الواجهة الرئيسيةشؤون خليجيةشؤون دوليةشؤون عربية

الغنام لـ”كيوبوست”: تزايد سوء الأوضاع الاقتصادية في إيران سيدفع لاضطرابات تهدد النظام

الدكتور هشام الغنام كبير الباحثين بمركز الخليج للأبحاث تحدث عن وجود احتمالات متزايدة بقيام النظام الإيراني باستهداف أهداف غربية في الخليج

كيوبوست

قال الدكتور هشام الغنام؛ كبير الباحثين بمركز الخليج للأبحاث في كامبريدج، إن هناك تقارباً حدث بين الموقفَين الأوروبي والأمريكي من إيران، بعدما قامت الأخيرة بزيادة معدلات التخصيب خلال الفترة الماضية، مؤكداً أن عدم تمديد قرار حظر تصدير السلاح إلى طهران، والمفروض من الأمم المتحدة، والذي ينتهي في أكتوبر المقبل، سيدفع إيران للحصول على أسلحة روسية وصينية بشكلٍ سريع لتطوير أنظمتها الهجومية والدفاعية.

وأكد الغنام، في حوار مع “كيوبوست”، أن عدم تغيُّر الإدارة الأمريكية في الانتخابات المقررة خلال نوفمبر المقبل، سيزيد من عزلة النظام الإيراني ويضعه أمام أزمة كارثية.. وإلى نص الحوار..

*ما مصير الاتفاق النووي الإيراني؛ خصوصاً أن هناك محاولات لإعادته بصور مختلفة؟

– الاتفاق بحكم الميت الآن، ومن الصعب إعادة إحيائه حتى مع وصول رئيس أمريكي بخلاف دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض؛ بسبب التجاوزات الإيرانية للاتفاق، وصعوبة عودة طهران إلى ما وافقت عليه مسبقاً، ففي الوقت الحالي لم يعد يوجد خلاف بين الأمريكيين والأوروبيين بشأن النظر إلى إيران وسياساتها النووية؛ وهو ما يفسر عدم مقاومة أوروبا الضغوط الشديدة التي تقوم بها الإدارة الأمريكية الآن، فهم تخلوا فعلياً عن الدفاع عن الاتفاق، والنظام الإيراني فقد الأمل وأُصيب باليأس من الأوروبيين، وأملهم انتهى بعودة الاتفاق، وبدؤوا بالفعل في الانسحاب الفعلي منه بمخالفة مستويات التخصيب.

نماذج الرؤوس النووية الإيرانية خلال استعراض عسكري في طهران- أرشيف

*لكنْ هناك قلقٌ أوروبي من النشاط النووي الإيراني؟

– بالتأكيد، فقد أحرزت إيران تقدماً مطردًا في تطوير برنامجها النووي خلال السنوات الأخيرة، ومع مرور الوقت تدفع السلوكيات الاستفزازية المستمرة من إيران، الأوروبيين لدعم الضغوط الأمريكية مهما بلغت قسوتها بلا أدنى تحفظ في غالبية الأحيان؛ خصوصاً أنه لا يوجد أحد يريد الدخول في صدام مع إدارة ترامب بشأن سياسته تجاه طهران، ومن ثمَّ اعتُبر أن 2020 هو أسوأ عام يمر على النظام الإيراني منذ وصول الإسلاميين إلى الحكم عام 1979، فالتصعيد الأمريكي سيستمر حتى لو أبدى بعض الفواعل الدولية امتعاضاً بين الحين والآخر؛ لكن هذا الأمر لن يكون له تأثير كبير على صناع القرار في واشنطن، وسيجعل طهران غير قادرة على الاستفادة من رفع حظر الأسلحة إذا حدث في أكتوبر المقبل.

*لماذا تأخرت إيران في التصعيد من وجهة نظرك؟

– حاول الإيرانيون إحراج الولايات المتحدة الأمريكية، وتصوير أنها هي التي خرجت على الإجماع الدولي؛ لكن هذا الصبر الإيراني نفد وانتهى، وخابت آمالهم بعد موقف القوى المؤثرة الأخرى في الاتفاق النووي التي نأت بنفسها عن مساعدة إيران، كما كان يأمل النظام الإيراني؛ لكن لا يزال النظام يتوقع موقفاً مسانداً من روسيا والصين إلى حد ما، بينما هذا الموقف لن يكون مؤيداً بشكل كاف لموازنة الضغط الأمريكي.

