الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

“العدالة والتنمية” و”حركة الإصلاح” .. “مجرة الإخوان” في المغرب

المغرب ـ حسن الأشرف

كثيرا ما تثار قضية العلاقة بين حزب العدالة والتنمية وبين حركة التوحيد والإصلاح (الدعوية) في المغرب، هل هي علاقة تمايز وانفصال أم علاقة تماهي واتصال، خصوصا عندما يتم اتهام حزب “الإخوان” بنيل دعم الحركة الدعوية لدى القواعد والأنصار في السياسة والانتخابات، أو اتهام الحركة بإمداد الحزب بكوادر تمارس السياسة وتدخل إلى الانتخابات وتلج مفاصل الدولة.

وانبثقت حركة التوحيد والإصلاح التي تعرف نفسها بكونها حركة دعوية إصلاحية وتربوية، من توحد فصيلين إسلاميين سنة 1996، هما حركة الإصلاح والتجديد ورابطة المستقبل الإسلامي، جراء ما تعتبره الحركة “مراجعات ممهدة”، من قبيل القطيعة مع مطلب إقامة “الدولة الإسلامية”، والانتقال من التنظيم “الجماعة” إلى التنظيم “الرسالي”.

اقرأ أيضا: تناقض الجناحين السياسي والدعوي للإخوان المسلمين في المغرب بسبب التطبيع!

وتأرجحت علاقات وصلات الطرفين (الحزب والحركة) بين احتضان واضح المعالم، مرورا بما يسميه البعض تمايزا، انتهاء بما يعتبره آخرون “طلاقا” بينهما، استنادا إلى تعديل الميثاق المؤسس للحركة في صيف 2018، عندما قررت قيادات الحركة الدعوية “تطليق السياسة”، والتركيز على الطابع التربوي والإصلاحي للتنظيم.

هذه التحولات في العلاقة بين حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح يراها محللون ّمجرد كلام يصلح للاستهلاك الإعلامي” فقط، ذلك أن التأثير والتأثر بين الطرفين قائم إلى يومنا هذا، باعتبار أن إسلاميي العدالة والتنمية لا ينفصلون عن إسلاميي الحركة، وأنه لا يمكن الفصل بينهما في شتى مجالات العمل، سواء في السياسة أو القطاعات المجتمعية المختلفة، باعتبارهم يكونون “مَجرة إسلامية” قائمة الذات.

قيادات “العدالة والتنمية” في إحدى فعاليات الحزب- وكالات

تمايز وانفصال

وتعتبر سواء قيادات “حزب الإخوان” بالمغرب أو قيادات حركة التوحيد والإصلاح أن ما تسيمه “التمايز الوظيفي” بين الطرفين هو تحصيل حاصل للمتغيرات والتحولات السياسية والإيديولوجية والتنظيمية التي عرفتها الحركة بالخصوص.

سعد الدين العثماني

هذا التمايز يشرحه الدكتور سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة السابق الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، بأنه ترجمة للاستقلالية الكاملة للمؤسسات والهيئات المقررة والمسؤولة داخل الحزب عن تلك التي تسير الحركة، بشكل يمنع الهيمنة لطرف على آخر.

ويرى العثماني، الذي يعتبره الكثيرون مُنظرا لعلاقة التمايز بين الحزب والحركة، أن هذه العلاقة تتسم بنوع من الالتقائية في الأهداف والغايات، رغم اختلاف الأدوات التي يشتغل عليها كل طرف، فالحزب يتابع ويقرر في التفاصيل السياسية بما ييسر لك التموقع بشكل إيجابي وجيد في المشهد السياسي للبلاد، بينما الحركة تنظر إلى الأمور بشموليتها استنادا إلى طابعها الدعوية والإصلاحي.

اقرأ أيضاً: المغاربة يدكون آخر حصون الإخوان المسلمين في المنطقة العربية

وفي إحدى مقالات العثماني التي يقوم فيها بالتنظير لعلاقة التمايز تلك، يؤكد على ضرورة “تمكين العمل الدعوي من أن يسير دون أن يخضع بشكل مباشر لتقلبات العمل السياسي أو إكراهاته أو حاجاته، وأن يمضي العمل السياسي في طريقه دون أن يؤثر في المجمل على العمل الدعوي”.

