الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
العالم يحترق منذ عدة أشهر.. وهكذا يبدو المشهد

كيوبوست- ترجمات
كيارا نوغنت♦
ألسنة النار تضيء التلال في منطقة بريتش كولومبيا، والدخان يخيم على الطرقات السريعة المؤدية إلى أثينا، وبركة سباحة يحيط بها الركام والرماد في كاليفورنيا، وغابات كثيفة أُبيدت وتفحمت.
دول عديدة في نصف الكرة الأرضية الشمالي تشهد هذا الصيف أسوأ موجة حرائق منذ سنوات من التاريخ المسجل؛ حيث التهمت النيرات مساحات شاسعة من الأراضي وبلدات بأكملها، في أوروبا وأمريكا الشمالية وروسيا، منذ بداية شهر يوليو الماضي.
اقرأ أيضاً: حرائق غابات الأمازون.. الطبيعة في مواجهة الاقتصاد
ومع أن العديد من هذه الدول ليست غريبة عن حرائق الصيف، فإن تغير المناخ يزيد من تأثير وشدة الظروف الحارة والجافة التي تساعد الحرائق على الانتشار.

في المناطق الغربية من الولايات المتحدة، جاء الصيف بموجات حر شديدة في أعقاب عامَين من الجفاف وشح الأمطار. وفي منتصف يوليو اندلعت الحرائق في أجزاء من أوريغون وكاليفورنيا قضت مجتمعةً على ما يزيد على 230,000 هكتار؛ وهي جزء من مليون هكتار التهمتها النيران على مستوى البلاد هذا العام.

في مطلع يوليو الماضي، أصبحت مقاطعة بريتيش كولومبيا الكندية رمزاً للدمار الشديد الذي يمكن أن تسببه حرائق الغابات؛ حيث أصبحت قرية ليتون الصغيرة لفترة وجيزة واحدة من أكثر بقاع الأرض حرارة، كما سجلت درجات الحرارة في كندا 49.5 درجة مئوية، قبل أن تندلع حرائق هائلة في المدينة، وتدمر أكثر من 90% من مبانيها تاركةً دقائق قليلة للسكان للفرار.

وتعاني دول جنوب أوروبا المتوسطية هذا الشهر أسوأ موجة حر تضرب المنطقة منذ عقود من الزمن. ووصلت درجة الحرارة في إحدى بلدات شمالي اليونان إلى 47.1 درجة مئوية. وضربت الحرائق في جنوبي البلاد مناطق سكنية في محيط العاصمة أثينا، وأجبرت الناس على الفرار إلى وسط العاصمة التي لفها الدخان الكثيف.

وفي تركيا، أحرقت أسوأ الحرائق التي سجلت في البلاد أكثر من 11,000 هكتار من الغابات، وأودت بحياة ثمانية أشخاص معظمهم من بلدة مانافغات الجنوبية. وقد أثار الدمار الذي خلفته الحرائق سخط المواطنين على الحكومة التركية التي تعثرت في مواجهة الحرائق، واعترفت بأن طائرات مكافحة الحرائق لديها كانت معطلة.

وفي إيطاليا، التي شهدت هذا الأسبوع نحو 800 حريق في عدة مناطق، هرع المصطافون في المنتجعات السياحية قرب مدينة بيسكارا على الساحل الشرقي، عندما اندلع حريق كبير في غابة مجاورة في الأول من أغسطس الجاري.
اقرأ أيضاً: حتى 2030 فقط.. الكوكب أمام فرصة أخيرة للنجاة من كوارث التغير المناخي
وعلى مسافة ألفَي ميل شمالي البحر المتوسط، في شمال فنلندا -حيث تندر حرائق الغابات- التهمت النيران نحو 300 هكتار من الغابات في حوض نهر كالايوكي في الأسبوع الأخير من يوليو الماضي، في أسوأ حريق تم تسجيله منذ عام 1971.

اندلعت بعض أكثر الحرائق إثارة للقلق في العالم من ناحية السيطرة على التغيرات المناخية على بعد آلاف الأميال شرقي فنلندا في منطقة ياقوتيا السيبيرية الروسية، حيث احترق أكثر من 4.2 مليون هكتار منذ مطلع هذا العام، ويخشى العلماء من أن هذه الحرائق تدمر الأراضي الرطبة، وتتسبب في ذوبان طبقات من التربة الصقيعية؛ مما قد يتسبب في انطلاق كميات هائلة من غاز الميثان الذي يعتبر أحد الغازات الدفيئة القوية. في الرابع من أغسطس الجاري، قالت وكالة كوبرنيكوس لمراقبة الغلاف الجوي التابعة للاتحاد الأوروبي، إن حرائق هذه المنطقة قد أطلقت ما يعادل 505 ميغا أطنان من ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي، متجاوزةً الرقم القياسي المسجل في العام الماضي طيلة موسم الحرائق، والذي بلغ 450 ميغا طناً.
كل ذلك يمكن أن يعرضنا إلى الوقوع في خطر دائرة مدمرة؛ فالغازات الدفيئة التي أطلقتها حرائق الغابات هذه -إلى جانب النشاطات البشرية الأخرى؛ بما في ذلك حرق الوقود الأحفوري- ستستمر في التسبب في ارتفاع درجات الحرارة في السنوات القادمة، وعندها ستصبح الظروف أكثر ملاءمة للحرائق التي سوف ترفع بدورها درجات الحرارة. وإذا تمكنا من خفض انبعاثاتنا بسرعة كبيرة ووضعنا برامج لتجديد المنظومات البيئية الطبيعية، وطورنا قدراتنا على منع ومكافحة حرائق الغابات، فربما سنتمكن عندها من كسر تلك الدائرة يوماً ما. ولكن حتى ذلك الوقت، ربما سيكون هنالك العديد من مواسم الحرائق المشابهة.
♦مراسلة صحيفة “التايم”، مقيمة في لندن.
المصدر: صحيفة التايم