الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
الصين في وضع الهجوم.. كيف غيرت حرب أوكرانيا استراتيجية بكين؟

كيوبوست- ترجمات
قالت مجلة “فورين أفيرز” إن الصين بدأت في استعادة توازنها إلى حد كبير، بعد ما يقرب من ستة أشهر من اندلاع الحرب الروسية- الأوكرانية، مع عدم وجود نهاية تلوح في الأفق؛ حيث لم تتحقق -بعد- مخاوفها المبكرة من أن الحرب ستزيد بشكل كبير من إجمالي الإنفاق الدفاعي الأوروبي.
اقرأ أيضاً: صورة الصين السيئة تقوض أهدافها الاستراتيجية
ورغم أن الصين تفضل أن تنتهي الحرب بانتصار روسي واضح؛ فإن ثاني أفضل خيار لها هو رؤية الولايات المتحدة، وأوروبا، تستنفدان عتادهما العسكري لدعم أوكرانيا.
وأكدت المجلة أن الصين تشعر بالقلق من أن الولايات المتحدة قد تستغل التصدع الحالي؛ لبناء تحالفات اقتصادية أو تكنولوجية أو أمنية؛ بغرض احتوائه. وهي تعتقد أن واشنطن وتايبيه تتعمدان إثارة التوتر في المنطقة؛ من خلال ربط الهجوم على أوكرانيا مباشرة بأمن تايوان وسلامتها.

وبدا واضحاً أن بكين تُعيد النظر في توجهاتها، على أكثر من صعيد، وعلى أعلى مستوى؛ فقد كشفت الصين النقاب -في وقت سابق من هذا العام- عن إطار عمل استراتيجي جديد، أطلقت عليه اسم “مبادرة الأمن العالمي”. وعلى الرغم من أنه لا يزال في مراحله الأولى؛ فإنه يعزز عدة خيوط لتصور بكين المتطور بشأن النظام العالمي.
والأهم من ذلك، أنه يشير إلى محاولة الرئيس الصيني تقويض الثقة الدولية في الولايات المتحدة؛ باعتبارها الجهة الملتزمة بضمان الاستقرار الإقليمي والعالمي، وخلق منصة؛ يمكن للصين من خلالها تبرير توسيع نطاق شراكاتها الدولية.
اقرأ أيضاً: هنري كيسنجر: لا ينبغي لتايوان أن تكون في قلب المفاوضات بين الصين وأمريكا
وأشارت المجلة المتخصصة في السياسة الدولية، إلى أن بكين تواصل تقديم نفسها كمبدع ورائد في الحوكمة العالمية للقرن الحادي والعشرين؛ فمنذ الطرح الأوَّلي لمبادرة الأمن العالمي؛ أصبحت من البنود الرئيسية التي يتم تضمينها في قراءات الاجتماعات للمشاركات الصينية الثنائية ومتعددة الأطراف، عبر جنوب شرق آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، وهو دليل على أن بكين تضغط من أجل التطبيع الدبلوماسي لمبادرتها الجديدة، وبالتالي إدراجها ضمن إطار لغة الحوكمة العالمية.

وفي إطار إعادة النظر في توجهاتها بعد الغزو، تسارع الصين أيضاً إلى تعزيز شراكاتها مع البلدان التي تقع خارج المعسكر الغربي. ففي مايو الماضي، عقد وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، اجتماعاً لوزراء خارجية مجموعة “بريكس” ضم تسعة ضيوف إضافيين؛ من بينهم المملكة العربية السعودية والإمارات.
اقرأ أيضاً: يجب على بايدن إرضاء السعودية.. وإلا ستكسب الصين
وفي الشهر التالي، دعا شي بينغ؛ بوصفه المضيف لقمة مجموعة بريكس، إلى توسيع المجموعة، واقترح بذل جهود تعاونية جديدة بشأن الاقتصاد الرقمي والتجارة والاستثمار، وسلاسل التوريد. كما دعا 13 من قادة العالم من خارج المجموعة؛ للمشاركة في حوار رفيع المستوى، حول التنمية العالمية مع دول المجموعة؛ من بينهم الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، ورئيس الوزراء الكمبودي هون سين.
ولم يمضِ وقت طويل حتى تقدمت الأرجنتين وإيران رسمياً بطلب للانضمام إلى مجموعة بريكس، كما أعربت مصر والمملكة العربية السعودية وتركيا عن اهتمامها بالقيام بذلك أيضاً.

وبالمثل، فإن مدى قدرة الصين على الاستفادة من علاقتها الوثيقة مع باكستان والسعودية؛ لحشد الدعم بين الدول الإسلامية، بما في ذلك منظمة التعاون الإسلامي، ومجلس التعاون الخليجي، هو متغير آخر يؤثر على دعم الصين بين الدول النامية، وفقاً لما نشرته المجلة.
ويتعلق العنصر الأخير في إعادة النظر في السياسة الخارجية للصين بالقوة العسكرية؛ حيث تعتقد بكين أن الغرب غير قادر على الفهم أو التعاطف مع ما تعتبره مخاوف أمنية روسية مشروعة.
اقرأ أيضاً: الصين والعصر النووي الجديد
وبالتالي، لا يوجد سبب يدعو الصين إلى افتراض أن الولايات المتحدة وحلفاءها، سوف يتعاملون مع مخاوفها بشكل مختلف. ولأن الدبلوماسية ليست فعالة، وتستغرق جهودها وقتاً طويلاً، فقد تضطر الصين إلى استخدام القوة؛ لإظهار عزمها على المضي قدماً في أي من مسارات استراتيجيتها الجديدة.
بوني لين: زميل أول شؤون الأمن الآسيوي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.
جود بلانشيت: باحث متفرغ في الدراسات الصينية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.