة حكومة، ويأتي السجال هذه المرة حول مسألة تفويض البرلمان إلى الحكومة إصدار مراسيم من دون العودة إليه لمواجهة الأزمة، في تأكيد جديد على وجود مناخ من عدم الثقة بين الأطراف السياسية، ومخاوف متبادلة بسبب التنازع على السلطة.
أقرأ أيضًا: تونس ترفض الطلب التركي بإنزال قواتها عبر حدودها مع ليبيا
ووسط هذه الخلافات الظاهرة حينًا والخفية حينًا آخر، نجد راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي، يتحرَّك في كل اتجاه خلال أزمة كورونا؛ ليبدو الرجل الأول في تونس ويغطِّي على أداء الرئيس قيس سعيّد، بل ويحاول تهميش الدور الذي يقوم به رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، وحتى وزير الصحة عبداللطيف المكي؛ ليس بحثًا عن الأضواء فقط كونه رئيسًا للبرلمان، ولكن لتأكيد أنه رئيس الحزب صاحب الأغلبية الكبرى في البرلمان والحكومة وأنه الحاكم الفعلي في البلاد.
اقرأ أيضًا: بين الغنوشي وسعيّد.. صراع المواقع وقفزٌ على الصلاحيات
كسر للأعراف
مراقبون تونسيون يرون أن رئيس حركة النهضة يكسر كل تقاليد إدارة الدول بمثل هذا السلوك، متغافلًا عن أن السلطة التنفيذية هي التي تُشرف على إدارة الشأن العام المباشر، ولا تجارب سابقة سُجِّلت في دول العالم كانت فيها السلطة التنفيذية مجبرة على إبلاغ رئيس البرلمان بما تتخذه من قرارات في وقت الأزمات، إلا في حالات تتعلق بالفراغ السياسي.

الصحفي التونسي وسام حمدي، يرى أن رفض راشد الغنوشي ومِن ورائه حركة النهضة، ما تريد الحكومة تمريره في البرلمان بخصوص هذا الملف، يعود إلى معركة صلاحيات يقودها الغنوشي الذي يخشى تحالف رئاستَي الحكومة وتقاربهما، بشكل سيجعلهما يمرران ما يُريدان لحكم البلاد دون الرجوع إليه.
ويضيف حمدي، خلال حديث خاص إلى “كيوبوست”: “الغنوشي يعرف أن الفخفاخ مقرب جدًّا من قيس سعيّد؛ ولذلك يخشى أن يتم في ما بعد إصدار مراسيم حكومية تعكس توجهات الرئيس وليس توجهات البرلمان الذي يريد تحريكه كما يريد، رغم أن الظرف الحالي لا يتحمل مزيدًا من المزايدات السياسية؛ بل يتطلب مساعدة الحكومة وتسهيل عملها دون الرجوع إلى البرلمان الذي تتطلب جلساته ومناقشاته وقتًا مطولًا لا يتماشى مع طبيعة المرحلة”.
اقرأ أيضًا: موجة جدل واستنكار لاجتماع مُغلق بين أردوغان والغنوشي في إسطنبول
الاستعانة بتركيا
وبينما يكتفي رؤساء البرلمانات في مختلف الدول بأنشطة داخلية وخارجية مرتبطة بمجال التشريعات، يترك الغنوشي هذه المهمة التي في اعتقاده لا تخطف الأضواء، ويُجري اتصالات خارجية بحثًا عن مساندة تونس في محنة “كورونا”، وذلك في خطوة اعتبرها متابعون للشأن التونسي أشبه بالتعدي على عمل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الصحة.
حركة النهضة الإسلامية كانت قد كشفت، منذ أيام، عن اتصال الغنوشي بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأن الأخير وعد بتقديم مساعدات إلى تونس؛ لدعم جهودها في مقاومة “كورونا”. وبينما يروِّج أنصار “النهضة” للدعم التركي، الذي لم يصل بعد، بأنه تأكيد على منزلة الغنوشي لدى تركيا؛ فإن مراقبين يتساءلون عن سر لجوء رئيس البرلمان إلى أردوغان في كل مناسبة بحثًا عن الحل.
اقرأ أيضًا: إعفاءات بأعلى السلطة بتونس.. إقالات أم تصفية حسابات؟

يقول الناشط السياسي ورئيس المعهد التونسي للعلاقات الدولية أحمد المناعي، خلال حديثه إلى “كيوبوست” : “إن الغنوشي في علاقته بالسلطة لا يرضى بالقليل، إلا أنه اصطدم برئيس يحاول أن يعمل في حدود ما يخوِّله له الدستور من صلاحيات، وهو ما أقلق الغنوشي؛ فظهر الصراع بين السلطتَين على الصلاحيات”.
أما بخصوص علاقة الغنوشي بأردوغان، فهي كما يؤكد المناعي علاقة لها مبرراتها؛ “إذ تبقى تركيا المرجع الأكبر والوحيد للغنوشي إذا ما اعتبرنا أن أردوغان هو الذي تبنَّى في بداية 2011 مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي أراد أن يدمج فيه مشروعه الشخصي، الرامي إلى إعادة تشكيل الخلافة العثمانية؛ وهو ما يمثل أحد أهداف راشد الغنوشي كذلك”.
اقرأ أيضًا: “كيوبوست” يكشف: لماذا فشل ”داعش” في المغرب وتونس؟
ويعتقد المناعي أن الغنوشي سيبقى دائمًا في حالة تبعية لـ”الإخوان” التي لم يتبقَّ منها في موضع قوة سوى تركيا؛ وهو ما يدفعه إلى اللجوء إليها وطلب يد المساعدة، إلا أن ما لا يعرفه رئيس حركة النهضة هو أن ظروف تركيا الاقتصادية سيئة جدًّا؛ وهي عاجزة على أن تقدِّم أبسط المساعدات إلى تونس أو غيرها من البلدان.