اقرأ أيضاً: هل يكشف المستقبل القريب عن قنبلة نووية إيرانية؟

*هل هناك توقع مستقبلي مختلف حال فوز بايدن في الانتخابات الأمريكية؟

– يبقى الأمل قائماً لدى طهران وإن كان ضعيفاً؛ بسبب مخالفاتها الصريحة للاتفاق النووي؛ خصوصاً أن إدارة بايدن لا يمكنها تجاهل التجاوزات المرتبطة بموضوع تخصيب اليورانيوم؛ لأنها جزء أساسي من الاتفاق الذي أبرمته إدارة أوباما، لكن إذا لم تتغير الإدارة الأمريكية، فالنظام الإيراني سيكون أمام مشكلة حقيقية، وعزلة ستزيد، ومستقبل اقتصادي كارثي؛ حيث انخفضت العملة الإيرانية إلى مستوى غير مسبوق، وهو 220 ألف ريال إيراني مقابل دولار أمريكي واحد، وهذا سيؤدي إلى انفجار وتوترات داخلية مع مرور الوقت لا محالة؛ حتى إن كانت التصريحات الأمريكية تدَّعي ظاهراً أن نيتها ليست تغيير النظام.

جو بايدن المرشح للرئاسة الأمريكية

*تحدثت عن أسوأ أزمة للنظام الإيراني في 2020، فكيف يتعامل معها النظام داخلياً؟

– المؤكد أن النظام الإيراني يمر بأسوأ أيامه، إلا أنه يكابر من خلال بعض الخطابات والمشاغبات الخطرة التي سلَّط الضوء عليها حتى في ظل انشغال العالم بأزمة فيروس كورونا؛ ومنها عدة حوادث مصورة تورطت فيها طهران، أبرزها قيام 11 زورقاً سريعاً تابعة للبحرية الإيرانية، بإجراء مناورات عالية المخاطر بالقرب من السفن الأمريكية؛ فالتهور الإيراني ينبغي فهمه في هذا السياق، فهو لا يشمل فقط الأفعال بل أيضاً الأقوال التي تبين مدى حالة التخبط الداخلية التي يعانيها؛ فرئيس الحرس الثوري الإيراني أعلن، الشهر الماضي، أنهم سيدمرون السفن الحربية الأمريكية في الخليج، وهو إعلان ليس له معنى في الحقيقة سوى في سياق ما ذكرناه عن المكابرة على مستوى الخطابة والدعاية، والتي تعتبر ضرورية ليستمر في محاولة الحفاظ على أمنه الداخلي الذي تأثَّر سلباً نتيجة الظروف الاقتصادية؛ خصوصاً بعد أزمة فيروس كورونا واشتداد الحصار.

*ما المخاطر التي تراها في ما يتعلق بعدم تمديد مجلس الأمن قرار حظر السلاح؟

– التوجهات العدائية التي يقوم بها النظام الإيراني على مستوى القول والفعل تدفع دول الخليج والولايات المتحدة وباقي شركائها في المنطقة للقلق من مخاطر التصعيد؛ حال عدم تمديد قرار الحظر بسبب الفيتو الروسي أو الصيني في مجلس الأمن، وعليهم دعم العقوبات الخاصة التي ستفرضها الولايات المتحدة بشكل فوري؛ خصوصاً أن هناك احتمالية متزايدة أن يتضمن التصعيد الإيراني استهداف أهداف غربية في الخليج، فالنظام الحاكم الآن في طهران قامت شرعيته على نشر العنف خارج حدوده وسيصعب عليه التراجع عن ذلك.

