الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفةشؤون عربية

جمال الدين القاسمي.. فقيه العربية والعلوم الدينية

كيوبوست- زيد قطريب

جمال الدين بن محمد سعيد بن قاسم الحلاق القاسمي، وُلد وتوفي في دمشق سنة “1283- 1332هـ\1866- 1914م”. يُعتبر من العلماء البارزين في بلاد الشام في النصف الأول من القرن الرابع عشر الهجري. جمع بين الفقه والأدب، ودعا للتمسك باللغة العربية، وشهدت حياته تبدلات وأحداثاً كثيرة، فقد بدأ شافعياً وانتهى سلفياً. كما كتب الشعر ثم ابتعد عنه اعتراضاً على أغراض الشعر، وفي مقدمتها المديح والهجاء.

ورغم وفاة القاسمي مبكراً قبل بلوغه الخمسين من العمر، إلا أن مؤلفاته بلغت نحو المائة كتاب ورسالة، منها كتاب “محاسن التأويل” و”قواعد التحديث في مصطلح الحديث“، و”إصلاح المساجد من البدع والعوائد”، وتاريخ الجهمية والمعتزلة”، و”الفتوى في الإسلام” و”موعظة المؤمنين” وغيرها.

جمال الدين القاسمي

بدأ القاسمي في تأليف كتاب “محاسن التأويل” وعمره ثلاثة وثلاثون عاماً، وأنهاه قبل وفاته بثلاث سنوات، وقد بلغ سبعة عشر مجلداً في طبعته الأولى.

في عام 1308، انتُدب القاسمي لإلقاء الدروس في المدن والبلدات السورية، واستمر في ذلك أربع سنوات، زار بعدها المدينة المنورة والمسجد الأقصى ومصر، وعند عودته، اتُهم بتأسيس مذهب في الدين سمّوه المذهب الجمالي، فوُضع في السجن، لكنه أثبت براءته وخرج.

نشأ القاسمي على المذهب الشافعي والعقيدة الأشعرية والطريقة النقشبندية، ثم انتقل إلى السلفية، وقد تلقى انتقادات من السلفيين نتيجة مؤلفاته السابقة مثل ثنائه على الشيخ محيي الدين بن عربي، ودفاعه عن الجهم بن صفوان في كتابه “تاريخ الجهمية”، إضافة إلى ميله للتقريب مع الشيعة.

الجامع الأموي في دمشق- فيسبوك

ويقول محمود مهدي الإستانبولي في كتابه “شيخ الشام جمال الدين القاسمي”: كتب جمال الدين القاسمي الشعر، لكنه لم يرد أن يسترسل به، لأن أغراض الشعر إما المديح أو الهجاء. وهو لم يرد أن يكون مدّاحاً ولا هجّاءً.

غلاف كتاب “شيخ الشام جمال الدين القاسمي”

تأثر جمال الدين القاسمي، بمحمد عبده ورشيد رضا، ورغم أن البعض لاحظ عليه كثرة النقل والجمع، إلا أن ذلك كان طبيعياً في عصره، حيث كان يحرص على إيراد محتوى المراجع، نظراً لعدم توفرها لدى جميع طلاب العلم.

 قال عنه شكيب أرسلان في مقدمة كتاب “قواعد التحديث”: “وإني لأوصي جميع الناشئة الإسلامية التي تريد أن تفهم الشرع فهماً ترتاح إليه ضمائرها، وتنعقد عليه خناصرها، ألَّا تقدم شيئاً على قراءة تصانيف المرحوم الشيخ جمال القاسمي”.

 وقال الشيخ رشيد رضا في مجلة المنار: “هو علّامة الشام، ونادرة الأيام، والمجدد لعلوم الإسلام، محيي السنة بالعلم والعمل، والتعليم والتهذيب والتأليف..”.

مجلة المنار

ويشير الباحث أسامة شحادة، في دراسة عن القاسمي، إلى التنكيل الذي تعرض له من قبل حكومة الاتحاد والترقي في عهد السلطان عبد الحميد، يقول: “اتهم القاسمي والبيطار بالتحريض على تأسيس جمعية النهضة السورية المناهضة لحكم الاتحاديين والمطالبة بالاستقلال الإداري وقيام حكومة عربية، وأنهم على صلة بأمراء نجد، فأنكر هذه التهمة وبين عدم صلته بجمعية النهضة التي كان رئيسها محب الدين الخطيب، وسكرتيرها صلاح القاسمي شقيقه الأصغر”.

حياة جمال الدين القاسمي كانت قصيرة، لكنها تمخضت عن العديد من المؤلفات المتنوعة في شتى العلوم الإسلامية التي لا تخلو من الانتقادات خاصة ناحية الإكثار من الجمع والنقل، إلى جانب مواقفه المتباينة خلال حياته القصيرة التي بدأها شافعياً ذا ميول أشعرية حتى أصبح واحداً من أعلام السلفية في الثلث الأول من القرن العشرين.

اتبعنا على تويتر من هنا

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

زيد قطريب

كاتب وصحفي سوري