الواجهة الرئيسيةترجماتثقافة ومعرفةمجتمعملفات مميزة
الغرور حدّ العماء: هذه هي أسباب النرجسية وأنواعها
لماذا يثق النرجسيون بأنفسهم إلى حد كبير؟

ترجمة كيو بوست – أنس أبو عريش
الحاجة إلى الظهور كشيء مركزي هو أمر أساسي بالنسبة للأشخاص الذين لديهم قدر عالٍ من النرجسية.
هناك العديد من الطرق من أجل الظهور بمظهر جيد: الأولى أن تظهر جذابًا ومتألقًا دائمًا، والأخرى أن تظهر أنك قادر على إدارة كل شيء من حولك بكفاءة.
يمكن أن يكون الإنسان جازمًا حاسمًا في تفاصيل حياته، وهذا هو أحد أهم إستراتيجيات النرجسية. وتظهر دراسة حديثة نشرت عام 2017، جرت في جامعة ألباما، أن النرجسيين يرغبون دائمًا بالترويج لأنفسهم أمام الآخرين بطرق واثقة ومبالغ فيها.
ولكن، قبل كل شيء، علينا أن نعلم أن هناك شكلين من النرجسية:
- النرجسية المعرّضة للخطر: يشعر الأفراد المصابون بها بأن على الآخرين الاهتمام بهم بشدة، وبضرورة أن يلتفت الناس إليهم، بالتزامن مع مقاومة ضعف الذات لديهم من خلال دفع الناس إلى الإيمان بقوتهم.
- النرجسية المبالِغة: يشعر الأفراد فيها بتضخم حس الذات لديهم، ويؤمنون بأنه لا يمكنهم فعل أي شيء خاطئ. يشعر الأفراد في هذه الحالة أيضًا بأنهم يستحقون معاملة خاصة، ويتصرفون بعنف وبغضب مع أي شخص يحاول إحباط طموحاتهم أو حرمانهم من انتباه الآخرين لهم، الأمر الذي يعتبر بالنسبة لهم أمرًا مستحقًا لهم.
تجادل بعض النظريات العلمية بأن كلا النوعين تتسبب به ظروف معينة أو تجارب خاصة في الطفولة، من خلال تعامل والديهم القاسي أو الخشن معهم.
وتأتي أهمية الفرق بين النوعين في فهم الطريقة التي يحاول من خلالها كل طرف أن يثبت ذاته. في دراسة جامعة ألباما، تناقض الأشخاص المصابون بالنرجسية من النوعين في طريقة تعبيرهم عن ذواتهم، في 12 اختبارًا مختلفًا.
نرجسية الهجوم
يقول الفريق القائم على الدراسة إن الأشخاص الذين يعانون من نرجسية مبالِغة، لديهم نظام تحفيزي غير حساس، يقوم على التجاهل وعدم الاكتراث، عندما تتعرض صورتهم للسوء من الآخرين، فبدلًا من أن تكون لديهم حساسية مفرطة للدفاع عن أنفسهم يتجاهلون ولا يكترثون.
وبحسب الباحثين، يقوم هؤلاء باستغلال أي فرصة من أجل مهاجمة الآخرين والتقليل من شأنهم. وعادة ما يبذلون طاقتهم في مهاجمة الآخرين، بما يمكن أن يسمى “طريقة الدفاع عن النفس عبر الهجوم”.
وحينما يشعر هؤلاء بأنهم فعلوا خطأً ما، لا يعتذرون، بل يبحثون عن مبررات لسلوكهم توضح أن تصرفهم دليل قوتهم وليس العكس.
نرجسية الدفاع
الأمر يحدث بطريقة مخالفة في النرجسية المعرضة للخطر؛ إذ يكون هؤلاء عادة أشخاصًا عصبيين، ويشعرون بالعار، ويخافون من الرفض. عندما يهاجَمون، يدافعون عن أنفسهم، بطريقة غير حازمة، على عكس “النرجسية المبالغة”؛ يبررون أفعالهم، يقدمون التنازلات، وقد يتحدثون عن عوائقهم الذاتية (فمثلًا عندما يفشلون، قد يقولون إنهم لم يحاولوا بجدية فعل الشيء الذي فعلوه خطأ أو الذي فقدوه).
لكنهم على أي حال، يتجنبون الاعتذارات، لأن اعترافهم بخطئهم يعني أنهم أضعف وأضعف. وبدلًا من ذلك، يحاولون كسب التعاطف، وقد يظهرون أنفسهم ضعافًا حتى يحصلوا على ما يرغبون.
إستراتيجيات الحزم والدفاع
لننظر الآن إلى بعض الإستراتيجيات الحازمة مقابل الإستراتيجيات الدفاعية في التعبير عن الذات. التخويف: هو إحدى “التكتيكات” المستخدمة من النرجسيين المبالِغين، التي تتضمن عبارات مثل: (أنا أفعل أشياءً تجعل الناس يخافون مني، وبالتالي فهم يفعلون ما أريد). أما التنازلات التي يقدمها النرجسيون المعرضون للخطر فقد تشمل: (عندما أعتقد أنني لن أؤدي أمرًا ما بشكل جيد، أقدم الأعذار سلفًا). كما قد يقدم النرجسي المعرض للخطر التصريح الآتي: (لم أحضر نفسي جيدًا للامتحان، لأنني كنت منخرطًا بنشاطاتي الاجتماعية).
الفرق الذي اكتشفه الباحثون بين نوعي النرجسية هو الطريقة التي يقدم من خلال النرجسي نفسه؛ فهناك من يهاجم الآخرين من أجل إبراز نفسه كمتفوق على غيره، ووكشخص يستحق معاملة أفضل، حتى لو أدى ذلك إلى نتائج سلبية على نفسه، وهناك من يتجنب الظهور بمظهر سلبي أو سيء، ومستعد لأن يفعل أي شيء من أجل تجنب الظهور بمظهر الضعيف، وهذا ما يجعله يدافع عن نفسه بقوة حين يشعر بأنه في خطر. ولا يخاف هؤلاء من التقييم السلبي فقط، ولكن أيضًا يبحثون عن حماية شعورهم بالتفوق.
في المجمل، لا يسعى النرجسيون المبالِغون إلى تجنب تجاهل الآخرين لهم، ولكن فقط إلى الاستمتاع بالحد الأقصى من السعادة، بسبب حصولهم على الاحترام والقوة.
أما النرجسيون المعرضون للخطر فهم يسعون إلى تجنب النتائج التي ستنعكس بشكل غير مناسب على صورتهم الذاتية.
وبالنسبة للأشخاص الذين يتعاملون مع نرجسيين، تقترح الدراسة عليهم أن يكونوا حذرين -في التعامل معهم- من إستراتيجيات العرض الذاتي، التي تقوم على أساس التلاعب والخداع، سواء كانوا من نوع النرجسية المعرضة للخطر أو من نوع النرجسية المبالِغة.
وأنت، هل تتعامل مع أشخاص نرجسيين؟ هل أصبح بمقدورك الآن تشخيص حالاتهم؟ شاركنا التعليقات أدناه.
المصدر: سايكولوجي توداي