أحد جلسات مجلس الأمن – وكالات

*كيف ستتعامل إيران حال عدم تمديد قرار حظر السلاح؟

– ستحاول على الأرجح شراء طائرات مقاتلة روسية من طراز “Su-30″، وطائرة تدريب من طراز “Yak-130″، ودبابات “T-90″، ونظام صواريخ مضادة للطائرات من طراز “S-400” الروسي، ونظام صواريخ الدفاع الساحلي “باستيان”؛ فالهدف الأساسي بالنسبة إليها سيكون السعي لزيادة قدراتها التسليحية من الأنظمة الهجومية والدفاعية، وستحاول الحصول على هذه الأسلحة في أسرع وقت، بجانب محاولة تطوير برنامجها الصاروخي بالحصول على تكنولوجيا متقدمة من دول مثل الصين وروسيا.

صواريخ فاتح 110 الإيرانية في عرض عسكري – رويترز

*ماذا على دول الخليج والمملكة فعله؟

– برأيي الشخصي، دعم سياسة الأرض المحروقة التي ينتهجها ترامب تجاه ما يسميه صفقة أوباما، على الأقل في الفترة الحالية، وحتى موعد الانتخابات الأمريكية. وأيضاً دعم العقوبات الأمريكية على الشركات التي تنتج مكونات الأسلحة المصنوعة في إيران لغرض التصدير، أو حتى الأسلحة المصنعة خارج إيران لتصديرها إلى طهران. وهذا بالتأكيد سيضعف سلاسل الإمدادات العسكرية لإيران؛ لكن بالمقابل سيؤثر على مصالح روسيا والصين سلباً، دول الخليج تستطيع تخفيف هذا الأثر السلبي على الدولتَين، وأيضاً الاستفادة من تعاملاتها بهذا الخصوص مع الدولتَين.

ومن الطلبات الأساسية لدول الخليج ومصلحتها، أو على الأقل المؤثرة منها، أن تكون طرفاً (موحَّد) الجهود في أية عمليات تفاوضية أو إقناعية مستقبلاً؛ سواء أكانت خاصة بتمديد الحظر على السلاح أم بما يتعلق بمواجهة التهديدات الإيرانية للمنطقة بشكل عام، خصوصاً إبراز ضرر أفعال إيران على دول مثل روسيا والصين، وأن لا تكون هذه الدول، دول الخليج، طرفاً صامتاً وغير مشارك.

اقرأ أيضاً: من تاريخي إلى “كارثي”: قصة الاتفاق النووي مع إيران

*هل الولايات المتحدة تنسحب بشكل أكبر من المنطقة مؤخراً، ومن التزاماتها في المنطقة؟

– لا شك أن هناك انعكاساً لتزايد التهديدات في شرق آسيا على الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى تسارع تمحورها نحو آسيا. لكن باعتقادي أن بوسع دول المنطقة تحقيق التزام أمريكي قريب من واقع استراتيجية الهندوباسيفيك الأمريكية، والتي تنص على الحفاظ على وجود عسكري أمامي قادر على ردع أي خصم أو هزيمته، إذا لزم الأمر، عوضاً عما ذُكر في استراتيجية الأمن القومي الأمريكية (2017) الخاصة بالمنطقة؛ والتي تنص على الاحتفاظ بالوجود العسكري الأمريكي الضروري في المنطقة، لحماية الولايات المتحدة وحلفائها من الهجمات الإرهابية، والحفاظ على توازن قوى إقليمي مناسب.

*هل هناك مبالغة في آثار قرار رفع الحظر من جهة دول الخليج وتخويف غير مبرر لدول العالم من ذلك؟ فكيف ستستطيع إيران تمويل صفقات التسليح من روسيا والصين ونحن نتحدث عن أزمة اقتصادية طاحنة؟

– هذه سردية أو محاجة خاطئة لعدة أسباب؛ لكن من أهمها أن النظام في طهران لا يعتمد على قوات نظامية بل جل استثماراته العسكرية في حرسه الثوري والقوى الميليشياوية، وهذه ستستغل قرار رفع الحظر أتم استغلال بتطوير أسلحتها، واستجلاب القطع الضرورية لفعل ذلك، وهذا بالإمكان فعله دون كلفة مادية أو حتى زمنية كبيرة.

 اتبعنا على تويتر من هنا

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة