ترجماتثقافة ومعرفةمجتمع
العلم وراء ابتسامة حديثي الولادة – هل هي إرادية أم فطرية؟
علماء: المولود الجديد يتفاعل اجتماعيًا منذ ساعات ميلاده الأولى

ترجمة كيو بوست –
“حديثو الولادة يستطيعون النوم بشكل إرادي من أجل الهروب من الضجة المزعجة، أو البكاء من أجل الحصول على مزيد من التحفيز والتفاعل. ويستطيعون كذلك تقليد الابتسامات في أول 36 ساعة من ميلادهم، ويمكنهم التعلم من التجارب السابقة اعتبارًا من يومهم الأول في الحياة”، هذا ما ذكرته أستاذة علم النفس في جامعة دندي الاسكتلندية، إيمسي نيغي، استنادًا إلى أبحاث ودراسات جديدة.
عدد قليل جدًا من الناس يستطيعون مقاومة الابتسامة عند رؤية مولود جديد، إذ تساورهم مشاعر إيجابية مثل الفرح والاهتمام، وهذا بالطبع ينطبق على الآباء الجدد. وجدت إحدى الدراسات أن الأمهات الجدد ينظرن إلى الأطفال بعمر 16 ساعة حوالي 80% من أوقاتهن، ويبتسمن بنسبة 34% من مدة ذلك الوقت.
اقرأ أيضًا: هل يختلف سلوك التوائم المتطابقة باختلاف أسلوب الحياة؟
في بعض الأحيان، يبتسم حديثو الولادة استجابة لمن يبتسم لهم، ما يخلق لحظة سحرية للوالدين، لكن سعادة الوالدين سرعان ما تتلاشى؛ اعتقادًا بأن ابتسامة الطفل غير حقيقية. حتى الكتب والمناهج الأكاديمية، تعتبر ابتسامة المولود الجديد لا إرادية ولا تعبر عن فرح وسعادة حقيقيتين. ولكن، هل هذه حقيقة؟
حتى النصف الثاني من القرن العشرين، اعتقد الخبراء أن سلوك حديثي الولادة لا إرادي، وأن لديهم قدرة محدودة على الشعور والتعبير عن المشاعر، نظرًا لعدم امتلاكهم خبرة اجتماعية كافية للتفاعل مع مقدمي الرعاية لهم. علاوة على ذلك، كان يُعتقد أن حديثي الولادة لا يشعرون بالألم بالطريقة ذاتها التي يعاني بها الكبار، وقد نبع هذا الاعتقاد من حقيقة خضوع حديثي الولادة لإجراءات جراحية دون استخدام التخدير أو المسكنات. ولم يدرك حتى أمهر الأطباء أن ضغوط الألم أدت إلى صدمات ومضاعفات هددت حياة الكثيرين من حديثي الولادة.
على مدى السنوات الخمس الماضية، تراكمت البيانات التي جمعتها الدراسات والأبحاث بشكل تدريجي، جميعها أشارت إلى أن حديثي الولادة أكثر من مجرد كائنات لا إرادية.
اقرأ أيضًا: للحوامل: لا تخافي إن شعرتِ بالتالي!
وقد وجد الباحثون أن حديثي الولادة مؤهلون بما يكفي لإدارة حالاتهم الذهنية بشكل منتظم؛ فعلى سبيل المثال، يستطيع الطفل النوم بشكل إرادي من أجل الهرب من الضجة المزعجة، أو البكاء من أجل الحصول على مزيد من الاهتمام والتحفيز والتفاعل. يستطيع حديثو الولادة كذلك تقليد الابتسامات في أول 36 ساعة من الحياة، كما يمكنهم التعلم من التجارب السابقة اعتبارًا من يومهم الأول في الحياة.
العلم وراء الابتسامة
يتساءل الناس عما إذا كان الأطفال حديثو الولادة كائنات ذات كفاءة اجتماعية، عندما يتعلق الأمر بمشاعر مثل السعادة والفرح. حتى عام 2000، كان يعتقد أن حديثي الولادة يبتسمون فقط استجابة لتشنجات العضلات أو انتصاب القضيب أو حركات الأمعاء أو المثانة، أو حتى بدون سبب على الإطلاق. ولا تزال معظم الدراسات والمناهج الأكاديمية -حتى القرن الواحد والعشرين- تشير إلى أن “أول ابتسامة اجتماعية” لا تحدث إلا بعد الشهر الثاني من الولادة.
تشير الدراسات الحديثة إلى أن ابتسامة الوالدين تولّد مشاعر إيجابية للمولود الجديد. وقد لوحظ أن الابتسامات في الأيام الأولى جاءت ردًا على تمسيد الخد أو البطن. وأشارت دراسات أخرى إلى أن المواليد الجدد يبتسمون استجابة للروائح المنعشة، وكذلك للمذاق الجيد. كان يعتقد علماء الماضي أن الابتسامات مجرد ردود فعل فطرية، ولم يدركوا أنها عاطفية – اجتماعية حقيقية.
ووجد باحثون آخرون أن ابتسامة الطفل الحديث لا تقتصر على عضلات الفم فقط، بل تشمل كذلك حركات الأيدي والأرجل. قام علماء بتحليل حركات الوجه الدقيقة، من خلال نظام ترميز مخصص، ووجدوا أن ابتسامة المولود الجديد مصحوبة في معظم الأحيان بحركات الخد والعين والأيدي والأرجل.
اقرأ أيضًا: 4 خطوات تمكنك من الحصول على أسنان بيضاء
وجدت أبحاث أخرى أن المولود الجديد يبتسم أضعاف ما يبتسم وهو نائم، ما يعني أنها ابتسامات اجتماعية قائمة على تفاعلات مع المحيط، وليست فطرية. ولوحظ كذلك أن حديث الولادة يحرك الخدين والحاجبين قبل البدء بالابتسامة، كما لو أنه يركز اهتمامه على وجه مقدم الرعاية له. كل ذلك يعني أن ابتسامات المولود الجديد هذه اجتماعية حقيقية إرادية، وليس كما كان يعتقد سابقًا.
وبحسب خبراء، يتعلم حديثو الولادة “قوة الابتسامة” وتأثيرها على الوالدين في سن مبكرة، بل يمتلكون قدرة على تنظيم سلوك آبائهم؛ فعلى سبيل المثال، إذا كان الطفل على اتصال بالعينين، ويبتسم، فمن المحتمل أن يبتسم الوالدان استجابة لذلك، ما يجعل الابتسامة وسيلة الطفل للسيطرة على سلوك أبويه.
تأثير ابتسامة الطفل على الأم
أظهرت دراسات أن الأمهات يتأثرن بشدة بابتسامات أطفالهن، حتى على المستوى العصبي. قامت إحدى الدراسات بقياس نشاط الدماغ في الأمهات باستخدام تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (FMRI)، ووجدت أن رؤية الأم لابتسامة طفلها تؤدي إلى تعزيز الأنشطة بشكل هائل في مناطق الدماغ الخاصة بالمشاعر، بما فيها اللوزة الدماغية والجهاز الحوفي، وكذلك مناطق الدماغ الدوبامينية، المعروفة باسم “نظام المكافئة” في الدماغ.
المصدر: مجلة “نيوز ويك” الأمريكية