الواجهة الرئيسيةشؤون خليجيةشؤون عربية

العمل نحو سلامٍ في ليبيا.. على أرض أبوظبي

السلام بين الليبيين.. يبدأ في أبوظبي

كيوبوست

بعد قرابة عقد ونيف على بدء الثورة والحروب الأهلية والإقليمية في ليبيا، وبعد تهجير قرابة 270,000 نسمة ومقتل الآلاف، يبدو أن بصيصاً من الأمل يُطل على الليبيين أخيراً. الأمل لا يكمن فقط في التوفيق بين الأطراف المتصارعة، ومعالجة مخاوفها أو تقريب وجهات النظر بين هذا الطرف أو ذاك، أو إخراج القوى الخارجية المتنازعة من ليبيا؛ بل الأهم من ذلك هو إعادة الحياة إلى الدولة الوطنية في ليبيا.

السلام الليبي

من المُمكن تحديد تاريخ بداية الأمل الجديد في ليبيا، مارس 2021 لدى أداء المجلس الرئاسي الليبي الجديد وحكومة الوحدة الوطنية اليمينَ في العاصمة طرابلس. المجلس الرئاسي -الذي سيُختار محمد المنفي لرئاسته لاحقاً- وعد بالإشراف على إجراء انتخاباتٍ نزيهة في ديسمبر المقبل، وتسليم السلطة للطرف الذي سيفوز بها.

اقرأ أيضًا: لماذا يسعى إخوان ليبيا بشكل مستمر إلى عرقلة الانتخابات المقبلة؟

الكل في ليبيا والإقليم رحَّب بهذه التطورات، من حكومة الوفاق الوطني، إلى الجيش الوطني الليبي، والاتحاد الأوروبي، إلى الأمم المتحدة والدول المؤثرة؛ كأمريكا وفرنسا وبريطانيا ومصر وتركيا والجزائر. الإمارات دولة إقليمية وازنة، وحاضرة في ليبيا، وأصل هذا الحضور غير التقليدي هو الرغبة الإماراتية في حماية هذا الجزء من العالم العربي من التدخلات الأجنبية، وإن كان يُرافقها دعمٌ عربي وخليجي، وكذلك تأمين الحدود الغربية للبلد العربي المركزي؛ وهو مصر، وتبعاً لذلك منع أي طرفٍ إقليمي من تعقيد التحولات في جسد الدولة المصرية التي يشرف عليها الرئيس السيسي.

السيسي خلال لقاء زعماء القبائل الليبية – وكالات

تطور نوعي

ويشير الكاتب والإعلامي الإماراتي يوسف الحداد إلى أن العلاقات بين الإمارات وليبيا تشهد تطوراً مستمراً منذ قيام هذه العلاقات؛ لكنها دخلت مرحلة تطور نوعية فارقة منذ الزيارة التي قام بها محمد يونس المنفي؛ رئيس المجلس الرئاسي الليبي، إلى دولة الإمارات خلال الأيام القليلة الماضية؛ حيث شكَّلت هذه الزيارة محطة فارقة في مسار العلاقات ومنحتها قوة دفع إيجابية كبيرة، وذلك لأسبابٍ واعتبارات عدة؛ منها تنامي المصالح المشتركة، فضلاً عن تشارك القيم والمبادئ ووجهات النظر حيال قضايا وموضوعات إقليمية ودولية عديدة.

يوسف الحداد

وأضاف الباحث الإماراتي أن استقبال الشيخ محمد بن زايد، للمنفي يؤكد قوة الروابط وركائز العلاقات بين البلدين؛ حيث ناقشا خلال اللقاء علاقات التعاون والعمل المشترك في مختلف المجالات السياسية والأمنية والتنموية والاستثمارية والاقتصادية وفرص تطورها؛ بما يحقق تطلعات البلدَين وشعبيهما إلى التنمية والتقدم والازهار، ودعم دولة الإمارات للسلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا وما تقوم به لتحقيق الأمان والاستقرار في ليبيا، ويحافظ على سيادتها ووحدتها ويمنع التدخل في شؤونها الداخلية.

“توقيت الزيارة قد أسهم في تحديد الأولويات المطروحة للنقاش؛ وفي مقدمتها تطور العلاقات الثنائية بين البلدين، لذا كانت الزيارة بمنزلة مرآة تعكس مدى تقارب مواقف البلدين إزاء ملفات وقضايا عديدة، فضلاً عن رغبة قوية متبادلة في تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري بينهما”، حسب الحداد.

