شؤون خليجيةشؤون عربية

“الطريق الى منهاتن”.. ثمة يد قطرية متورطة

يكشف وثائقي بثته قناة “سكاي نيوز”، حجم تورط دولة قطر، ليس بدعم الارهاب فحسب، إنما احتضانه مكانيا ولوجستيا، ليبدو موقفها من التهم الموجهة لها في الازمة الخليجية الحالية كالنعامة التي تضع رأسها في الرمال.

يظهر الوثائقي في 40 دقيقة، أن قطر شكلت ملاذا آمنا لأحد جنرالات الإرهاب العالمي، والحديث يجري عن الإرهاب القاعدي، الذي بدأ بتفجيرات جريئة وانتهى إلى قطع الرؤوس، وليس “الارهاب” الذي يدعيه الغرب، ورأت قطر طوق نجاتها أمام الشعوب في المفاخرة بدعمه، والحديث عن حركة حماس.

رغم أن الدعم القطري لحماس لم يكن نظيفا، إنما يواجه تهمة تغذية الانقسام الذي غير مجرى القضية الفلسطينية على مدار 10 سنوات.

‎ففي مقابل الخطاب الذي ابدعت فيه قناة الجزيرة باستدعاء لقطات فيديو من مباريات كرة قدم واُخرى لسيارات دفع رباعي “تفحط” في الصحراء، وإسقاطها على ما يبدو لها مؤامرة ضد قطر، هناك حقيقة ثابتة لا تغطى بغربال ورد جزء منها في وثائقي “الطريق الى منهاتن” لقناة سكاي نيوز، ابطاله خالد الشيخ محمد، ومحمد بن خالد ال ثاني، هذا الثنائي الذي شكل نواة هجمات 11 سبتمبر.

ولد خالد شيخ محمد في الكويت لأبوين باكستانيين وترعرع في أسرة تنتمي للإخوان المسلمين، قبل ان يتوجه الى الولايات المتحدة ويعود منها بنظرة عنصرية متشددة تجاه الغرب، بعد إنهاءه الهندسة الميكانيكية في جامعة نورث كارولينا.

بدأت كرة الارهاب تتدحرج، عندما سافر “شيخ محمد” الى أفغانستان للمشاركة في الحرب ضد الاحتلال السوفييتي والتقى عبد رسول سياف زعيم حزب الاتحاد الاسلامي، الذي يعتبر الأب الروحي لأسامة بن لادن، لينضم شيخ محمد حينها لتنظيم القاعدة.

بداية التورط القطري

ويورد الوثائقي الذي استند على جملة مقابلات مع خبراء امريكيين في مكافحة الإرهاب وضباط سابقين، أن بداية الانزلاق القطري الى الغرق فعليا في مستنقع دعم الارهاب كانت بنشوب علاقة بين “شيخ محمد” ووزير الأوقاف القطري عبد الله بن خالد آل ثاني الذي دعم الأول ماليا حتى شكل شبكة قوية، في عدة دول.

ووفر الوزير القطري الغطاء اللازم على خطط “شيخ محمد” بعد اول لقاء بينهما في قطر، اذ عرض الاول على الثاني وظيفة مهندس في المؤسسة القطرية للكهرباء، فاستقر الاخير في قطر بين عامي 1992- 1996، وبدأ يخطط لهجمات ضد الولايات المتحدة، وشرع بتمويل جماعات ارهابية في باكستان مستعينا بإبن اخته رمزي يوسف المولود ايضا في الكويت لأبوين باكستانيين.

“وزير الأوقاف وفر طائرة خاصة لخالد شيخ محمد للقاء رمزي يوسف الذي كان يحضر للهجمات ضد الولايات المتحدة”، يقول الوثائقي بناء على ما كشفته التحقيقات مع شيخ محمد بعد القبض عليه.

وبالفعل وقع في فبراير عام 1993 تفجير في مرآب سيارات داخل برج التجارة العالمي بالولايات المتحدة، اسفر عن 6 قتلى.

واستمرت العلاقة بين الثنائي “شيخ محمد” ووزير الأوقاف القطري الذي اصبح لاحقا وزيرا للداخلية. واعترف “شيخ محمد” لاحقا بانه لم يكن يمارس مهنته في قطر بغطاء من وزير الأوقاف.

قوة FBI تدخل قطر

في أول محاولة للقبض على خالد شيخ محمد توجه فريق من الاف بي اي الامريكي الى قطر بعد مماطلة قطرية استمرت أسابيع، لكنهم عندما توجهوا لشقة خالد شيخ محمد بعد عملية رصد طويلة وجدوها فارغة.

تقول مستندات الاستخبارات الامريكية ان وزير الأوقاف القطري أبلغ خالد شيخ محمد عن التحركات الامريكية ومنحه جواز سفر قطري ونقله عبر طائرة خاصة الى خارج البلاد.

“جميع السياسيين في النخبة القطرية كانوا مسؤولين عن جميع العمليات الإرهابية التي نفذها خالد شيخ محمد”، يقول مدير مؤسسة غلوبال سترات للدراسات أوليفر غيتا، معتبرا ان الفضيحة كانت وشيكة لان “العلاقات التي دامت لسنوات بين وزير الأوقاف وخالد شيخ محمد كانت ستتكشف لو تم اعتقال شيخ محمد، اذ كان يتعين عليه حينها ان يكشف مصدر تمويله، وكان بالطبع قطر”.

اشرف “شيخ محمد” على عدة هجمات منها في منتجعات بإندونيسيا واُخرى على مصالح أمريكية في اكثر من دولة.

لكن رغبة تنفيذ هجمات كبيرة ضد الولايات المتحدة لازمته منذ هروبه من قطر، الى حين التقى في اليمن مع رمزي بن الشيبة وهو احد أعضاء القاعدة وموظف بأحد المصارف، وتوجه الاثنان الى ألمانيا بحثا عن اشخاص يجيدون قيادة طائرة.

“في مارس عام 2000 تم حصر 4 اسماء لطلبة في الجامعات الألمانية أبدوا الاستعداد”، يقول الوثائقي.

ثم يطرح التساؤل عن مدى تورط قطر المباشر بهجمات 11 سبتمبر، من خلال خالد شيخ محمد.

الطلبة الأربعة الذين التقاهم خالد شيخ محمد في ألمانيا

الانقلاب الأول والتمويل

فيما بعد، لعب الوزير القطري عبد الله بن خالد عاملا رئيسيا في إنقلاب حمد بن خليفة على والده عام 1995، فتمت مكافئته بتعيينه وزير دولة للشؤون الداخلية عام 1996، وفي عام 2001 تم تعيينه وزيرا للداخلية حتى عام 2013.

وخلال فترة توليه المنصب الجديد، أشرف وآخرون من نخبة قطر المالية والسياسية على تمويل جماعات إرهابية يشتبه أنها ترتبط بجبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة في سوريا.

ومن هؤلاء الشخصيات: عبد الرحمن النعيمي المصنف على قوائم الارهاب الأمريكية بتهمة تمويل الارهاب، وقد قدم المال لتنظيم القاعدة في العراق وعدد من التنظيمات المرتبطة، وخليفة محمد تركي السبيعي، الذي كان قد دعم خالد شيخ محمد ماليا من أموال جمعيات تعمل تحت غطاء “التبرعات الخيرية”.

وقد كان يعمل في البنك المركزي القطري قبل أن يسجن بقرار محكمة قطرية، لكن اطلق سراحه بعد 6 اشهر فقط.

وتواجه قطر اليوم تهم بدعم الارهاب المتجدد مع انطلاق الربيع العربي، وتحاول إخراج الأزمة من سياقها العربي بإظهار التحالف مع واشنطن ضد الارهاب. في حين تواظب قنواتها الإعلامية على تلقف التصريحات الامريكية حول الازمة، بحثا عن النجاة.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.