هذا التمايز، وفق قيادات الحركة والحزب أيضا، انتقل إلى تمايز كامل يصل إلى حد الانفصال أو “الطلاق السياسي”، بالنظر إلى الميثاق المعدل للحركة الذي تعمد تغييب الحديث عن “العمل السياسي” في مجالات العمل، والتي حددها أساسا في الدعوة والتربية ومجالات العلوم والفكر.

المؤتمر الاستثنائي لحزب العدالة والتنمية- “طنجة 24”

لكن هذا الطرح يجد ما يناقضه، وفق مراقبين، عندما اجتمعت بعض قيادات من حزب العدالة والتنمية بقياديين في حركة التوحيد والإصلاح، قبيل خوض الحزب للانتخابات التشريعية ليوم 8 سبتمبر الماضي، والتي مني فيها بهزيمة مدوية غير مسبوقة في تاريخ الحزب الإسلامي.

والتقت قيادات من الطرفين معا قبل انعقاد المؤتمر الاستثنائي لحزب العدالة والتنمية، وهو ما اعتبره البعض طلبا من الحزب للحركة لدعم تنظيم هذا المؤتمر، غير أن الحركة خرجت لتؤكد أن “التحضير أو الإعداد للمؤتمر الاستثنائي للحزب، شأن خاص به ولا تتدخل فيه الحركة وهيئاتها بأي شكل من الأشكال”.

اقرأ أيضا: عندما يُطوع “الريسوني” المقاصد الشرعية لخدمة السياسة

مَجَرّة إسلامية

بالمقابل يعتبر منتصر حمادة، مدير مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث بالرباط، أنه سواء تعلق الأمر بحركة التوحيد والإصلاح أو حزب العدالة والتنمية، فالأمر يهم مشروعا إسلاميا حركيا، ينهل من مرجعية إخوانية”.

منتصر حمادة

ويؤكد الخبير في الحركات الإسلامية أن ” هذا المشروع أو التصور المجتمعي المؤسس على أرضية دينية إيديولوجية إخوانية،  يشبه مَجَرّة [Galaxy] تضم عدة كواكب.

ويشرح بالقول “ضمن هذه المجرة كوكب شغله الشاغل العمل السياسي، الذي يتجسد في الواجهة الحزبية، أي حزب العدالة والتنمية، وكوكب شغله الشاغل العمل الدعوي، أي حركة التوحيد والإصلاح، وهكذا الحال مع باقي الكواكب التي تشتغل على المجالات أو القطاعات النقابية، البحثية، الإعلامية، النسائية، الطلابية، الرقمية.. إلخ.

ويشدد حمادة على أن العلاقة بين الحركة والحزب علاقة بنيوية، لا تخرج عن الخضوع للمنطق الذي يعمل لصالح أهداف المَجَرّة”، مبرزا أن الحديث عما يُسمى التمايز أو الفصل أو أخذ مسافة، هو خطاب موجه للاستهلاك الإعلامي والبحثي وغيره، لاعتبارات عدة”.

أهم هذه الاعتبارات، يكمل حمادة، يتمثل في أن أتباع المشروع أنفسهم لا يعملون به، بدليل وجود عدة حالات لقياديين يجمعون بين مناصب في الحركة والحزب، بل منهم من كان يجمع بين مناصب في قطاعات أخرى، لأنهم قادة أو في صلب صناعة القرار الخاصة بالمَجَرّة”.

اقرأ أيضا: التسويق المقدس: الإسلامويون بين الدعوي والسياسي

ويضيف الخبير ذاته اعتبارا آخر، وهو أن كواليس المَجَرّة لا تؤمن بموضوع التمايز هذا، إلا إن كانت تدافع عن “علمانية إسلامية حركية”، أي علمانية تروم فصل العمل الدعوي عن العمل السياسي، وهذا محال” وفق تعبيره.

ولفت المتحدث إلى أنه “يكفي تأمل أداء جميع أعضاء المَجَرّة سالفة الذكر، كلما تعلق الأمر بالتفاعل مع بعض أحداث الساحة، محليا وإقليميا، من قبيل الاستحقاقات الانتخابية، حيث يصبح الخطاب موحدا، ولا تمايز فيه بين عضو المَجَرّة الذي يشتغل في المجال الدعوي، والعضو الذي يشتغل في المجال الحزبي وباقي أعضاء المَجَرّة..

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

حسن الأشرف

صحفي مغربي

مقالات ذات صلة