اقرأ أيضًا: أردوغان يفقد توازنه بعد تنديد الإمارات بالتدخلات التركية في ليبيا

دور إماراتي متزايد

تزايد الدور الإماراتي في المنطقة العربية بعدة ملفات؛ خصوصاً مواجهة الإرهاب حسب الكاتب الصحفي المصري المتخصص في الشأن الليبي علي طرفاية، الذي يقول لـ”كيوبوست” إن امتداد العلاقات الإماراتية- الليبية ووجود مشروعات مشتركة وعلاقات اقتصادية قوية راسخة منذ عقود، تجعل هناك اهتماماً إماراتياً بالملف الليبي ورغبة لدى أبوظبي في تحقيق استقرار داخل المجتمع الليبي في ظلِّ وجود العديد من المتشابهات بين البلدين؛ بما فيها المتشابهات الثقافية.

علي طرفاية

يشير طرفاية إلى وجود تنسيقات إماراتية- مصرية، ووجهة نظر مشتركة مرتبطة بدعم توحيد المؤسستين العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى خروج المرتزقة من الأراضي الليبية؛ وهو موقف عربي في إطار مواجهة الإرهاب والسعي نحو تعزيز الحل السياسي للأزمة الليبية، مؤكداً أن الإمارات تلعب دوراً كبيراً في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب في المنطقة مع أطرافٍ عربية أخرى.

الالتزام الإماراتي بعودة الحياة إلى الدولة الليبية يتمظهر في خطوات وإعلانات عدة؛ منها إعلان أبوظبي، قبل شهور، رغبتها ودعمها اللوجستي لعودة إنتاج وتصدير النفط الليبي تحت مظلة منظمة “أوبك”، أو وضع حدود صارمة أمام الاختراق التركي في ليبيا، أو التنسيق مع القوى المتوسطية القريبة منها؛ مثل فرنسا، والحديث المستمر مع قوى أخرى تختلف معها قليلاً، مثل إيطاليا.

استقبال ولي عهد أبوظبي رئيسَ المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، يأتي في هذا الإطار، وكذلك يأتي ضمن سلسلة متواصلة من الزيارات التي يجريها المجلس منذ إطلاقه. الدور الإماراتي في المستقبل الليبي لن يقتصر على أدوارٍ أمنية وعسكرية؛ بل سيكون له حضور بارز في مرحلة إعادة إعمار ليبيا، والشركات الإماراتية تنتظر الدخول بخبراتها، ولا شك أن هناك الكثير من تناقل الخبرات بين الطرفَين الليبي والإماراتي في ملفاتٍ؛ مثل النموذج الفيدرالي والحوكمة الإدارية، وطريقة إدارة الاقتصاد.

وزير الخارجية الإماراتي يستقبل نظيرته الليبية ويشرح لها بعض مشروعات بلده

تغير في سياسة الإمارات

ثمة دول كثيرة تلعب دوراً في الأزمة الليبية، حسب المحلل السياسي الليبي عبدالحكيم فنوش، الذي يقول لـ”كيوبوست” إن الإمارات تقوم بالتنسيق مع السلطة الليبية القائمة، والدول الفاعلة في الملف؛ من أجل دعم خارطة الطريق المتفق عليها في جنيف، والتي تؤدي في نهاية المطاف إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ديسمبر المقبل.

وأضاف فنوش أن زيارة المنفي إلى الإمارات مرتبطة بفكرة تنسيق المواقف مع الحكومة الإماراتية قبيل إجراء مؤتمر “برلين 2″، وفي إطار الجولات التي يقوم بها رئيس المجلس الرئاسي إلى الدول الفاعلة بالملف الليبي، مشيراً إلى أن الإمارات تقوم بالتنسيق مع هذه الدول أيضاً من أجل إحداث تغيير فعلي على الأرض في ليبيا، وبما يضمن انتقالاً سلساً للسلطة.

اقرأ أيضًا: “إخوان ليبيا” من جماعة إلى جمعية والسبب الانتخابات!

عبد الحكيم فنوش

بعد 10 سنواتٍ من النشاط الإماراتي في ساحات الإقليم الممتدة من اليمن إلى ليبيا، يبدو أن الإماراتيين يريدون الآن تغيير تعاملهم في هذه الملفات من منظورٍ يعتمد على توظيف القوة بصلابة؛ سواءً عبر السلاح والمال والإعلام، إلى الاتجاه نحو باقة متنوعة من المبادرات التي ترتكز على جهود الوساطة الدبلوماسية، وفتح قنوات الحوار مع جميع اللاعبين المهمين، من إسرائيل إلى قطر، وإرسال إشاراتٍ إيجابية بين الحين والآخر للاعبين آخرين، هذا التغير الإماراتي في مُقاربة وإدارة الملفات الإقليمية سينعكس إيجاباً على ليبيا؛ ولكن في نهاية اليوم لا تزال إعادة ترتيب أوضاع المنطقة في بداياتها، وهذا في ظلِّ إدارة أمريكية جديدة تريد أن تبتعد عن سياسات الرئيس السابق ترامب، وكما أننا رأينا محدوديات استخدام القوة الصلبة في عهد ترامب، فإننا قد نرى محدوديات توظيف الدبلوماسية في عهد بايدن.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة