الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
الصورة وعكسها.. عندما كان اللجوء من أوروبا إلى سوريا

كيوبوست
على مدى الساعة تتحرك قوارب خفر السواحل اليوناني مع طول الشواطئ وعرضها؛ في محاولة لصد تدفُّق اللجوء السوري من جحيم الحرب المتجددة في إدلب، وسوء العيش في تركيا، وخلال هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر تسرَّبت مقاطع فيديو تُظهر ممارسات تخلو من الإنسانية يحاول فيها الخفر إغراق الزوارق المكتظة باللاجئين السوريين.
أعادت قصة اللجوء السوري التي باتت معروفةً للعالم أجمع، الأذهان إلى ما قبل قرابة 8 عقود عندما كانت الصورة معكوسةً تمامًا؛ إذ تدفقت في حينه موجة لجوء أوروبي من اليونان تجاه الشرق الأوسط؛ خصوصًا إلى سوريا.
اقرأ أيضًا: ليبيا.. سوريا جديدة على أبواب أوروبا
هما مشهدان؛ الأول للجوء السوري هربًا من لهيب الحرب إلى شواطئ اليونان اليوم، والثاني معاكس يظهر فيه لاجئون يونانيون وأوروبيون هاربون من جحيم الحرب بحثًا عن أمن في مدينة حلب السورية قبل عقود؛ تحديدًا في الحرب العالمية الثانية.
المقارنة التي تبدو درامية بين صورة مقابل صورة، تطفو إلى السطح بكثرة في مجتمع الأخبار العالمي خلال هذه الأيام.
يبرز موقع “E15.cz” التشيكي هذه المفارقة، ويبين أنه خلال الحرب العالمية الثانية هرب عشرات الآلاف من الأوروبيين إلى الشرق الأوسط.

ويلفت الموقع، في مقالة ترجمها “كيوبوست”، إلى أن هؤلاء الفارين من جحيم الحرب العالمية سافروا مثل لاجئي اليوم، عبر الجزر اليونانية.
“ومن المفارقات أن هؤلاء اللاجئين أقاموا في مخيمات أنشأها البريطانيون في عدة أماكن في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمساعدة المنظمات الدولية؛ أحدها كان في حلب السورية والتي هي اليوم مثال على الدمار، وقد فرّ منها مئات الآلاف إلى مخيمات لجوء في تركيا وأوروبا”، يضيف الموقع.
اقرأ أيضًا: مع تدفُّق اللاجئين.. هل هي نهاية الوجود الكردي في سوريا؟
وتشير تقارير متطابقة إلى أن عدد اللاجئين من دول أوروبا إلى الشرق الأوسط بلغ عام 1943 ما بين 60- 80 ألف لاجئ، ومكثوا في مخيمات اللجوء إلى أن عادوا إلى ديارهم عام 1946.
وجاء معظم اللاجئين من يوغوسلافيا السابقة وبلغاريا وألبانيا واليونان وتركيا.
ويُظهر عدد من الصور التي كشف عنها موقع “أمازون” الأمريكي، عن مجموعات كبيرة من اللاجئين الأوروبيين في مدينة حلب السورية، وتظهر فيها حفاوة الاستقبال من قِبَل المواطنين المحليين.

وتكتب الكاتبة الألبانية أنكيلد بيلاري، في مدونة نُشرت عام 2015؛ حيث شهد ذلك العام موجة نزوح سوري كبيرة إلى أوروبا: “إن التاريخ يُعيد نفسه، ولكن في الشكل المعاكس بالفعل. في هذه الأيام نرى نفس الصور الخاصة باللاجئين؛ لكنْ هذه المرة السوريون وليس الإغريق هم الذين فروا من بلادهم التي دمرتها الحرب الأهلية. وهكذا فإن أرواحهم المنكوبة لم تجد وسيلةً أخرى للهروب من الهجرة إلى أوروبا عبر اليونان”.
ومؤخرًا، عادت قضية اللجوء السوري إلى أوروبا إلى الواجهة بعد إعلان تركيا فتح حدودها أمام اللاجئين للهروب باتجاه

وتوجه آلاف السوريين من الحدود التركية عبر البحر تجاه اليونان التي أغلقت حدودها تمامًا؛ ما فاقم من معاناة التشرد السوري.
وتضيف الكاتبة: “إن ما يحدث اليوم في سوريا يذكرنا بما حدث لليونانيين في الحرب العالمية الثانية؛ ما دفع الآلاف منهم إلى الهجرة بحثًا عن ملاذ آمن في الدول العربية”.
اقرأ أيضًا: تركيا متهمة بترحيل اللاجئين السوريين قسريًّا إلى بلادهم
وتتابع أنكيلد بيلاري: “حلب ثاني أكبر مدينة، كانت واحدة من المدن العربية التي استضافت الآلاف من الإغريق بسخاء. تُظهر الصورة المنشورة حشودًا من اللاجئين اليونانيين يرتدون ملابس ضيقة، بينما يصطف الشباب في انتظار المساعدة والطعام. تقول الصورة إنه تم إطعام نحو 12000 لاجئ يوناني في حلب”.

وحول هذه المقاربة، يقول المؤرخ وأستاذ التاريخ والعلوم السياسية بجامعة بيرزيت، د.صالح عبدالجواد: “إن اللجوء الأوروبي تجاه البلدان العربية في الحرب العالمية هو لجوء هامشي ولا يقارن من حيث العدد بموجات اللجوء المعاكسة اليوم”.
وأضاف عبدالجواد، في حديث إلى “كيوبوست”، أن المقاربة غير دقيقة من حيث حجم اللجوء، وأيضًا “نحن الآن نتحدث عن هجرة كبيرة جدًّا وبالأساس غير مؤقتة”.